العائدون من "أرض الخلافة".. تنظيم الدولة باق ويتمدد

A member loyal to the Islamic State in Iraq and the Levant (ISIL) waves an ISIL flag in Raqqa June 29, 2014. The offshoot of al Qaeda which has captured swathes of territory in Iraq and Syria has declared itself an Islamic
التقرير يقرأ في مشكلة قد يواجهها العالم مستقبلا مع آلاف العائدين من "أرض الخلافة" (الجزيرة)
محمد النجار
مع توالي هزائم تنظيم الدولة في العراق وسوريا وخسارته لنحو 85% من الأراضي التي كان يسيطر عليها عام 2014، والتي تعادل مساحة بريطانيا، يبدو أن مشكلة التنظيم ستنتقل إلى مرحلة أكثر تعقيدا عنوانها "العائدون من الخلافة".

ويركز تقرير أعلنه مركز صوفان للاستشارات الأمنية -ومقره نيويورك– أمس الثلاثاء على مشكلة العائدين من صفوف التنظيم، فمن بين 40 ألف أجنبي انضموا لتنظيم الدولة في العراق وسوريا من 110 دول، عاد 5600 منهم إلى 33 دولة حول العالم، بينهم 30% من أصل 5000 عادوا إلى دول الاتحاد الأوروبي، و10% أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عودتهم إلى روسيا ودول الاتحاد السوفياتي السابق من أصل نحو 9000 قاتلوا في صفوف التنظيم.

 
كما يكشف التقرير أن مواطني خمس دول هم الأكثر مساهمة في صفوف تنظيم الدولة، وهي روسيا
(3417)، والسعودية (3244)، والأردن (3000)، وتونس (2926)، وفرنسا (1910).
 
وعلى مستوى الأقاليم يعتبر مواطنو دول الاتحاد السوفياتي السابق الأكثر مساهمة في صفوف التنظيم
(8717)
، والشرق الأوسط (7054)، وأوروبا الغربية (5718)، ودول المغرب العربي (5319)، وجنوب شرق آسيا (1568)، والبلقان (845)، وأميركا الشمالية (439).

ولايات قائمة

ويلفت التقرير إلى أن خسارة تنظيم الدولة للأرض في العراق وسوريا لن تكون بالضرورة نهاية "عهد التمكين" بالنسبة له، فالتنظيم ما زال يحتفظ بوجود مقاتليه على الأرض في "ولاياته" بكل من ليبيا وسيناء في مصر، وخراسان بأفغانستان، عوضا عن عمله لتمكين وجوده في جنوب شرق آسيا.
لكن السؤال الذي يثيره التقرير هو أزمة هؤلاء العائدين، والخطر الأمني الكبير الذي يمكن أن يشكلوه في عشرات الدول حول العالم، الأمر الذي سيحول الحرب على التنظيم من العراق وسوريا إلى مشكلة محلية تعاني منها دول عدة حاليا، وهي قابلة للتمدد.
 
ويشير إلى أن خسارة التنظيم لعاصمته في الرقة ربما تعتبر في أدبيات مناصريه "مجرد محنة في طريق النصر"، وأن الرد على الهزائم المتتالية في العراق وسوريا سيكون من خلال شن هجمات محلية نجحت فعلا في دول غربية عديدة.
التقرير تحدث عن عودة 5600 مقاتل من التظيم إلى 33 دولة، من أصل 40 ألف مقاتل التحقوا بالتنظيم منذ 2014 (الجزيرة)
التقرير تحدث عن عودة 5600 مقاتل من التظيم إلى 33 دولة، من أصل 40 ألف مقاتل التحقوا بالتنظيم منذ 2014 (الجزيرة)

أنواع المقاتلين

ولعل أهم ما أشار إليه التقرير هو نوعية الذين التحقوا بصفوف التنظيم وهم كالتالي:
 
1) الذين التحقوا بالتنظيم وعادوا بعد وقت قصير:
وهؤلاء يشكلون فئة قليلة تركت "أرض الخلافة" قبل أن تنحسر لأنهم لم يجدوا فيها ما يبحثون عنه أو لم يوافقوا على أدبيات التنظيم وممارساته. ولكن التقرير ينبه إلى أنه يصعب التنبؤ بأفعال هؤلاء على المدى الطويل.
2) التحقوا بالتنظيم وعادوا محبطين:
وهؤلاء عادوا بعدما بدأ التنظيم يفقد قدرته على تحقيق النصر في المعارك، وهؤلاء تشكلت لديهم الشكوك، ولكنها ليست حول عقيدة التنظيم وإنما حول تكتيكاته وقدرة قيادته.
 
3) عادوا بعد أن تشبعوا بالتجربة:
وهؤلاء أعجبوا بالتنظيم و"صورته البطولية"، وسبب عودتهم أنهم حققوا رغبتهم في "المغامرة" التي بحثوا عنها، بينما لم يكن الاستمرار مغريا لهم.
4) ألقي القبض عليهم من قبل دولهم:
وهؤلاء إما أنهم عادوا إلى أوطانهم بعدما تلقى التنظيم خسائر أدت إلى انحسارهم، أو أنهم اعتقلوا أثناء المعارك.
 
5) دربهم التنظيم وأرسلهم إلى دولهم أو دول أخرى:
وهؤلاء هم الفئة الأخطر، وهم مقاتلون بدأ التنظيم منذ إعلانه الخلافة عام 2014 بتدريبهم وإرسالهم إلى دولهم أو دول أخرى.
 
ويلفت التقرير إلى أن المجندين من فرنسا وبلجيكا ربما كانوا النواة الأولى من النوع الأخير من مقاتلي التنظيم، وكانوا مسؤولين عن هجمات باريس في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، وبروكسل في مارس/آذار 2016.
 
كما أن هذه الفئة نفذت واحدة من أخطر هجمات التنظيم عندما هاجم مسلحون من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق مطار إسطنبول في يونيو/حزيران 2016، مما أسفر عن مقتل 45 شخصا.
 

النساء والأطفال
ويركز التقرير على أن التنظيم ربما عزز من هذه الفئة وإرسالها نحو العالم استعدادا لمرحلة انحساره وفقدانه للأرض، ويشير إلى اعترافات مقاتل في التنظيم ألقي القبض عليه في إحدى الدول الغربية بأن التنظيم منح المقاتلين الغربيين في صفوفه خيار الانضمام إلى مجموعة تدربت لمدة سبعة أشهر على شن هجمات في الخارج.

 
ويخلص التقرير إلى التركيز على مشكلة النساء والأطفال العائدين من التنظيم، ويلفت إلى أنه على الرغم من أن مؤسسه أبو مصعب الزرقاوي تشدد في منح النساء دورا قتاليا خاصة في تنفيذ العمليات الانتحارية، إلا أن التنظيم لاحقا خفف من القواعد الصارمة في هذا المجال.
 
ويشير إلى أن أدبيات التنظيم ومنها ما ورد في "الوثيقة التأسيسية لوحدة الخنساء التابعة للتنظيم" نصت على أن المرأة بإمكانها تنفيذ أدوار جهادية، وهنا يشير إلى أدوار لنساء في تنفيذ عمليات إرهابية بحسب ما ورد في تقرير لمعهد تحليل السياسات ومقره جاكرتا.
 
ويتابع تقرير مركز صوفان أنه بالرغم من أن هناك نساء التحقن بأزواجهن في "أرض الخلافة" دون رغبة منهن، فإن كثيرات منهن التحقن بالتنظيم عن قناعة ورغبة.
 
ويشير إلى أن أعداد النساء العائدات أو المعتقلات اللواتي ينتظرن العودة إلى أوطانهن، ربما يشكلن واحدا من أخطر أنواع العائدين، وهو ما يتطلب تعاملا خاصا معهن يتجاوز مسألة إعادة التأهيل.
المصدر : الجزيرة