النقال.. خير رفيق في رحلة اللاجئ

أحمد حسين لاجئ سوري شاب ببرلين لولا الهواتف الذكية ما تمكن لاجئون كثيرون من إتمام رحلاتهم عبر طريق البلقان. الجزيرة نت
أحمد حسين: لولا الهواتف الذكية ما تمكن لاجئون كثيرون من إتمام رحلاتهم عبر طريق البلقان (الجزيرة نت)

خالد شمت-برلين

يجلس الشاب السوري أحمد حسين بمقهي سلام الثقافي في العاصمة الألمانية برلين شاخصا ببصره نحو إعلانات عن دورة للاندماج وعروض لتعلم الألمانية مثبتة فوق شاشة هاتفه المحمول.
ويلتفت فجأة مخاطبا مواطنه يوسف الجالس بجواره منهمكا بمطالعة كتاب "ما بين يديك هو خير صديق في الحياة، وهذا الهاتف مثل خير رفيق برحلة لجوئنا الطويلة، ونافذة نتعرف منها على حقوقنا والفرص المتاحة ببداية حياتنا بوطننا البرليني الجديد".

وهز يوسف رأسه عدة مرات دون أن يحول نظراته من الكتاب، مؤمنا على كلام جاره بالمقهى الذي أسسه لاجئون سوريون ليكون مركزا لتلاقي مواطنيهم الذين لجأ أكثر من 15 ألفا منهم للعاصمة الألمانية منذ خريف عام 2015.

ضرورة
ويتقارب بالعمر أحمد -القادم من مدينة الرقة- مع مواطنه يوسف ابن مدينة طرطوس، وتجمع بين الاثنين تفاصيل مسيرة صعبة عبر البر والبحر، قالا إنها كانت ستكون بالغة الصعوبة وربما ما تمكنا من إتمامها بدون الهاتف الذكي.

وذكر أحمد للجزيرة نت أنه لولا تواصله عبر هاتفه الذكي -مع مجموعات تأسست على مواقع التواصل الاجتماعي لمساعدة اللاجئين- لضل طريقه عدة مرات وسار بطرق خطرة وطويلة، برحلته البرية من اليونان إلى مقدونيا وصربيا والمجر ثم ألمانيا.

وقال ضاحكا إنه اشترى بكل بلد مر به بطاقة للهاتف ليتمكن من استخدامه، حتى صار لديه معرض من البطاقات الصغيرة للهواتف.

ويلتقط يوسف طرف الحديث من جاره، ويشير إلى أن التواصل -مع مجموعات المساعدة المنتشرة بتركيا ودول البلقان وألمانيا- أنقذه وركاب قارب استقلوه من الغرق خلال رحلتهم من مدينة إزمير التركية لجزيرة كيوس اليونانية.

‪يوسف: الهواتف الذكية مثلت ضرورة لا غني عنها‬ يوسف: الهواتف الذكية مثلت ضرورة لا غني عنها (الجزيرة)
‪يوسف: الهواتف الذكية مثلت ضرورة لا غني عنها‬ يوسف: الهواتف الذكية مثلت ضرورة لا غني عنها (الجزيرة)

ثراء مزعوم
واستغرب يوسف ما سمعه بعد وصوله لألمانيا من وصف تقارير إعلامية للاجئين بالأثرياء بسبب امتلاكهم هواتف ذكية، واعتبر أنها كانت ضرورة لا غنى عنها وليس وسيلة ترفيه لأي لاجئ برحلته الصعبة لأوروبا.

وفي تأييد لرأيه، قال زميله أحمد إن هذه الضرورة مازالت مستمرة، لحاجة أي لاجئ للهاتف الذكي بالتعرف على برامج الاندماج والمساعدة وعروض تعلم لغة الوطن الجديد.

ومثلت الهواتف الذكية أهم أداة لكثير من اللاجئين برحلتهم الخطرة، ورابطا بينهم وأهلهم، ووسيلة لتحديد المواقع وتشكيل شبكات الإرشاد المعلوماتي.

وتتذكر ليلى الأم السورية الوافدة لبرلين قبل عامين رحلتها عبر طريق غربي البلقان الذي جاءت منه برفقة ابنتها ريم البالغة عشر سنوات.

وذكرت أن الهواتف الذكية أرشدتها وآلافا مثلها لطرق آمنة ومختصرة، وجنبت كثيرين من بينهم مرضى وحوامل الوقوع بقبضة قطاع الطرق أو الشرطة المقدونية التي كانت ستعيدهم لليونان بعد رحلة قطعوا فيها ثلاثمئة كيلومتر خلال أسبوعين. 

مجموعات المساعدة
ومثلت مجموعات فيسبوك وواتساب -لمساعدة اللاجئين السوريين برحلتهم الصعبة لأوروبا- أهم وسيلة لتبادل المعلومات بينهم حول الحدود المفتوحة، والقوارب والطرق البرية وشبكات المهربين، ومناطق الأسوار وتمركز الشرطة، وأفضل البلدان الأوروبية استقبالا للاجئين.

وتثني ريان التي وصلت برلين قبل عامين مع القادمين من طريق البلقان على دور هذه المجموعات المساعدة بمساعدة طالبي اللجوء السوريين خلال رحلاتهم، بطرق عملية من بينها التعرف على حالة الطقس برا وبحرا وكيفية تجنب احتيال المهربين وسائقي التاكسي بدول المرور.

وقالت اللاجئة السورية الشابة إنها انضمت من باب رد الجميل لإحدى هذه المجموعات التي طورت بعد ذلك دورها، بمساعدة اللاجئين السوريين بالتعرف على المدن الألمانية المقيمين فيها وتسهيل تنقلهم فيها، وتعريفهم بالمناطق التي توجد فيها التيارات اليمينية والشعبوية.

وخلصت ريان إلى أن النصيحة التي تقدمها بعد كل ما مرت به عبر هاتفها الذكي هي حث مواطنيها الراغبين على اللجوء لأوروبا على عدم المخاطرة بحياتهم لأن القارة العجوز ليست جنة.

المصدر : الجزيرة