مواجهة تنظيم الدولة بالأنبار.. عبر الأثير

إذاعة إلكترونية بالصومال
الإذاعة وسيلة الحكومة للتواصل مع المواطنين بمناطق تنظيم الدولة (الجزيرة-أرشيف)

الجزيرة نت-بغداد

ضمن مساعي القوات الحكومية العراقية لاسترجاع المناطق التي يسطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في محافظة الأنبار ومحافظات أخرى، أعلن في بغداد عن انطلاق بث إذاعة ممولة من قبل الحكومة الأميركية باتجاه المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في الأنبار، انطلاقا من مدينة الحبانية القريبة على مدينة الرمادي، مركز المحافظة.

وقالت مصادر مقربة من السفارة الأميركية إن "الإذاعة ستخصص ساعات من بثها يوميا لتحذير المواطنين من التعاون مع تنظيم الدولة، وحثهم على قتاله وتقديم المعلومات للقوات الأمنية عنه"، مشيرة إلى أن هذه المحطة سيتبعها محطات أخرى موجهة لمحافظات الموصل وصلاح الدين وديالى وكركوك وحزام بغداد.

وجاءت هذه الخطوة بالتزامن مع الحشد العسكري ومحاولة القوات الأمنية العراقية -مسنودة بمقاتلي بعض العشائر- محاصرة المدن التي يسيطر عليها ويتحصن فيها تنظيم الدولة منذ شهور، ولا سيما في محافظة الأنبار القريبة من بغداد.

ويبدو أن هذه الخطوة جاءت -كما يقول الكثيرون- بعد أن أثبتت الوسائل التقليدية -المتمثلة بإلقاء منشورات من الجو أو استخدام بعض البرامج الموجهة في الفضائيات- عدم فاعليتها في إحداث خرق داخل المدن المذكورة.

عناصر من الشرطة الاتحادية العراقية خلال معارك مع تنظيم الدولة بمحافظة الأنبار (الجزيرة نت)
عناصر من الشرطة الاتحادية العراقية خلال معارك مع تنظيم الدولة بمحافظة الأنبار (الجزيرة نت)

تفاؤل حذر
الكاتب الصحفي سلام خالد اعتبر الخطوة مهمة وضرورية، لأن معظم المناطق التي يسيطر عليها التنظيم تفتقر لوجود التيار الكهربائي ولا يتابع أهلها قنوات التلفزة العراقية، مما يسهل عملية وصول هذه الرسائل بصورة كبيرة، بالإضافة إلى أن الكثيرين من أهالي الأنبار يثقون بالإذاعات أكثر من ثقتهم بالقنوات الفضائية، على حد تعبيره.

وأضاف -في حديث للجزيرة نت- أن هذه الإذاعة يمكن أن تكون مؤثرة إذا ما أحسن القائمون عليها اختيار المواضيع المقدمة للجمهور المحلي، ولا سيما بعد أن فشلت البرامج التحريضية المباشرة في التأثير بشكل حقيقي هناك، مشيرا إلى ضرورة أن يكون خطاب الإذاعة مهنيا ويسعى إلى تفنيد ادعاءات تنظيم الدولة بعيدا عن المهاترات الإعلامية والأساليب التقليدية.

في المقابل أكد الباحث الاجتماعي ياسر الفهداوي، أن ارتباط هذه الإذاعة بأميركا يمكن أن يؤثر سلبا على قوة خطابها، حيث تسود حالة من العداء والكراهية لكل ما له ارتباط بالأميركيين، بسبب ما شهدته تلك المناطق من ممارسات وحشية أيام الاحتلال.

وتساءل الفهداوي "هل عجزت الأحزاب والحركات السنية والعشائر المحلية عن تمويل وافتتاح إذاعة توجه لسكان تلك المناطق حتى نلجأ للأميركان؟"، مضيفا "لو كانت الحكومة جادة فعلا في استرجاع تلك المدن والمناطق فإن عليها أن تلجأ لإعلاميين محليين وبتمويل عراقي، وتراعي خصوصية وأوضاع المحافظات السنية".

‪مقاتل من الصحوات على خطوط التماس مع تنظيم الدولة بالأنبار‬ (الجزيرة نت)
‪مقاتل من الصحوات على خطوط التماس مع تنظيم الدولة بالأنبار‬ (الجزيرة نت)

بلا تأثير
لكن أبو مصطفى العلواني -أحد سكان الرمادي الذين استطاعوا مغادرتها قبل أسبوع- أكد للجزيرة نت أن معظم أهالي الرمادي والفلوجة هربوا من المدينة خوفا على حياتهم في ظل استمرار المعارك، ولم يتبق داخلهما سوى الفقراء الذين لا يستطيعون مغادرتها.

وأضاف أنه اضطر لدفع مبالغ كبيرة لبعض المهربين للخروج من المدينة التي تتعرض لقصف شبه يومي من قبل الجيش العراقي وقوات التحالف.

أما أبو محمد العلياوي -وهو نازح آخر استطاع الخروج من الرمادي قبل ثلاثة شهور- فشدد على أن معظم سكان الأنبار يرفضون تنظيم الدولة وممارساته ويعتبرونها مجافية للدين والتقاليد العشائرية، لكنهم في ذات الوقت لا يثقون بالقوات الأمنية الحكومية بعد تجاربهم الطويلة معها.

وأوضح للجزيرة نت أنه في ظل القصف اليومي الذي تتعرض له المدن السنية الخاضعة لسيطرة التنظيم، وما واجهه أبناؤها أثناء وبعد نزوحهم إلى بغداد من منع الدخول بدون كفيل والاعتقالات وعمليات الاختطاف التي تقوم بها بعض المليشيات تحت غطاء الدولة، لا يمكن أن يثق هؤلاء أو يستمعوا لأي إذاعات تدعوهم للقتال بجانب القوات الحكومية.

المصدر : الجزيرة