تنظيم الدولة في ليبيا بميزان استخباري
نشرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية تقريرا عن الغارة الأميركية على موقع تنظيم الدولة الإسلامية في صبراتة الليبية بعد يوم من وقوعها، وتضمّن التقرير تقديرات لحجم تواجد التنظيم في ليبيا، عرضتها هارلين غامبير الباحثة المتخصصة في مكافحة الإرهاب في معهد دراسات الحرب ومقره واشنطن.
واستبعدت غامبير أن تؤدي ما أسمتها" المقاربة الجراحية" إلى "هزيمة تنظيم الدولة الذي يضم خمسة آلاف مقاتل يتلقّون تعزيزات بكوادر قيادية مرسلة من العراق وسوريا".
وأشارت إلى أن القوات البرية الليبية "غير مؤهلة لإقصاء داعش عن المناطق التي سيطرت عليها، والتي يمكن للجماعة استخدامها للتخطيط لهجمات في أوروبا".
وتفيد دراسة وقعتها غامبير على موقع المعهد بأن التنظيم بات يُحكم سيطرته على منطقة تمتد على مسافة مئتي كيلومتر في محيط سرت بعد أن صنفها منذ أغسطس/آب 2015 جزءا من أرض الخلافة، وأن مقاتليه يتراوحون حسب أحدث تقديرات البنتاغون بين 5000 و6500 مقاتل.
جباية
وتنقل وكالة أسوشيتد برس عن مصادر استخبارية غربية قولها إن تنظيم الدولة بدأ جباية ضرائب من السكان في سرت، وأنه أقام مؤسسات سلطة في محاكاة للمؤسسات التي أقامها في العراق وسوريا.
ومن الملفت في غارة صبراتة "دقتها المتناهية، حيث لم تخرج مترا واحدا عن الموقع المستهدف"، حسبما لاحظ المحلل الأمني التونسي علية العلاني.
ورجح العلاني أن تكون العملية ذاتها حصيلة تعاون استخباري أميركي-تونسي-ليبي، ويفيد هذا التقدير عمليا بأن العمل الاستخباري والعسكري الذي يقوم به الغرب مع السلطات القائمة في ليبيا لحصار تنظيم الدولة الإسلامية لا يظهر منه إلى العلن إلا القليل.
وسبق لإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أن أعطت مؤشرا على درجة اهتمامها بالحرب على تنظيم الدولة الإسلامية عندما استبدلت الجنرال جون ألن في سبتمبر/أيلول 2015 ببرت ماكغورك مبعوثا رئاسيا خاصا للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
جولة بعين العرب
وأثار ماكغورك جدلا عندما قام مطلع فبراير/شباط 2016 بجولة في بلدة عين العرب (كوباني) ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة الاتحاد الديمقراطي الكردي في شمال سوريا.
ولم يُبق ماكغورك جولته- التي أغضبت أنقرة عند الكشف عنها- بعيدا عن الإعلام، فقد غرّد على تويتر بعد عودته قائلا إنه ذهب إلى هناك للاطلاع على سير المعارك ضد تنظيم الدولة، و"ناقش الأمور الإنسانية والأمنية مع القادة والمواطنين المحليين".
في تقييم دوري لنتائج الحملة على تنظيم الدولة قدمه في 23 فبراير/شباط في البيت الأبيض، استعرض ماكغورك حصيلة الغارات الجوية والمعارك الأرضية ضد التنظيم في سوريا والعراق ومستويات التعاون مع حكومة حيدر العبادي |
وفي تقييم دوري لنتائج الحملة على تنظيم الدولة قدمه في 23 فبراير/شباط في البيت الأبيض، استعرض ماكغورك حصيلة الغارات الجوية والمعارك الأرضية ضد التنظيم في سوريا والعراق ومستويات التعاون مع حكومة حيدر العبادي.
أما عن ليبيا، فقال إن تنظيم الدولة يسعى "لإقامة أجهزة دولة"، وقال أيضا إن التنظيم يستخدم التكتيكات ذاتها في ليبيا، و"ما إن يتمكن حتى يصفي كل المنافسين ويبدأ استقطاب مقاتلين إلى داخل ليبيا".
ومضى قائلا إنهم يدعون "عبر مجلة دابق من يعجز عن الوصول إلى أرض الخلافة في سوريا أن يتجه إلى ليبيا، وحيث يبنون جذورهم في مكان مثل سرت يصفّون المنافسين ثم يبدؤون الهجمات في دول الجوار كما حصل في تونس".
ويفيد تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن مصادر الاستخبارات الأميركية أن عدد أعضاء تنظيم الدولة في سوريا والعراق انخفض من 31 ألفا وخمسمئة شخص إلى 25 ألفا لأسباب مختلفة، بينها الحملة التي تقودها الولايات المتحدة عليه، إلا أن عدد مقاتليه في ليبيا تضاعف في الفترة ذاتها ليصل إلى 6500 شخص. وأوضح ماكغورك في الإيجاز ذاته أن الرقم يمثل عدد المقاتلين الأجانب في صفوف التنظيم.