جدل بتونس عقب الإفراج عن القليب الليبي

لحظة وصول دبلوماسيين تونسيين كانوا مختطفين في ليبيا - يونيو 2015-مطار العوينة العسكري-العاصمة تونس
الدبلوماسيون المختطفون وصلوا العاصمة التونسية أمس الجمعة (الجزيرة نت)

خميس بن بريك-تونس

تباينت ردود الفعل في تونس إزاء إفراج الحكومة عن القيادي في قوات فجر ليبيا وليد القليب قبل يومين من تسلمها دبلوماسييها العشرة الذين خطفوا في طرابلس قبل أسبوع.

وقد رأى البعض في هذه العملية نجاحا دبلوماسيا، فيما عبر آخرون عن استيائهم مما وصفوه بخضوع الدولة التونسية لابتزاز الخاطفين.

وحلّ أمس الجمعة بمطار العوينة العسكري في العاصمة التونسية الدبلوماسيون المختطفون بعد الاتفاق مع قوى ليبية على الإفراج عنهم. فيما قيل إن تحرير الدبلوماسيين جاء مقابل إخلاء سبيل وليد القليب الذي كان معتقلا في تونس بتهمة الإرهاب.

وقد أكدت مصادر رسمية تونسية خبر الإفراج عن القليب وعودته إلى طرابلس برا عبر طريق معبر راس الجدير المحاذي للحدود الغربية لليبيا، بعدما أمضى أسابيع في سجن المرناقية بالعاصمة تونس لاتهامه بخطف أشخاص وتكوين عصابة.

ورغم عودة الدبلوماسيين التونسيين سالمين عبرت جهات قضائية وسياسية عن انزعاجها الشديد بشأن تفاوض الحكومة مع "مليشيات مسلحة" اقتحمت القنصلية العامة لتونس بطرابلس قبل أسبوع "لاختطاف دبلوماسيين ومقايضتهم بإطلاق وليد القليب".

ونفت الحكومة التونسية أن تكون بادلت الدبلوماسيين بالقليب، مؤكدة أن تسليمه لبلده جاء في إطار اتفاقية قضائية ثنائية بين البلدين تسمح بترحيل الموقوفين قيد التحقيق لبلدهم الأصلي.

لكن رواية الحكومة لم تقنع العديد من الأوساط المتابعة للموضوع. ويقول رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء أحمد الرحموني إن الإفراج عن وليد القليب من قبل محكمة الاستئناف بتونس جاء نتيجة خضوعها لضغوط سياسية من قبل الحكومة "وليس في إطار ما يقتضيه القانون".

وطالب بفتح تحقيق بشأن ملابسات هذه الضغوط المرتبطة بتسليم القليب لطرابلس.

من جانبه، انتقد القيادي في الجبهة الشعبية اليسارية محسن النابتي ما اعتبره تفاوضا حكوميا مع "مليشيات مأجورة".

‪الرحموني: الحكومة تفاوضت مع العصابات وضغطت على القضاء‬ (الجزيرة نت)
‪الرحموني: الحكومة تفاوضت مع العصابات وضغطت على القضاء‬ (الجزيرة نت)

مفاوضة العصابات
وأكد أن تفاوض الحكومة مع عصابات اقتحمت الأراضي التونسية في مقر القنصلية أمر لا يليق بسيادة البلاد.

ويضيف أن تفاوض الدبلوماسية التونسية مع المليشيات الليبية انطلق فعليا عقب تسليم رئيس الوزراء الليبي السابق البغدادي المحمودي إلى طرابلس عام 2012 "رغم علمها بغياب شروط محاكمته بطريقة عادلة".

لكنه في المقابل رحب بقرار الحكومة التونسية إغلاق مقر قنصليتها في طرابلس، قائلا "نأمل أن يكون قرار الإغلاق هذا خطوة أولى في سياق استرجاع الدولة التونسية هيبتها وعدم السماح للمليشيات المأجورة في ليبيا بالتطاول عليها".

وكانت الحكومة التونسية قررت إغلاق قنصليتها في طرابلس بسبب تردي الأوضاع وتفاديا لوقوع عمليات اختطاف جديدة.

ويشار إلى أن تونس كانت من الدول القلائل التي أبقت وجودها الدبلوماسي في ليبيا.

من جهة أخرى يقول القيادي في حركة نداء تونس -التي تقود الائتلاف الحاكم- بوجمعة الرميلي إن الدبلوماسية التونسية حققت نجاحا كبيرا بإفراجها على المختطفين دون وقوع أضرار لهم.

‪الرميلي: الإفراج عن وليد القليب تم بمقتضى اتفاقية بين البلدين‬ (الجزيرة نت)
‪الرميلي: الإفراج عن وليد القليب تم بمقتضى اتفاقية بين البلدين‬ (الجزيرة نت)

المصلحة الوطنية
وأكد أن الحكومة التونسية راعت أثناء مفاوضاتها مع الأطراف الليبية المصلحة الوطنية، وراهنت بقوة على إنقاذ حياة الدبلوماسيين.

وأشار إلى أن قرار الحكومة الإفراج عن وليد القليب لم يكن في إطار صفقة، بل بمقتضى اتفاقية ثنائية بين البلدين موقعة عام 1961.

بدوره، قال القيادي في حركة النهضة الإسلامية كمال بن رمضان إن تسليم وليد القليب لم يكن في إطار "مقايضة"، بل تم وفق إجراءات قانونية وقضائية.

وقال إن الخارجية التونسية وقعت في الخطأ منذ الأول عندما انحازت لقوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر ضد قوات فجر ليبيا.

وأضاف أن بعض رجال الأعمال والسياسيين ووسائل الإعلام في تونس شنوا حملة ضد قوات فجر ليبيا لتحقيق أهداف سياسية الأمر الذي فجّر ردود فعل غاضبة.

ودعا بن رمضان لضرورة الوقوف على نفس المسافة بين الفرقاء الليبيين والتشديد على حل الأزمة الليبية عن طريق الحوار والنأي بتونس عن صراعات الجار القريب.

المصدر : الجزيرة