تصعيد بعدن على طريق إسقاط الشرعية

أنصار المجلس الانتقالي يجوبون شوارع مدينة كريتر أول أمس الثلاثاء للمطالبة بإسقاط حكومة الشرعية (الجزيرة نت)
أنصار المجلس الانتقالي جابوا الثلاثاء شوارع منطقة كريتر في عدن للمطالبة بإسقاط الحكومة (الجزيرة نت)

سمير حسن-عدن

يشهد جنوبي اليمن مرحلة جديدة من التصعيد ضد السلطة الشرعية بقيادة ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي، هي أشبه ما تكون بمعركة الأمتار الأخيرة، خاصة بعد اقتراب الصراع من مقر إقامة الحكومة في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد.

والمجلس الانتقالي كيان سياسي أسسه محافظ عدن المقال عيدروس الزبيدي في مايو/أيار الماضي، ويدعو لإقامة دولة ذات سيادة في جنوبي اليمن، ويحظى بدعم عسكري ومالي إماراتي مكنه من بسط نفوذه، والظهور كسلطة مناهضة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.

وخلال اليومين الماضيين صعّد المجلس تحركاته العسكرية والميدانية لإنهاء وجود حكومة الرئيس عبد ربه منصور هاديفي عدن، وأعلن العشرات من أنصاره الجمعة الماضي بدء اعتصام مفتوح وسط منطقة كريتر، التي تضم قصر "المعاشيق" الرئاسي ومقر الحكومة، ووضع المجلس مهلة محددة لرحيل الحكومة أو إسقاطها بالقوة.

وبموازاة ذلك، فرضت قوات الحزام الأمني الموالية لدولة الإمارات سيطرتها على ميناء الزيت، آخر قلاع الشرعية في عدن، بعد مواجهات دامية، وأصبحت تسيطر على جميع المنشآت والمرافق الحيوية بالمدينة، كمطار عدن الدولي ومينائي المعلا والحاويات، ومبنى السلطة المحلية، وعدد من المواقع العسكرية.

 
undefined

مناطق السيطرة
وتشكلت في عدن سلطتان، قسمتا المدينة لمربعات أمنية تسيطر على أكبرها قوات المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات، في حين تسيطر على أصغرها قوات تابعة لهادي.

وبرزت ثلاث قوى مسلحة كبرى تتحكم بالمدينة: قوتان تتبعان المجلس الانتقالي، وهما قوات الحزام الأمني التي تتحكم بمداخل المدينة البرية والبحرية والجوية، وقوات أمن مدينة عدن التي يديرها شلال شائع، وكلتا القوتين مدعومتان من الإمارات.

والثالثة هي قوات الحماية الرئاسية الموالية للرئيس اليمني، وتطور الخلاف مرارا بين تلك القوات ليصل إلى حالة صراع دموي، ووصلت الأزمة إلى حد منع هادي من العودة إلى عدن.

والوضع الحالي في عدن يفسره المراقبون باحتمالات وجود خطة ما لمرحلة جديدة باتجاه الانفصال والانقلاب على شرعية هادي المقيم في الرياض، في ما يصفه البعض بإقامة جبرية.

وتعيش عدن وضعا أمنيا متوترا تجسده التفجيرات والاغتيالات التي تستهدف مقرات حكومية وشخصيات عسكرية وسياسية، ويبدو المشهد الحالي أكثر تأزما مع تحول المدينة لساحة صراع بين قوى داخلية وخارجية متباينة الأجندات.

‪عبد السلام محمد قال إن هناك مخططا محكما للإطاحة بالشرعية‬  (الجزيرة نت)
‪عبد السلام محمد قال إن هناك مخططا محكما للإطاحة بالشرعية‬  (الجزيرة نت)

تفكيك الشرعية
ويرى أستاذ العلاقات الدولية عادل المسني أنه يجري نقل المعركة إلى مربعات خطيرة وحساسة تتجاوز الجدل حول إضعاف الشرعية إلى اجتثاثها، وهو "تطور خطير يضع الشرعية في موقف صعب وخيارات محدودة".

وقال المسني للجزيرة نت إنه مؤشر خطير على أن قرارا قد اتخذ من التحالف لإفساح الطريق لمشروع الانفصال، يفسره الصمت على التصعيد الذي تجاوز الخطوط الحمراء، وقد يذهب بالبلاد إلى مشارف انقلاب آخر يجرد الشرعية من نفوذها، ويمكن لأجندات الإمارات من التموضع في الجنوب.

وأضاف أن هناك مخططا محكما وإستراتيجية بوجهين: عسكري وسياسي للإطاحة بالشرعية.

ويتفق رئيس مركز أبعاد للدراسات الإستراتيجية عبد السلام محمد مع زميله في أن ما يجري في عدن هو خطوات نحو انقلاب على الحكومة الشرعية، معتبرا أن الهدف من هذا الانقلاب ليس انفصال الجنوب كما يعتقد البعض.

وأضاف في حديث للجزيرة نت أن هذا الانقلاب من قبل مليشيات تتخذ من الحزام الأمني واجهة عسكرية ومن المجلس الانتقالي واجهة سياسية ولديها غطاء إقليمي شبيه بانقلاب الحوثي وعلي عبد الله صالح على الرئيس هادي في صنعاء.

وقال إن هدف الانقلاب تفكيك بنية الشرعية وتمزيق النسيج الاجتماعي وضرب القوى الصلبة السياسية والقوى العسكرية التي قادت مقاومة الانقلاب ليسهل للإمارات السيطرة على مضيق باب المندب والموانئ اليمنية والجزر، خاصة جزيرة سقطرى.

وتابع المحلل اليمني أن هناك انعكاسات سلبية قد تقود الجنوب لدورة صراع جديدة شبيهة بأحداث يناير/كانون الثاني 1986 (حرب أهلية بجنوب اليمن)، وقال إن ذلك سيؤدي إلى فراغ كبير في إدارة الدولة يسهل على الحوثي الإطباق على مناطق الشمال، في حين تتمدد الجماعات الإرهابية إلى كثير من المناطق الجنوبية والشرقية.

المصدر : الجزيرة