أردوغان والأسد.. هل تجاوزت الصداقة السابقة إمكانية الترميم؟

كومبو اردوغان وبشار الأسد
قبل عشر سنوات بلغت الصداقة بين رجب طيب أردوغان عندما كان رئيسا للوزراء في تركيا مع الرئيس السوري بشار الأسد ذروتها، وذلك بعد عقود من عدم الانسجام والحرب الباردة بين الدولتين الجارتين.

وتمكنت أنقرة من نسج روابط متينة مع دمشق وازدهرت العلاقات التجارية والدبلوماسية، وعزز الكثير من التقارب بين البلدين صداقة شخصية بين أردوغان والأسد.

غير أنه مع اندلاع الثورة السورية عام 2011 أخذت العلاقة بين البلدين في التراجع، وعمدت أنقرة لنصح الأسد بضرورة الاستماع إلى مطالب المحتجين إلا أن الرئيس السوري واجه الاحتجاجات بعنف شديد، مما أدى إلى سقوط القتلى والجرحى إلى جانب آلاف المعتقلين، ورأت تركيا في النهاية الانحياز إلى الثورة الشعبية ومساندتها.

ومع تفاقم الحالة السورية ارتفع خطاب أردوغان ضد الأسد، وبلغ ذروته عندما وصف الأسد بالإرهابي، وأن حكومته تمارس إرهاب الدولة ضد شعبها.

دعم الثورة
وعلى مدى الصراع المستمر في سوريا منذ ثماني سنوات دعمت تركيا جماعات من الثوار السوريين، مع إصرار أردوغان على أنه لا يمكن أن يكون هناك حل سياسي في سوريا طالما بقي الأسد -الذي قتل مئات الألوف من مواطنيه- في السلطة.

وفي السنوات الأولى للثورة السورية وتقدمها على حساب النظام وسيطرتها على أجزاء كبيرة من البلاد دعت تركيا مثل العديد من القوى الإقليمية والغربية إلى رحيل الأسد.

غير أن الصورة تغيرت في سبتمبر/أيلول 2015 بعد تدخل روسيا مباشرة لصالح الأسد، الأمر الذي أدى إلى تغير المعادلة وأخذ النظام السوري يتقدم ويستعيد الأراضي، وهو ما دفع دولا غربية للتراجع عن رحيل الأسد إلا أن تركيا استمرت بطلب تنحيه.

الهاجس التركي
وفي العامين الأخيرين تحول تركيز أنقرة على وحدات حماية الشعب الكردية والتي اعتبرتها تهديدا أمنيا مباشرا لها بعد سيطرتها على أجزاء من الشمال السوري المحاذي لتركيا، ولكن مع ذلك لم تغير مطالبها برحيل الأسد إلا أن حدة الخطاب ضده تراجعت.

وفي زيارته الأسبوع الماضي إلى موسكو قال أردوغان إن "الهدف الوحيد لتركيا" هو محاربة جماعات مثل تنظيم الدولة الإسلامية ووحدات حماية الشعب.

وفي الشهر الماضي نقل عن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن بلاده ستدرس التعاطي مع الأسد إذا فاز في انتخابات ديمقراطية.

من جهتها، تسعى وحدات حماية الشعب إلى صفقة مع الأسد لتنجو من تركيا، ودعمت موسكو مثل هذا التوجه على اعتبار أن السيطرة على الأرض ستكون للنظام السوري، وهو ما قد يخفف مخاوف تركيا بشأن أطماع القوات الكردية الساعية لانتزاع حكم ذاتي في الشمال السوري.

ويرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قادر هاس في إسطنبول مداد شليكبالا أنه على الرغم من العداء بين الأسد وأردوغان فإن بوتين يمكنه لعب دور في جعلهما يعملان معا.

وأضاف "أردوغان يتمتع بالذكاء الكافي ليتمكن من وضع مشاعره الشخصية جانبا إذا رأى ميزة سياسية، لا أحد يستطيع أن يقول إن أردوغان لن يجتمع أبدا مع الأسد"، سوف تعتمد العلاقات ما بعد الصراع بين القوتين بشكل كبير على شكل الحكومة في دمشق بعد الانتخابات الرئاسية في غضون عامين، وعلى الرغم من أن الحكومة التي ستشكل لاحقا لن تختلف في الأغلب عن الحالية فإنها يمكن أن تتضمن شخصيات محسوبة على المعارضة.

أما بالنسبة لموقف تركيا من حكومة الأسد بعد الحرب فإن مؤلف كتاب "دور تركيا في الربيع العربي والنزاع السوري" شنر أكتورك قال إن أنقرة قد لا تعترف بشرعية النظام السوري، ولكن ستضطر للتعامل معه كأمر مفروض عليها كما تتعامل مع قبرص اليونانية والاحتلال الإسرائيلي للقدس الشرقية.

وأضاف أن تركيا بعد الحرب ستستخدم الأراضي السورية التي تسيطر عليها حاليا في شمال سوريا "كورقة مساومة" لتعزيز يدها، في حين تسعى إلى تحييد وحدات حماية الشعب.

أما العلاقة الشخصية بين الرئيسين التركي والسوري فيرجح معظم المراقبين أنها تضررت بشكل يتعذر إصلاحه.

المصدر : الجزيرة