أنفاق المقاومة… فشل عسكري وسجال سياسي بإسرائيل

تقرير مراقب الدولة بشأن حرب غزة وانعكاساته على إسرائيل
التقرير لا يشمل أسرار الحرب التي يحظر نشرها (الجزيرة)
 محمد محسن وتد ـ القدس المحتلة

على وقع سجال بين الأوساط السياسية والعسكرية بإسرائيل، فجره تقرير مراقب الدولة وتمحور حول إخفاقات الجيش أثناء العدوان العسكري على غزة في 2014، دوت صفارات الإنذار لتنذر بسقوط صاروخ على مستوطنات "شاعر هنيغف" المتاخمة للقطاع.

ولا يشمل تقرير المراقب القاضي يوسف شبيرا الذي يقع في 200 صفحة الأقسام السرية التي يحظر نشرها بذريعة "المس بالأمن القومي"، ولكنه سلط الضوء على أداء الحكومة الإسرائيلية قبيل الحرب وأثناءها، وإخفاقات الجيش بمواجهة أنفاق المقاومة.
 
وقد جه التقرير انتقادات شديدة اللهجة للقيادات السياسية والعسكرية، وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع وقت العدوان موشيه يعالون، ورئيس هيئة أركان الجيش في حينه بيني غانتس، ورئيس الاستخبارات العسكرية السابق أفيف كوخافي، بخصوص التهديدات المتوقعة من القطاع وغياب الاستراتيجية السياسية وعدم طرح البدائل التي من شأنها منع العدوان على غزة، لكن من دون أن تقدم أي توصيات ضدهم.

وكشف التقرير النقاب عن جهل الجيش بالحقائق حيال شبكة الأنفاق، وإخفاقه في التعامل معها، وغياب خطة وآليات عملية لتدميرها، في حين فشلت الاستخبارات العسكرية بتقدير واستقراء ما تخطط له القيادة العسكرية والسياسية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

‪متابعة لتدريبات لواء الجنوب بجيش الاحتلال الإسرائيلي قبالة قطاع غزة تحسبا لأي طارئ‬ متابعة لتدريبات لواء الجنوب بجيش الاحتلال الإسرائيلي قبالة قطاع غزة تحسبا لأي طارئ (الجزيرة)
‪متابعة لتدريبات لواء الجنوب بجيش الاحتلال الإسرائيلي قبالة قطاع غزة تحسبا لأي طارئ‬ متابعة لتدريبات لواء الجنوب بجيش الاحتلال الإسرائيلي قبالة قطاع غزة تحسبا لأي طارئ (الجزيرة)

العسكري والسياسي
وثمة انطباع بهيمنة السجال الحزبي على التقرير لدوافع سياسية، كما يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة تل أبيب أمل جمال الذي أكد أن "التنافس الحزبي على أصوات اليمين الإسرائيلي يغذي هذا السجال، خصوصا أن نتنياهو يسعى للحفاظ على مكانته الأمنية.

وقال جمال للجزيرة نت إن ما ورد من انتقادات لنتنياهو -الذي نجح عقب الحرب بإقصاء منافسه السياسي يعالون- من شأنه أن يقوض مكانته الأمنية التي ينافسه عليها وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان ورئيس حزب "البيت اليهودي" نفتالي بينيت، الذي يتطلع ليكون زعيما لمعسكر اليمين ولرئاسة الحكومة في المستقبل.

ويرى جمال أن دفاع نتنياهو عن المؤسستين العسكرية والأمنية "يأتي في سياق أهداف سياسية بغية الحفاظ على مكانته، حيث اختار أن يضع نفسه في خندق واحد معهما لتفادي حدة الانتقادات سواء من المعارضة أو حتى الأصوات المناهضة بالحكومة، على اعتبار أن المجتمع الإسرائيلي يكن الولاء والطاعة للجيش الذي يبقى فوق كل نقد".

‪الصفحات الداخلية لصحيفة يديعوت أحرونوت بعنوان 
‪الصفحات الداخلية لصحيفة يديعوت أحرونوت بعنوان "تقرير الحرب"‬   الصفحات الداخلية لصحيفة يديعوت أحرونوت بعنوان "تقرير الحرب" (الجزيرة)

الخيارات
وحسب المحلل العسكري الإسرائيلي آيال عليمة، فإن كل ما يتعلق بالعلاقات والصلاحيات بين المستوى السياسي والعسكري، "كان أشبه بهيئة صورية أخفيت عنها المعلومات والتقارير من قبل المستوى العسكري الذي فرض الأجندة بدلا من المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية "الكابينيت" الذي من المفترض أن يخطط ويحدد السياسات ويرشد قادة الجيش للأهداف التي يتطلع لتحقيقها.

ولفت عليمة في حديثه للجزيرة نت إلى أن أداء نتنياهو ويعالون فيما يتعلق بطرح الخيارات والبدائل السياسية والإنسانية قبيل الكابينيت "مثار للجدل حيث أخفيت عن الوزراء أي بدائل سياسية وتم تبني الخيارات التي قدمتها القيادة العسكرية".

ويرى أن "دمج القضايا العسكرية بالسياسة مثلما تكشف بالتقرير، أمر جوهري مهم، لكونه يثير القلق لدى المجتمع الإسرائيلي الذي لم تكشف عليه أي مبادرة سياسية التي كان من شأنها منع الحرب وربما الوصول لهدنة طويلة الأمد مع غزة.

ويضيف عليمة أن إسرائيل وحماس "غير معنيتين بالتصعيد العسكري، لكنه لا يستبعد أن يؤدي إطلاق الصواريخ على جنوب إسرائيل والقصف الإسرائيلي على القطاع بين الحين والآخر إلى حملة عسكرية متدرجة وتدهور الأوضاع نحو مواجهة شاملة من دون أن يريد الطرفان ذلك".

المصدر : الجزيرة