واشنطن والقضية الفلسطينية.. ما الجديد في 2019؟

Senior White House Adviser Ivanka Trump and U.S. Treasury Secretary Steven Mnuchin stand next to the dedication plaque at the new U.S. embassy during the dedication ceremony in Jerusalem, May 14, 2018. REUTERS/Ronen Zvulun TPX IMAGES OF THE DAY
إيفانكا ترامب خلال حفل افتتاح سفارة واشنطن في القدس (رويترز)

كتب ريتشارد سلفرشتاين في موقع "ميدل إيست آي" البريطاني مقالا حمل عنوان "انتهى عام رهيب بالنسبة للشرق الأوسط والتغيير قادم من الولايات المتحدة"، وتناول الأزمات التي مرت بها المنطقة خلال العام المنصرم، وقدم فيه رؤيته لبعض التطورات التي يمكن أن تشهدها القضية الفلسطينية.

ويقول الكاتب في مقدمة مقاله إن 2018 كان عاما فظيعا بالنسبة للشرق الأوسط، فقد شهد شهورا من المجازر في غزة، والتوترات بين إسرائيل وحزب الله على الحدود الشمالية، وحصار قطر من قبل جيرانها، وموت 85 ألف طفل جوعا في اليمن، وتحالفا سنيا يشهر السيوف ضد إيران.

ورغم أن الرئيس السوري بشار الأسد يبدو أنه أمّن حكمه في سوريا، فإن النصر عزز قوة إيران وحزب الله أيضا، وهذا -بدوره- أثار غضب إسرائيل التي نفذت مئات الهجمات الجوية والاغتيالات ضد من تعتبرهم أعداءها داخل سوريا.

صفقة القرن
وفي الولايات المتحدة، تحدث الرئيس دونالد ترامب عن "صفقة القرن" دون الكشف عنها، لكنه أوقف المساعدات الأميركية للفلسطينيين ومساهمات بلاده في ميزانية الأونروا التي تدعم الفلسطينيين.

كذلك أغلق البعثة الدبلوماسية الفلسطينية في واشنطن، ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، مما أثار موجة هائلة من الغضب والاحتجاجات وسط الفلسطينيين وفي العالم الإسلامي.

من غير الواضح كيف يمكن أن تنحدر الأمور أكثر مما هي عليه حاليا، لكنها بالتأكيد لن تتحسن في عام 2019، وقد يتم أخيرا الكشف عن صفقة القرن، ولكن الفلسطينيين قد رفضوها واعتبروها صفقة ميتة في مهدها، وحتى الإسرائيليين -الذين تحابيهم الصفقة- لم يكونوا متحمسين في دعمها.

مؤيدون لفلسطين
من المرجح أن يكون الكونغرس الديمقراطي الجديد أكثر تشككا تجاه المنهجية السارية، حيث يعد ثلاثة أعضاء جدد بموجة تغيير في النهج الأميركي التقليدي تجاه إسرائيل.

فقد تعهدت رشيدة طليب، وهي أول عضوة أميركية فلسطينية في الكونغرس، بارتداء ثياب أمها الفلسطينية التقليدية في مراسم أداء اليمين، ويقف إلى جانبها إلهان عمر، وهي أول أميركية صومالية في الكونغرس، وأوكاسيو كورتيز، وهي مؤيدة أخرى لحقوق الفلسطينيين.

يدعم الثلاثة حركة مقاطعة إسرائيل (بي دي أس) التي تدعو لسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل.

لا نستطيع التأكيد بما فيه الكفاية على مدى ثورية كل هذا في سياق السياسة الأميركية، ولكن في الماضي كان أي عضو في الكونغرس يهمس بفلسطين يجد أحد أعضاء مجموعة الضغط (اللوبي) الإسرائيلي أمامه يذكره بضرورة الالتزام بدعم إسرائيل.

ولذلك فهؤلاء هم أول الممثلين الذين تجرؤوا على كسب الإجماع السياسي المشترك بهذه الطريقة، مما يمثل بداية لتغيير هائل في ديناميكيات السلطة في الكونغرس.

اللوبي الإسرائيلي
بالطبع، عندما تحدث ثورة، تكون هناك ثورة مضادة؛ فاللوبي الإسرائيلي يضغط بقوة من أجل مشروع قانون لمكافحة الحركة يجرم دعمها من قبل الشركات والأفراد.

ورغم معارضة الاتحاد الأميركي للحريات المدنية وغيره من جماعات حقوق الإنسان للتشريع، فإن أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين المتحالفين مع اللوبي يبذلون قصارى جهدهم منذ شهور لإنجاز القانون.

الأمور لن تتغير بين عشية وضحاها، ولا يزال اللوبي يحتفظ بسياسة صارمة للدفاع عن مصالح إسرائيل؛ فمنظمة لجنة العلاقات الأميركية الإسرائيلية (وتعرف باللوبي اليهودي (أيباك)) لديها ميزانية سنوية تبلغ مئة مليون دولار، وهي قادرة على توفير تمويل الحملات السياسية، والانتقام من أولئك الذين يعتبرون معاديين لمصالح اللوبي.

لكن الناخبين أظهروا استعدادا لانتخاب مرشحين يتوصلون إلى الإجماع المشترك حول هذه القضايا وغيرها. هذا هو السبب في نجاح بيرني ساندرز بشكل جيد في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية لعام 2016.

كما أن احتمالية ترشحه للرئاسة مرة أخرى في عام 2020 يشير إلى أن العلاقات مع إسرائيل في حالة تغير مستمر. وعلى الرغم من أن ساندرز لم يظهر أي تحول جذري في موقفه من سياسة الولايات المتحدة تجاه إسرائيل خلال ترشحه الأخير، فإنه أبدى استعدادًا لفحص دوافع اللوبي الإسرائيلي ونهجه السياسي.

التحضير للانتخابات
من نواح عديدة، سيكون عام 2019 عام انتقال؛ ستستعد الولايات المتحدة للانتخابات الرئاسية في العام التالي؛ المرشحون الديمقراطيون سيجوبون البلاد لحشد الأصوات للانتخابات التمهيدية، ومن المحتمل ألا يكون الشرق الأوسط قضية حملة كبرى في هذه الحملات.

لكن الجميع يعلم أن من يتم انتخابه سيجد أن القضية الإسرائيلية-الفلسطينية في قمة جدول أعمال السياسة الخارجية، وسيتم الضغط على المرشحين للتعبير عن وجهات نظرهم حول إسرائيل وفلسطين، وسيقدم معظمهم الإجابة النموذجية الشاذة للحملات الديمقراطية التقليدية.

ولكن بالنظر إلى الاضطرابات التي حدثت في انتخابات الكونغرس في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فإن بعض المرشحين -مثل ساندرز أو إليزابيث وارن- قد يفاجئون الجميع في جرأتهم.

يبقى السؤال الرئيسي: من سيفوز في عام 2020؟ يبدو من غير المحتمل أن يكون ترامب، الذي قد يتم عزله السنة المقبلة، رغم أن ذلك غير مضمون بأي حال من الأحوال.

وإذا فاز ديمقراطي تقدمي بالرئاسة، إلى جانب وجود أغلبية ديمقراطية جديدة في مجلس الشيوخ، فإن إسرائيل ستدخل في وضع مخيف. على الرغم من أن الرؤساء وديمقراطيي الكونغرس لم يقدموا -تقليديا- مقاومة تذكر لإسرائيل، وفي الوقت الذي تلاحق فيه مصالحها هنا وفي الخارج، فإننا نقف على أعتاب التغيير الرئيسي.

المصدر : ميدل إيست آي