تصفية عقول العراق.. الأحزاب الدينية بدائرة الاتهام

البرلمان يصوت على الحكومة الجديدة
البرلمان العراقي يعتزم إصدار قوانين تحمي الكفاءات الوطنية في الداخل والخارج (الجزيرة)

الجزيرة نت-بغداد

تلقى عالم الأحياء فريد إسماعيل عبد الأحد رصاصة أردته قتيلا على الفور أمام منزله غرب العاصمة العراقية بغداد، وتتهم عائلته التيارات الدينية بتصفية علماء عراقيين خوفا من حصولهم على مواقع سياسية وحكومية، بعد أن بدأت بعض الأحزاب إقناع بعضهم بالترشح في الانتخابات المقبلة.

يقول محمد عبد الأحد -شقيق القتيل- للجزيرة نت إن "الكثير من عمليات الاغتيال نفذتها أحزاب إسلامية تحكم البلاد الآن"، دون أن يسميها.

عبد الأحد -الذي رفض نشر صورته خوفا من تصفيته- قال إن سبب موجة الاغتيالات الأخيرة هو إحساس تلك الأحزاب بأنها ستخسر مواقعها في الانتخابات المقبلة بمجرد أن يسلّط الإعلام الضوء على تلك الكفاءات المتبقية في العراق.

وعضد وجهة نظره بالقول إن أحد الأحزاب العلمانية تحرك تجاه تلك الكفاءات من أجل إقناعها بالترشح ودخول السياسة.

وسجّلت منظمات حقوقية عراقية عودة ظاهرة اغتيال الكفاءات العلمية في البلاد منذ مطلع العام الحالي، وما زالت هذه الظاهرة في تصاعد مستمر، وهي واحدة من أسوأ الكوابيس التي مر بها العراق عامي 2003 و2004.

وقد أعقبت هذه الظاهرة الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003 وسط اتهامات مباشرة للمليشيات بالوقوف وراء الاغتيالات السياسية والطائفية للعلماء العراقيين.

المنظمات الحقوقية العراقية سجلت عودة ظاهرة اغتيال الكفاءات العلمية في البلاد منذ مطلع العام الحالي

إلى أوروبا
وسجلت دائرة الجوازات العراقية مغادرة أكثر من أربعمئة عالم للبلاد خلال الأشهر الستة الماضية، معظمهم هاجر إلى أوروبا عبر مكاتب الهجرة التابعة للأمم المتحدة في إسطنبول وأبو ظبي وعمان.

وقبل مغادرته، كتب مختص الأعصاب والتخدير في وزارة الصحة الدكتور رياض الشيخ في صفحته على فيسبوك "كيف يمكن لأحدنا العمل مع مدير مؤسسة علمية طبية ضخمة يوصي مريضا وجده في رواق المستشفى بأن يذهب لرجل دين يقرأ عليه كي يتعافى من مرض الصدفيّة".

وتابع "لا أدري من جعله مديراً؟ وكيف يمكن أن نصلح واقع العراق العلمي والطبي بوجود مثل هؤلاء".

إلى ذلك، قال أحد أساتذة علم الاجتماع في جامعة بغداد إنه تلقى ظرفا به رصاصة ومكتوب بداخله "حياتك لا تكلفنا سوى رصاصة فأغلق فمك".

ويقول الأستاذ الذي عاد للعراق بعد سقوط نظام صدام حسين إن "العصابات لديها خطط شريرة لإفراغ البلد من العقول".

وأضاف -مفضلا عدم ذكر اسمه- "لا نريد شخصيات أحادية التفكير، بل نحتاج عقولا مرنة للتعامل مع الوضع في العراق"، ويرى أن الكفاءات العلمية وحدها يمكن أن تنقذ العراق من منزلقه الخطير.

ويعتقد أن التهديد الذي وصله أرسله متشددون أغضبتهم انتقادات وجهها لجماعات معينة في العراق على بعض الفضائيات العربية.

‪الزوبعي تحدث عن أجندات خارجية تعمل على إفراغ العراق من الكفاءات‬ (الجزيرة نت)
‪الزوبعي تحدث عن أجندات خارجية تعمل على إفراغ العراق من الكفاءات‬ (الجزيرة نت)

أجندة خارجية
في غضون ذلك، حذّر عضو لجنة النزاهة في مجلس النواب طلال خضير الزوبعي مما وصفها بأجندة خارجية تعمل على استهداف الكفاءات العراقية.

وأوضح الزوبعي للجزيرة نت أن عمليات القتل والاختطاف والترهيب التي تستهدف الكفاءات العراقية تتم وفق أجندة جهات خارجية بهدف إفراغ البلاد من طاقتها الإبداعية من أجل استمرار الفساد وسرقة الأموال وتدمير البنى التحتية.

وشدد على أن البرلمان والحكومة العراقية مطالبان اليوم بحماية الكفاءات العراقية وتقديم الدعم اللازم لها من أجل بناء البلد ومحاربة الفساد بكافة أنواعه.

وكانت رئاسة مجلس النواب العراقي أكدت مؤخرا أن البرلمان يعتزم إصدار قوانين ترعى العلماء العراقيين في الداخل والخارج كقانوني الخدمة البحثية والطاقة الذرية، مؤكدة ضرورة تقليل هجرة العلماء للخارج.

وكان تقرير للجنة الدولية للصليب الأحمر عام 2008 أكد أن أكثر من 2200 طبيب وممرض عراقي قتلوا، وأن 250 اختطفوا منذ عام 2003.

ووفق التقرير ذاته، فإن أكثر من عشرين ألفا من الكوادر الطبية -من مجموع 34 ألفا- اضطروا لمغادرة العراق بعد دخول القوات الأميركية إلى البلد، بينما اختفى الآلاف واغتيل عدد كبير من العلماء والأكاديميين، فضلا عن علماء الذرة.

المصدر : الجزيرة