فورين بوليسي: السياسة الأميركية تجاه روسيا فشلت

US President Barack Obama (L) holds a bilateral meeting with Russian President Vladimir Putin during the G8 summit at the Lough Erne resort near Enniskillen in Northern Ireland, on June 17, 2013. The conflict in Syria was set to dominate the G8 summit starting in Northern Ireland on Monday, with Western leaders upping pressure on Russia to back away from its support for President Bashar al-Assad. AFP PHOTO / JEWEL SAMAD
أوباما (يسار) وبوتين خلال لقاء سابق (الفرنسية)
تناولت مجلة فورين بوليسي العلاقات الأميركية الروسية، وقالت إن سياسة واشنطن تجاه موسكو قد فشلت، ودعت الإدارة الأميركية القادمة لاتباع استراتيجية جديدة تجاه روسيا، ووضع الكارثة في حلب نصب أعينها.

وعرضت فورين بوليسي من خلال مقال تحليلي اشترك فيه كل من ثوماس غراهام وماثيو روجانسكي أفكارا ومقترحات وصفتها بأنها ضرورية للرئيس الأميركي القادم لإعادة الولايات المتحدة إلى موقع القيادة.

وقالت إنه رغم المعاناة الظاهرية لروسيا جراء العزلة الدبلوماسية والاقتصادية في ظل العقوبات الدولية التي تقودها أميركا، فإن موسكو نجحت في تحدي مجموعة واسعة من المصالح الأميركية، خاصة في أوكرانيا وسوريا والفضاء الإلكتروني.

وأضافت أنه ينبغي للرئيس الأميركي القادم سواء أكان دونالد ترامب أو هيلاري كلينتون -الذي سيتولى زمام الأمور رسميا في 20 يناير/كانون الثاني 2017- أن يجعل نصب عينيه وضع نهج جديد للتعامل مع روسيا يكون على رأس الأولويات.

سفينة حربية روسية تعبر مضيق البوسفور في تركيا آخر العام الماضي (الأوروبية)
سفينة حربية روسية تعبر مضيق البوسفور في تركيا آخر العام الماضي (الأوروبية)

عقود ماضية
وأشارت إلى أن سياسة الولايات المتحدة تجاه روسيا من جانبي الجمهوريين والديمقراطيين الأميركيين للعقود الثلاثة الماضية اعتمدت على احتمال إلحاق الهزيمة بروسيا بشكل كامل، أو أن تصبح روسيا صديقة لأميركا وتتبع النهج الديمقراطي.

وأضافت فورين بوليسي أن روسيا ليست دولة ديمقراطية ولا تتعامل بالديمقراطية، وباتت دولة عظمى على الساحة العالمية، مشددة على ضرورة أن يقبل الرئيس الأميركي القادم الحقيقة المتمثلة في أنه لا يمكن إلحاق الهزيمة بروسيا ولا يمكن احتواؤها في ظل النظام العالمي الجديد المتعدد الأقطاب.

وقالت إنه ينبغي للرئيس الأميركي القادم أن يتعامل مع روسيا من منطلق التوازن الشامل بين التعاون والمنافسة بما يخدم المصالح الأميركية، وإن عليه أن يشجع موسكو على التعاون عند الحاجة بشأن أشياء مثل انتشار أسلحة الدمار الشامل.

كما أن على الرئيس الأميركي القادم الحد من قدرة روسيا على المناورة عند تعارض المصالح كما هو الحال في سوريا.

وأضافت أنه ينبغي للإدارة الأميركية القادمة أن تراعي المقترحات التالية بما يهم العلاقة مع روسيا:

أولا: الاعتراف بأن المشاكل الأميركية مع روسيا ليست فقط بسبب سلوكيات الرئيس فلاديمير بوتين. ومعرفة أن هذه المشاكل تعود لأسباب جيوسياسية حيث التنافس بين البلدين يتعلق بالمصالح الإستراتيجية التي تمتد في أنحاء العالم.

ثانيا- وقف التعامل مع الأزمة الأوكرانية على أنها أزمة جامدة، ومعرفة نوايا روسيا الحقيقية إزاءها.

ثالثا- التحدث بصدق وصراحة مع روسيا بشأن أوروبا، في ظل امتلاك موسكو للقوة الكافية لتشكيل البيئة الأمنية في القارة. وبالتالي ينبغي للإدارة الأميركية القادمة العمل على وضع الأساس لإطار أمني أوروبي يدوم أكثر، وذلك بمشاركة روسية.

رابعا – الدفع نحو السيطرة على السلاح بشكل أكبر، فبرغم اتفاقات خفض الأسلحة الاستراتيجية مثل معادة ستارت الجديدة لعام 2011، فإن روسيا هي البلد الوحيد القادر على تدمير الولايات المتحدة وشل حركة المجتمع في غضون ثلاثين دقيقة.

‪أطفال حلب ضحايا القصف الجوي لقوات النظام السوري وروسيا‬ (رويترز)
‪أطفال حلب ضحايا القصف الجوي لقوات النظام السوري وروسيا‬ (رويترز)

الأزمة السورية
خامسا- العمل مع روسيا في آسيا، فاحتواء الصين يعتبر مهمة مستحيلة في عالم اليوم، ولذا فيجب على الرئيس الأميركي القادم متابعة تحالفات مرونة مع القوى الكبرى الأخرى لتوجيه الطاقات الصينية بحيث لا تشكل خطرا على المصالح الجوهرية للولايات المتحدة.

سادسا- إدراك أن الشأن السوري هو أكبر من سوريا، وإنه بعد انهيار الهدنة الأخيرة، والكارثة الإنسانية في حلب، فإن الأزمة السورية تتطلب انتباها عاجلا.

–   إدراك أنه لا مجال أمام أميركا سوى التعامل مع روسيا التي تسللت إلى الشرق الأوسط عبر التدخل العسكري في سوريا في سبتمبر/أيلول 2015.

– وإن الاتفاق بين أميركا وروسيا بشأن سوريا قد يتأتى من خلال مناقشة العلاقة الأميركية مع روسيا بما يهم أوروبا، حيث يبدو أن موسكو ربطت الوضع في سوريا بالأزمة في أوكرانيا وبالأمن الأوروبي على النطاق الأوسع. ولكن إدارة أوباما ترفض الاعتراف بهذا الربط.

سابعا: إثبات الوعد الأميركي حيث أن الحرب الباردة انتهت عندما عرف الروس أن الأميركيين مجتمع ناجح، وعندما أرادوا محاكاة هذا النموذج.

لكن الثقة الروسية في المجتمع الأميركي كشريك جذاب تضاءلت في ظل:

–        فشل الولايات المتحدة في العراق وفي أفغانستان

–        استمرار آثار الأزمة المالية لعام 2008

أولويات
ودعت فورين بوليسي الإدارة الأميركية القادمة إلى أن تكون أولياتها منصبة على إخماد نيران الصراعات الإقليمية في أوكرانيا وسوريا ومنع التهديدات المتزايدة جراء انتشار أسلحة الدمار الشامل واشتعال سباق التسلح من جديد.

وقالت إن النجاح في أي من هذه القضايا يعتمد على صدقية وفعالية نهج الولايات المتحدة تجاهها من خلال التعاون مع روسيا، وذلك من خلال الموازنة بين قيم التعاون والمنافسة بما يهم المصالح الأميركية.

المصدر : الجزيرة + فورين بوليسي