إضراب الأسرى.. حضر الشعب وغابت القيادة

فلسطين -الضفة الغربية- مايو ايار2017- الفلسطينيون اقاموا خيما للاعتصام والتضامن مع الأسرى في معظم البلدات والمدن الفلسطينية-تصوير عاطف دغلس- الجزيرة نت 6
الفلسطينيون أقاموا خيما للاعتصام والتضامن مع الأسرى في معظم البلدات والمدن (الجزيرة نت)

عاطف دغلس-نابلس

للوهلة الأولى ظنت الفلسطينية رجاء أبو سخا أن إضرابها عن الطعام دعما لنجلها محمد الأسير في سجون الاحتلال سينتهي في غضون أيام، لاعتقادها أن التحركات الشعبية المسنودة سياسيا لن تترك الأسرى وحدهم يصارعون بأمعائهم الخاوية قيد السجن وعتمته، لكن هذا لم يحدث.

ولم تتوقع أبو سخا -التي تقطن مدينة جنين شمال الضفة الغربية– أن يطول بها الحال لـ26 يوما في إضرابها المتواصل عن الطعام إلا من بعض المدعمات الطبية، ورغم ذلك فهي لا تملك أن تنهيه ما لم تر أملا يلوح في الأفق لإنهاء معاناتهم.

وتقول السيدة الفلسطينية إنها لم تلمس التحرك السياسي المطلوب رغم تواجدها المستمر في خيمة الاعتصام، وهو ما يجعلها متخوفة مع تصعيد الأسرى إضرابهم.

وأمام اقتراب الأسرى من إنهاء الأسبوع الرابع في إضرابهم أطلقت صفارات الإنذار لتخطر بعواقب الغياب التام لتحركات وخطوات القيادة الفلسطينية كما يرى سياسيون ومراقبون تحدثوا للجزيرة نت وأكدوا أن دعم الأسرى لم يتجاوز الفعاليات الشعبية ولم يرتق لاستحقاقهم.

وكانت دعوات تبنتها لجان إسناد الأسرى والهيئات الوطنية قد طالبت الجماهير بتحركات أكثر جدية وجرأة في ظل تدهور حال الأسرى، ودعتهم للمواجهة المباشرة مع الاحتلال عند نقاط التماس في ما أطلقت عليه "خميس الحسم" و"جمعة الغضب"، حيث ستشهد مناطق مختلفة بالضفة مواجهات عدة.

السيدة رجاء أبو سخا مضربة عن الطعام تضامنا مع نجلها الأسير (الجزيرة نت)
السيدة رجاء أبو سخا مضربة عن الطعام تضامنا مع نجلها الأسير (الجزيرة نت)

من جهتها، قالت الناشطة في مجال الدفاع عن الأسرى صمود سعدات إن المستوى الرسمي الفلسطيني لم يدعم الأسرى وحسب، إنما "وقف عائقا" أمام تحركات الشارع وحال دون وصول المتظاهرين لمناطق الاحتكاك في أكثر من مكان.

كما أن القيادة -والكلام لسعدات- لم تمنع التصعيد الشعبي ولم تتبن إستراتيجية مقاومة لمساندة الأسرى، واتجهت بدلا من ذلك لتعزيز "التنسيق الأمني" والرهان على الخيار الأميركي بالعودة إلى المفاوضات.

ورأت الناشطة الفلسطينية أن "التفرد بالقرار السياسي" الفلسطيني يعيق التحرك المطلوب مع الأسرى، إضافة للصمت العربي وغرقه بوحل التطبيع مع الاحتلال وتواطؤ الموقف الدولي معه.

ولم يستغرب أستاذ الإعلام بجامعة بيرزيت نشأت الأقطش هذا الوضع، وقال إن الأسرى لم يعولوا منذ بدء إضرابهم على الموقف الرسمي وإنما على صمودهم لتحقيق مطالبهم الإنسانية وتحسين ظروف اعتقالهم.

وتحدث الأقطش عن خلاف كبير بين مروان البرغوثي المتزعم للإضراب وبين اللجنة المركزية لحركة التحرير الفلسطينية (فتح) التي حاولت ثنيه، لكنه أراد أن يثبت للقيادة ولنفسه أنه قادر على تحريك الشارع من داخل سجنه.

صلوات جمعة أقيمت عند نقاط تماس مع جنود الاحتلال في عدد من مناطق الضفة الغربية تضامنا مع الأسرى (الجزيرة نت)
صلوات جمعة أقيمت عند نقاط تماس مع جنود الاحتلال في عدد من مناطق الضفة الغربية تضامنا مع الأسرى (الجزيرة نت)

وعزا الأقطش موقف السلطة من الأسرى لانشغالها بكيفية الحفاظ على وجودها ومصالح المتنفذين بها في ظل انفصالها عن الشعب وانقسامها داخليا واختلافها مع الأنظمة العربية التي كانت ترعاها كمصر، لذا فهي لا تريد "تثوير" الشارع وإن كان لدعم الأسرى.

ويراهن كل من سعدات والأقطش على صمود الأسرى والتحرك الشعبي وتصعيده بشكل أكبر، إضافة إلى التضامن الدولي الذي بدأ يتدحرج لموقف جاد لصالح الأسرى، وفق الأقطش.

لكن عضو القيادة السياسية للجبهة الشعبية زاهر الششتري ذهب إلى أبعد من اتهامه السلطة وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية بالتقصير غير المبرر حيال الأسرى، وشكك بأن الفعاليات -ولا سيما المتعلقة بالمواجهات مع الاحتلال- يتم "التنسيق الأمني" لها.

وقال الششتري إن تصريحات بعض القيادات تأتي في سياق الاستهلاك الإعلامي "كدعوة وزير الخارجية رياض المالكي لاستنفار السفارات"، من دون التوجه لمحكمة الجنايات الدولية ولا إلى مؤسسات الأمم المتحدة.

المصدر : الجزيرة