عراقيون محاصرون بين نيران البشمركة وتنظيم الدولة

In this Monday, Dec. 7, 2015, photo, clothes hang to dry in Harsham camp in Irbil, Iraq, where about 1,500 internally displaced Muslim families live. The Islamic State militants who stormed into the Iraqi town of Sinjar in 2014, massacring members of the Yazidi minority and forcing women into sexual slavery, are gone. But Sunni Muslims who lived alongside the Yazidis there for generations say their own nightmare is far from over and many have yet to return, saying they fear revenge. (AP Photo/Alice Martins)
مخيم للنازحين في أربيل (شمال العراق) حيث يعيش 1500 شخص هجروا من ديارهم بسبب تنظيم الدولة (أسوشيتد برس-أرشيف)

يعيش أكثر من خمسمئة رجل وامرأة وطفل عراقي محاصرين بين مرمى نيران القوات الكردية من ناحية ومقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية من الناحية الأخرى.

وفي شمال العراق يعيش هؤلاء منذ ثلاثة أشهر بين عالمين: عالم يريدون هم الرحيل عنه والثاني لا يسمح لهم بالدخول.

وتجسد ورطتهم المحنة الأوسع التي يجد العرب السنة أنفسهم فيها، ذلك الصراع الذي شرد الملايين في كل من العراق وسوريا.

وتريد المجموعة العالقة بين جبهتين في منطقة سنجار من العرب السنة الرحيل عن "دولة الخلافة" التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية، لكن الأكراد يرفضون السماح لهم بالمرور بعد أن أمنوا منطقتهم في الشمال وأصبحوا يخشون تسلل خصومهم عبر صفوفهم.

واستقبلت المنطقة الكردية نحو نصف 3.3 مليون عراقي نزحوا عن ديارهم داخل البلاد خلال العامين الأخيرين؛ الأمر الذي فرض عبئا ثقيلا على مواردها، ومن المنتظر أن يزيد العدد عندما تهاجم القوات الكردية الدولة الإسلامية في معاقلها الباقية.

وظلت هذه المجموعة من العراقيين عالقة منذ أن فرّ أفرادها من قرية جولات عندما هزمت القوات الكردية مقاتلي الدولة الإسلامية وأخرجتهم من منطقة سنجار في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

‪(أسوشيتد برس)‬ غارات على مواقع لتنظيم الدولة بسنجار
‪(أسوشيتد برس)‬ غارات على مواقع لتنظيم الدولة بسنجار

مخاوف ومصاعب
ويقول النازحون إنهم حتى إذا استطاعوا العودة إلى قريتهم فهم يخشون أن يتعرضوا لاعتداءات من جانب الإيزيديين المحليين الذين يتهمونهم بالتواطؤ في ما ارتكبته الدولة الإسلامية من فظائع بحق طائفتهم.

واستقرت المجموعة على مسافة خمسمئة متر تقريبا من المواقع الكردية ونصبت خياما وحفرت خنادق مؤقتة تحتمي بها عندما يطلق مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية قذائف المورتر على قوات البشمركة الكردية.

وفي مقابلات هاتفية مع وكالة رويترز قال ثلاثة رجال من قرية واحدة إنهم إذا عادوا فستقتلهم الدولة الإسلامية لمحاولتهم الهروب.

وقال الرجال الثلاثة إن طفلا وامرأة مسنة ماتا بسبب البرد وسوء التغذية ونقص الرعاية الطبية في شهور الشتاء، ولقي رجلان مصرعهما في انفجار لغم، في حين ذكر أحدهم أن مولودا آخر توفي أثناء ولادته الأسبوع الماضي.

ويفيد محمود -وهو مزارع- (48 عاما) بأن "المورتر أفضل من الجوع، فالمورتر يمكنك الاختباء منه أما الجوع فلا يختفي".

ويعاني المحاصرون من إصابات جلدية بسبب عجزهم عن الاستحمام، كما أن ما يشربونه من مياه الآبار ملوث، ولذلك يضعون أوعية لجمع مياه المطر عندما يسقط.

 

أطفال عراقيون يلهون بمخيم للنازحين بأربيل (أسوشيتد برس-أرشيف)
أطفال عراقيون يلهون بمخيم للنازحين بأربيل (أسوشيتد برس-أرشيف)

تهريب الطعام
وفي أول شهرين كان الطعام يهرب لهؤلاء المحاصرين من داخل أراضي الدولة الإسلامية، لكن مقاتلي التنظيم قاموا بتلغيم مسار التهريب.

وأصبحت المجموعة تعتمد الآن على ما تجود به العشائر العربية التي تعيش على الجانب الكردي من الخطوط الأمامية، واشترت في الآونة الأخيرة مؤنا أساسية سمح مقاتلو البشمركة بمرورها، بينما يكمل أفراد المجموعة غذاءهم بما يتيسر من نباتات تنمو حولهم.

وفي بعض الأحيان يقدم مقاتلو البشمركة الخبز من مؤنهم للأطفال بين النازحين عندما يتجولون وهم جوعى حتى الساتر الترابي الخاص بهم، لكنهم يقولون إنه لا يمكنهم السماح بمرور أحد عبر الخط الأمامي ما لم يتلقوا أوامر بذلك من قياداتهم.

وقال قائد هذه القوات إن قرار تحديد من يستبعد ليس بيده، لكن "كل من يوجد في المنطقة التي يوجد فيها الإرهابيون مشبوه".

وفي لقاء مع الصحفيين في جنيف الأسبوع الماضي، حث متحدث باسم لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان روبرت كولفيل السلطات الكردية على ضمان سلامة المجموعة وحصولها على المساعدات الإنسانية الأساسية.

وقال "إذا كانت لدى السلطات الكردية مخاوف أمنية بشأن مجموعة بعينها فيجب أن تتحقق من الناس على أساس فردي في موقع آمن وبشفافية كاملة بما يتفق مع القانون".

المصدر : رويترز