تطاوين التونسية.. شهر من الاحتجاج

استمرار اعتصام المحتجين في تطاوين بتونس
استمرار اعتصام المحتجين في تطاوين بتونس (الجزيرة-أرشيف)

منذ أسبوعين توجه محتجون من العديد من مناطق محافظة تطاوين التونسية الحدودية مع ليبيا (جنوب) إلى مخيم في منطقة الكامور للاعتصام وقطع الطريق أمام الإمدادات والمؤونة ومستلزمات العمل عن شركات الطاقة.

وتعيش تطاوين منذ مطلع أبريل/نيسان الماضي على وقع احتجاجات مطالبة بالتوظيف داخل حقول النفط في المنطقة.
 
والكامور هي نقطة عبور معظم شاحنات شركات النفط والغاز الناشطة في الصحراء التونسية، وتبعد قرابة 110 كلم عن مركز محافظة تطاوين.

وتنشط في الجنوب التونسي، وخاصة في تطاوين البالغ عدد سكانها قرابة 149.4 ألف نسمة -من أصل أكثر من 11 مليون نسمة-، العديد من الشركات الأجنبية العاملة في مجال التنقيب عن النفط والغاز اللذين تزخر بهما الولاية.

عودة الاحتجاجات الفئوية بولاية تطاوين التونسية (الجزيرة-أرشيف)
عودة الاحتجاجات الفئوية بولاية تطاوين التونسية (الجزيرة-أرشيف)

داخل المخيم توجد قرابة سبعين خيمة يعتصم فيها حوالي ألف شاب بصفة متواصلة. ووسط المخيم تتوفر معظم مرافق العيش من أكل وشرب وخدمات صحية، حيث توجد سيارتا إسعاف وحماية مدنية وخيمة صغيرة يتوفر فيها العلاج الأولى تحت إشراف الهلال الأحمر التونسي.

لا تراجع
ولعل أبرز ما يلفت الانتباه عند دخول المخيم هي عبارة باتت شهيرة بين المحتجين "الرخ.. لا" (لا تراجع)، التي كتبت على أغلب الدكاكين والخيمات، لتكون الشعار الأكثر ترديدا بين المحتجين وأهالي المنطقة.

ويقصد المحتجون بهذه العبارة عدم الرضوخ أو الاستسلام للوضع التنموي الضعيف للغاية الذي تعيشه محافظة تطاوين.

وإضافة إلى المطالب التشغيلية، ينادي المحتجون بضرورة الكشف عن حجم الثروات الطبيعية المستخرجة من حقول النفط والغاز المنتشرة في الصحراء التونسية.

وتسعى تونس إلى توفير مبدأ الشفافية في ملف الطاقة عبر المصادقة بمجلس نواب الشعب (البرلمان) مؤخرا على تعديل قانون المحروقات، الذي ينظّم عقود النفط مع الشركات البترولية، وذلك لتتلاءم مع الفصل الـ13 من الدستور.

أهالي مدينة تطاوين التونسية يواصلون اعتصامهم للمطالبة بالتنمية (الجزيرة-أرشيف)
أهالي مدينة تطاوين التونسية يواصلون اعتصامهم للمطالبة بالتنمية (الجزيرة-أرشيف)

وينص هذا الفصل على أن الثروات الطبيعية ملك للشعب التونسي، تمارس الدولة السيادة عليها باسمه، وأن عقود الاستثمار المتعلقة بها تعرض على اللجنة المختصة في البرلمان، كما تعرض الاتفاقيات التي تبرم في شأنها على المجلس للموافقة.

قطاع الطاقة
وخلال زيارة رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد لمحافظة تطاوين برفقة وفد وزاري، قبل أكثر من أسبوعين، شدد على سعي الحكومة إلى مزيد من تكريس مبدأ الشفافية في قطاع الطاقة.

وأطلق أكثر من وزير تصريحات متفائلة بقرب التوصل إلى اتفاق مع المحتجين يقضي بفض الاعتصام وإنهاء إغلاق الطرق الصحراوية، لكن الاعتصام لا يزال مستمرا دون التوصل إلى حل. ورغم ذلك، لا يزال ملف الطاقة في تونس يطرح العديد من التساؤلات عن قيمة الإنتاج في هذه الحقول.

وقال عبد المطلب الودرني الأستاذ الجامعي المختص في الطاقات المتجددة في المدرسة الوطنية للمهندسين بمحافظة قابس (جنوب)، إن البعض يتحدث عن أن تونس تعيش على بحر إنتاج كامل من البترول والغاز، وهذه مغالطة للرأي العام التونسي، فحجم إنتاج تونس لا يمكن مقارنته مع أي دولة نفطية أخرى.

محتجون في تطاوين يرفضون إجراءات الحكومة التونسية (الجزيرة-أرشيف)
محتجون في تطاوين يرفضون إجراءات الحكومة التونسية (الجزيرة-أرشيف)

بحسب وزير الطاقة التونسي السابق منجي مرزوق يتراوح إنتاج تونس من النفط بين 43 و45 ألف برميل يوميا، معتبرا أن الإشكال الأبرز في قطاع الطاقة يكمن في مسألة الشفافية.

فساد الشركات
وكان مرزوق اتهم مراقبي مصاريف الإنتاج، الذين يعملون مع الشركة التونسية، بالفساد الذي يخسر الدولة التونسية عائدات كبيرة في هذا القطاع.

وتدخل الدولة التونسية في عملية شراكة مع شركات أجنبية للبحث أو الاستثمار في قطاع الغاز والطاقة، وترصد عملية الإنتاج من خلال مبعوثيها كمراقبين يتابعون العدادات وحجم المصاريف.

ووفق خبراء في مجال الطاقة فإن استغلال حقول النفط يؤثر بشكل كبير على الوضع البيئي التونسي، حيث قال الودرني إنه بحلول عام 2030 سيشهد مخزون النفط في كل دول العالم ومنها تونس تراجعا في مستوى الإنتاج، ومن هنا ستظهر تأثيرات سلبية في مستوى استخراج النفط على الطبقة المائية.

وختم الأستاذ الجامعي التونسي بأنه إضافة إلى مخزون الطاقة، توجد أرضية ملائمة في الصحراء التونسية لإنشاء مشاريع في الطاقات المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية.

وتعاني تونس وضعا اقتصاديا صعبا، وتسعى حكومة الشاهد إلى تحقيق نمو بنسبة 2.5% خلال العام الجاري. ووافق صندوق النقد الدولي، منتصف الشهر الماضي، على الإفراج عن قسط ثانٍ لتونس قيمته 350 مليون دولار من قرض بقيمة 2.8 مليار دولار، ويشترط الصندوق أن تجري الحكومة التونسية إصلاحات اقتصادية، منها خفض الإنفاق على الأجور وتوجيهه نحو الاستثمار.

المصدر : وكالة الأناضول