ما الكلفة المادية للعمليات الروسية بسوريا؟
اختبرت روسيا قدراتها القتالية في سوريا بطريقة غير مسبوقة، فالتدخل الروسي فيها يعد أول مشاركة قتالية للقوات الروسية خارج حدودها أو حدود دول الاتحاد السوفياتي السابق، منذ غزو أفغانستان عام 1989.
إلا أن روسيا تدرك -بحسب الجنرال- أن تمديد العمليات يكبدها تكاليف باهظة، وأن المتطلبات اللوجستية لقوة عسكرية في الخارج تجبر موسكو على نشر قوات برية في سوريا، مما قد يكبدها خسائر بشرية.
مليار دولار
ولكن ما كلفة التدخل الروسي ماديا؟ وهل يستطيع الاقتصاد الروسي المترنح أصلا تحمل هذه الكلفة؟
تجيب مجموعة "آي أتش أس جاينز" عن هذه الأسئلة في إحصاء نشرته في أكتوبر/تشرين الأول، يفيد بأن العمليات الحربية الروسية تكلف سنويا حوالي مليار دولار، هذا باستثناء خسائر الطائرات المحتملة.
ويقدّر البعض أن الكلفة تفوق هذا الرقم بثلاث مرات. كما أن موسكو نشرت منظومات دفاع جوية منذ صدور تقرير "جاينز"، تستلزم مركبات وأفرادا وكلفة إضافية.
ولا تبدو كلفة التدخل الروسي في سوريا مرتفعة إذا قورنت بميزانية الكرملين الدفاعية الإجمالية للعام الجاري، التي قدّرتها صحيفة "موسكو تايمز" بخمسين مليار دولار (3.1 تريليونات روبل).
إلا أن هذه الميزانية التي حُددت في الأساس بـ3.3 تريليونات روبل، تقلصت تحت ضغط تراجع اقتصادي وأزمة ركود وانهيار للعملة.
ويأتي هذا الاقتطاع في وقت كانت موسكو تتوقع فيه زيادة في الرواتب، وتهدف لتحديث تسليح قواتها وفقا لخطة وضعتها حتى عام 2020. ولا يبدو أن ميزانية الدفاع للعام المقبل تزيد عن سابقتها.
وإضافة إلى الكلفة المالية، فإن موسكو تخسر فرصة استخدام هذه التجهيزات والأفراد في مكان آخر.
مقاتلات وقاذفات
فعلى سبيل المثال، أشار وزير الدفاع الروسي إلى أن عشرات القوات الخاصة التي تدعم العمليات في أوكرانيا أُعيد نشرها في شهر أكتوبر/تشرين الأول لتقديم المشورة لجيش النظام السوري والمساعدة بتنسيق الضربات الجوية.
وفي موضوع الأسلحة الروسية المستخدمة في سوريا، نشرت أكثر من ثلاثين طائرة مقاتلة، إضافة إلى قاذفات متطورة وحديثة تستخدم للمرة الأولى، وعشرات المروحيات والطائرات من دون طيار.
وكشفت وزارة الدفاع الروسية أنه في الشهر الجاري ومنتصف الشهر الماضي، اجتازت نحو عشرين قاذفة بعيدة المدى آلاف الأميال لضرب أهداف في سوريا.
كما تمّ إطلاق صواريخ كروز من نوع "كاليبر 26" من بحر قزوين في أكتوبر/تشرين الأول، وأطلقت الغواصة "روستوف على نهر الدون" صواريخ "كاليبر" للمرة الأولى من البحر المتوسط مطلع الشهر الجاري.
وتدلّ هذه الضربات البعيدة المدى على أن موسكو لديها القدرة -إذا دعت الحاجة- على تخفيف العبء عن طائراتها وذخائرها في سوريا التي تكلف يوميا حوالي 750 ألف دولار.
عدد القوات
ولكن خيار القصف البعيد المدى مكلف أيضا، إذ يبلغ سعر صاروخ كروز نحو 1.5 مليون دولار. وإذا ما احتاجت روسيا إلى شن هجمات مكثّفة بعيدة المدى، فستزيد النفقات أضعافا مضاعفة.
أما بالنسبة لعدد القوات الجوية، فقدرها "المعهد الملكي البريطاني للخدمات المتحدة" الشهر الماضي بنحو 1350، وإذا أضفنا الوحدات البحرية والبرية المعنية مباشرة بالحملة العسكرية، فإن العدد يصل إلى حوالي 3500 شخص.
وتتحدث مصادر، أن موسكو ستنشر أكثر من خمسين مقاتلة إضافية في المستقبل القريب، لأن الإبقاء على العمليات الجوية بحوالي ثلاثين مقاتلة تُستخدم بكثرة، جهد كبير جدا.
ونقلت صحيفة "يو أس أي توداي" عن مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية وضباط في القوات الجوية، أن حوالي ثلث الطائرات الروسية في سوريا تتوقف عن الطيران في غضون أسابيع من بدء العمليات، وذلك بسبب المناخ أو لنقص في قطع الغيار. في المقابل، فإن معدّلات جهوزية مقاتلات القوات الجوية الأميركية تتخطّى 80% كمعدل عام.
يضاف إلى كل هذا احتمال استخدام موسكو "قاعدة الشعيرات الجوّية" جنوب شرق حمص، لزيادة طلعاتها، مما يضاعف الكلفة العسكرية عليها.
وتتطلب القاعدة زيادة عدد القوات إلى حوالي سبعة آلاف، إن لم تستطع القوّات السورية أو الإيرانية الدفاع كما ينبغي عن القاعدة.