قتال الأفغان بسوريا.. من أجل الطائفة أم المال؟

وسائل إعلام إيرانية تحدثت عن مقتل 200 من الأفغان الشيعة في سوريا منذ عام 2013
صورة نشرتها رويترز لقتلى أفغان سقطوا خلال المعارك في سوريا

"الأمر بالنسبة لي مسألة بحث عن مال فقط، ولم أقابل أحدا توجه إلى هناك لدوافع دينية" هكذا يختصر أحد الأفغان دوافع المقاتلين من أبناء بلده الذين يتوجهون إلى سوريا دفاعا عن نظام الأسد.

ويضيف شمس -وهو اسم مستعار اتخذه الرجل الذي ينتمي إلى الهزارة الشيعة، وولد في العاصمة كابل- أنه توجه مرتين إلى سوريا للقتال خلال عام 2016.

وليس هو الأفغاني الوحيد الذي يقاتل هناك، فقد توجه آلاف من مواطنيه الشيعة العاطلين عن العمل والذين لا يجدون آفاقا في بلادهم إلى سوريا للقتال إلى جانب قوات الأسد وحلفائها، وذلك بعد أن يتم تجنيدهم من قبل إيران.

وبعد أن كان التجنيد يشمل اللاجئين الأفغان بإيران والبالغ عددهم 2.5 مليون لاجئ غالبيتهم في وضع غير قانوني، بات يجتذب أفغانا من كل الأعمار من العاطلين الذين يذهبون للقتال في مكان آخر رغم أن بلادهم تعاني من الحروب منذ أربعين عاما.

يقصد المجندون الإيرانيون هذه المجموعة الفقيرة والتي غالبا ما تتعرض للتمييز بحثا عن عناصر لتعزيز صفوف "كتيبة الفاطميين" وقوامها ما بين عشرة وعشرين ألف أفغاني شيعي لمحاربة مقاتلي المعارضة السورية.

بدأت رحلة شمس نحو إيران عام 2016 بحثا عن عمل، وبعد شهر من الانتظار بلا عمل، قرر ركوب الأخطار والتوجه صوب سوريا.

وأضاف وهو يتحدث إلى مجندين أفغان "يشجعونك قائلين: ستدافع عن أماكن مقدسة وستكون مقاتلا من أجل الحرية، وإذا عدت حيا سيحق لك الإقامة لمدة عشر سنوات في إيران، كما سندفع لك 1.5 مليون تومان (400-450 دولارا) في مركز التجنيد كل شهر وعندما توقع فأنت تقبض ضعف هذا المبلغ".

تدريب
يتقاضى المكلفون بعمليات التجنيد عمولة قدرها مئة دولار قبل أن يرسلوا العناصر الجدد إلى دليجان (جنوب طهران) حيث يتابعون شهرا من التدريب العسكري مع مواطنين تتراوح أعمارهم بين "14 و60 عاما".

ولأن شمس لم تكن لديه خبرة سابقة بفنون القتال، فقد تعلم في المرة الأولى كيف يستخدم سلاحا رشاشا من طراز "أي كي -47" في حين تلقى في المرة الثانية تعليمات بسيطة حول المدفعية تحت إشراف عناصر من الحرس الثوري الذين يتولون أيضا نقل المجندين جوا لسوريا.

وأمضى مهمته الأولى بالقرب من دمشق بين مايو/أيار ويونيو/حزيران 2016 وكانت تقوم على حراسة ثكنة، وجرت الأمور على ما يرام ما حمل الشاب على العودة في سبتمبر/أيلول التالي. بيد أن الأجواء اختلفت في المرة الثانية، فقد أرسل بالقرب من حلب إلى الجبهة المواجهة لتنظيم الدولة الاسلامية وجبهة النصرة دون أن تكون لديه أي فكرة حول خلفيات المعركة أكثر من أنها مواجهة بين السنة والشيعة.

وكانت النتيجة وفق قوله أنه "في حلب تعرضنا لكمين، من أصل مئة شخص نجا منا 15 شخصا.. عند الوفاة يعاد الجثمان إلى إيران" وليس إلى أفغانستان حيث تتم المراسم في المساجد بدون جثمان أو تشييع، لكن الأسر تحصل على تعويض الوفاة.

وتقول منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن "كتيبة الفاطميين" تضم نحو 15 ألف أفغاني، أما نظيرتها الباكستانية "كتيبة الزينبيون" فتضم ألفا فقط.

سر عسكري
يقوم علي الفونة الباحث المساعد بمجلس "أتلانتك كاونسل" في واشنطن بإحصاء مراسم التشييع في إيران، ويقدر أنه "حتى 16 أكتوبر/تشرين الأول بلغ عدد الأفغان الذي قضوا في سوريا 764 شخصا منذ سبتمبر/أيلول 2013".

وتبدو المسألة حساسة من جانبي الحدود، ويتردد المقاتلون وذووهم في الكلام حولها. وتهمس خالة آمنة -وهي أم لستة أطفال- أن ابنها وحتى بلوغه الـ 18 قاتل مرتين في سوريا "لكن أسرتي لا تسمح لي بالتكلم معكم".

ويقر رمضان بشاردوست النائب من الهزارة في كابل بأن "عددهم سر عسكري" فهم "يتعرضون للاستغلال من قبل الحكومة الإيرانية، أما بالنسبة للحكومة الأفغانية فإن مآسي ومعاناة الشعب لا يطرحان مشكلة".

وأضاف بشاردوست "المسألة أثيرت مرات عدة في البرلمان، كما استدعت وزارة الخارجية السفير الإيراني مطلع أكتوبر/تشرين الأول" إثر تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" ندد بتجنيد مراهقين.

وعلى غرار "خليل" الذي توسلت إليه أمه، يبدو أن شمس فضل العودة إلى أفغانستان ويأمل بشراء دكان هناك، ويقول "لن أنصح أحدا بالتوجه إلى هناك إذا كان لديه عمل هنا".

المصدر : الفرنسية