الحروب الهجينة.. من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط

In this photo taken on Wednesday, Oct. 21, 2015, Russia-backed rebel tanks with a flag of the self-proclaimed Donetsk People's Republic, move to storage during the withdrawal of weapons near Novoazovsk, eastern Ukraine. The fighting has subsided, but Donetsk is quickly sinking into the past, a shabby Soviet-like state of empty streets and deprivation. Huge portraits of Josef Stalin hanging in the city center only reinforce the impression of failure. (AP Photo/Max Black)
انفصاليو أوكرانيا يحظون بدعم رسمي روسي (أسوشيتد برس)

اعتبر الكاتب الأميركي دوغلاس أوليفانت أن السنوات الأخيرة أفرزت نوعا جديدا من المجموعات المسلحة التي تمارس ضربا جديدا من حرب العصابات وتضم طاقات بشرية متعددة المواهب، وأسماها بالهجينة.

وصنّف الكاتب، الذي كان ضابطا في الجيش الأميركي، كلا من تنظيم الدولة الإسلامية وحزب الله اللبناني والمتمردين الأوكرانيين ضمن المجموعات المسلحة التي تشن "الحروب الهجينة"، فهي تستخدم خليطا من التكتيكات القتالية التقليدية وأساليب حرب العصابات والحرب الدعائية.

وفي مقال مطول نشر بموقع "وور أون ذا روكس" المتخصص بالأمن القومي، استند أوليفانت في تصنيفه إلى تكتيكات تنظيم الدولة وامتلاكه معدات ثقيلة، وحيازة حزب الله صواريخ وقدرات إلكترونية، وقدرة انفصاليي أوكرانيا على استخدام أنظمة دفاع جوي بعيدة المدى.

وبحسب الكاتب، تتبع الجماعات الهجينة سياسة "الأفعال لا الأقوال" لنسج علاقات وثيقة مع المجتمعات التي تعيش فيها، وباتت أساليبها تتحدى المحللين الأمنيين التقليديين الذين لم يعثروا في التاريخ الحديث على حالات مماثلة لتحليل الواقع الذي أفرزته، فهي تتمتع بقدرات توازي الجيوش الرسمية ولكنها تفتقر للشرعية.

وبرعت الجماعات الهجينة في التحرك ضمن "المنطقة الرمادية"، حيث تفرض أدنى درجات القانون والنظام على الأرض، وتستخدم أعلى درجات الكفاءة القتالية. وتفرض وجودها في المنطقة الرمادية بين هذين الواقعين، مما يمنحها حرية الحركة.

وتكمن نقاط قوة المنطقة الرمادية في ضعف فرص استهداف الجماعات الهجينة من قبل الحكومات، وعدم اضطرارها لمراعاة القوانين والأعراف الدولية، ودعم البيئات الحاضنة لها، مما يؤدي إلى تمتعها بمستوى منخفض من المخاطر لا سيما عندما تشن هجمات على مصالح غربية، بحسب أوليفانت.

وحذر الكاتب من الخلط بين المجموعات المتمردة التقليدية والمجموعات الهجينة، معتبرا أن تنظيم القاعدة والمجموعات العراقية والأفغانية التي قاتلت ضد الوجود العسكري الأجنبي في بلادها لا يمكن أن تصنف على أنها هجينة.

‪‬ تنظيم الدولة الإسلامية يستعرض صاروخ سكود في مدينة الرقة(أسوشيتد برس)
‪‬ تنظيم الدولة الإسلامية يستعرض صاروخ سكود في مدينة الرقة(أسوشيتد برس)

العراق وسوريا
وبالنظر إلى حالة تنظيم الدولة، رأى الكاتب أن نشاط القاعدة في العراق الذي قاده أبو مصعب الزرقاوي كان تقليديا، لم يتعد تكتيكات الكر والفر ونصب الكمائن واستخدام القناصين مع بث صور لعمليات الإعدام، لكن أفول نجم التنظيم بعد الحملة الأميركية مدعومة بمليشيات "الصحوات" ومليشيات شيعية أدى لانبثاق تنظيم الدولة بعد مقتل الزرقاوي، وأضيفت لنشاط القاعدة عناصر جديدة أبرزها الذراع الإعلامية وانضمام عناصر عسكرية وأمنية محترفة خدمت الدولة العراقية السابقة.

وتدخل التنظيم في سوريا معلنا دولة عاصمتها الرقة السورية، ثم اجتاح مناطق واسعة في العراق وانتزع الموصل مستغلا "افتقار النظام العراقي الديمقراطي لتأييد العالم الإسلامي السني، رغم عدم إعلانه عنها لتمتع النظام العراقي بالرعاية الأميركية".

وبالنظر إلى معركة الرمادي، عدّل التنظيم جرافات مدنية إلى عسكرية واستخدمها لفتح ثغرات في التحصينات الحكومية، ثم استخدم الثغرات لتمرير سيارات مفخخة في العمق، وتلك قدرات تفوق قدرات المجموعات التقليدية.

‪‬ حزب الله يمتلك أسلحة ثقيلة بما يناهز قدرات الجيوش الرسمية(الجزيرة)
‪‬ حزب الله يمتلك أسلحة ثقيلة بما يناهز قدرات الجيوش الرسمية(الجزيرة)

لبنان وأوكرانيا
وفيما يخص حزب الله، رأى الكاتب أنه المجموعة التي تمتلك أكبر إجماع عالمي على تصنيفها بـ"القوة الهجينة". فرغم أن مؤسسيه رجال دين فإنه رفع السلاح أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، وبينما بقت المجموعات الأخرى في لبنان تقليدية تحوّل حزب الله إلى قوة هجينة.

وأضاف أوليفانت أن حزب الله لا يسعى إلى إعلان دولة فهو يمتلك تمثيلا حكوميا، إلا أن تطويره قدرات مستقلة خاصة به جعله قوة هجينة، حيث تجلت قدرته على خوض الحرب الإلكترونية منذ التسعينيات حين اعترض موجات الطائرات المسيّرة الإسرائيلية.

وبالانتقال إلى أوكرانيا، اعتبر أوليفانت أن خطورة الانفصاليين على الولايات المتحدة تكمن في وجودهم خارج النظام الدولي الذي انبثق بعد الحرب العالمية الثانية، حيث لا توجد أرضية لمحاسبتهم، خاصة مع تمتعهم بدعم روسي رسمي.

ويدل إسقاطهم طائرة ماليزية عام 2014 على امتلاكهم قدرات تكنولوجية تفوق المتوفرة للمجموعات التقليدية، وهم يشبهون تنظيم الدولة بضمهم عناصر تدربت لدى جيوش نظامية.

واختتم الكاتب بأن أحد الوجوه الخطرة لهذا الوضع هو أن هناك مجموعات أخرى تشاهد وتتعلم.

المصدر : الصحافة الأميركية