تدمير مصانع بغزة يفقد نساء قوت عائلاتهن

مصنع العودة تعرض لعشرات القذائف خلال العدوان
مصنع العودة تعرض لعشرات القذائف أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة (الجزيرة)

أحمد عبد العال-غزة

كحال كثيرات بقطاع غزة، يلف الحزن أم محمد (أربعون عاماً) لتوقف مصدر الرزق الوحيد لعائلتها التي تعولها، بعد تدمير مكان عملها أثناء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع.

وتقول أم محمد -التي رفضت الإفصاح عن اسمها لأسباب خاصة- للجزيرة نت "بعد أن تم إحراق وتدمير أجزاء كبيرة من المصنع (العودة) الذي كنت أعمل فيه قبل الحرب، أنتظر في بيتي إعادة صيانته وإعماره حتى أعود لكسب رزق عائلتي التي أعولها".

هذه السيدة غير المتزوجة هي التي تعول والدها -الذي أقعده المرض عن العمل- وأخوتها السبعة، وكانت تتقاضى سابقاً في المصنع المدمر قرابة سبعمائة شيكل شهرياً (أي مائتي دولار أميركي)، وتعرض منزلها لأضرار جزئية في الحرب جراء قذائف الاحتلال الإسرائيلي.

وتعيش عائلة أم محمد -في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة- كمئات العائلات ظروفاً معيشية قاسية بعد انقطاع مصادر رزقها جراء تدمير مئات المصانع والمؤسسات الاقتصادية في العدوان الأخير على قطاع غزة.

‪‬ التلباني: اضطررنا لتوقف مائتي عامل في مصنع العودة بينهم 42 سيدة(الجزيرة)
‪‬ التلباني: اضطررنا لتوقف مائتي عامل في مصنع العودة بينهم 42 سيدة(الجزيرة)

تجاهل رسمي
من جهته، أكد محمد التلباني مدير عام مصنع العودة -الذي كانت تعمل فيه أم محمد والذي كان يعمل فيه قرابة 450 عاملا قبل الحرب- أن خسائر المصنع قدرت بـ24 مليون دولار أميركي، حيث تعرض للقصف بقذائف الاحتلال، التي أدت إلى احتراق وتدمير أجزاء كبيرة منه، وأدت إلى توقفه بالكامل.

ويقول التلباني في حديث للجزيرة نت اضطررنا بعد وقف العدوان واحتراق وتدمير أجزاء كبيرة من المصنع إلى وقف عمل مائتي عامل، من بينهم 42 سيدة اضطرتهن ظروفهن للعمل. ويضيف "وقف عمل أكثر من مائتي عامل يعني انقطاع مصدر رزق مائتي عائلة".

وأعرب مدير عام المصنع عن تذمره الشديد من عدم الاهتمام من قبل الجهات الرسمية (حكومة الوفاق) بالاقتصاد المحلي ودعمه. وقال "بدل أن تعمل الحكومة على ترميم ما دمره الاحتلال في الحرب ودعم المنتج الوطني، تعمل الحكومة على إغراق الأسواق بالبضائع الإسرائيلية والمستوردة، دون حسيب أو رقيب".

ويعاني أصحاب المصانع المدمرة من عدم إدخال مواد البناء لترميم ما دمره الاحتلال، فضلا عن عدم إدخال المواد الخام لتشغيل المصانع، وكذلك بسبب إغراق السوق بمنتجات الاحتلال والمنتجات المستوردة.

محاولة لتشغيل المصنع بالقدر الممكن بعد تسريح نصف العاملين(الجزيرة)
محاولة لتشغيل المصنع بالقدر الممكن بعد تسريح نصف العاملين(الجزيرة)

خسائر اقتصادية
ودعا التلباني إلى "تقنين الاستيراد من دولة الاحتلال ودعم المنتج الوطني، وإعادة إعمار ما دمره الاحتلال من مؤسسات اقتصادية، لأن ذلك سيسهم في تشغيل الأيدي العاملة في القطاع".

ولا يستطيع التلباني إدخال خبراء دوليين للمساعدة في تشغيل وصيانة الآلات الخاصة بالمصنع، بسبب الأوضاع القائمة. مشيراً إلى أنه كان سابقاً يدخل خبراء إيطاليين إلى قطاع غزة، ليدربوا الفنيين على عمل الآلات الحديثة.

وتقدر الإحصائيات أن الاحتلال الإسرائيلي دمّر خلال العدوان الأخير على قطاع غزة أكثر من 450 منشأة اقتصادية وصناعية بشكل كلي، وستمائة بشكل جزئي، مما تسبب في خسائر تقدر بحوالي مليار دولار.

وبحسب اتحاد الصناعات الفلسطينية، فإن الاحتلال دمّر مصانع أساسية تابعة لعدة قطاعات مثل قطاع الصناعات الغذائية والإنشائية والخشبية والكيميائية والبلاستيكية، حيث جاء الاستهداف في العدوان الأخير لتدمير ما تبقى من بقايا الاقتصاد الفلسطيني، بعد تعرضه لحربين سابقتين وحصار استمر ثماني سنوات.

المصدر : الجزيرة