الأسرى المرضى.. حبة دواء لكل داء

660 عدد الأسرى المرضى في سجون الاحتلال
سبعمئة أسير مريض يقبعون حاليا في سجون الاحتلال (الجزيرة نت)

فادي العصا-القدس المحتلة

بمشاعر ممزوجة بين ألم فراق رفاقه الأسرى وفرحة التحرر ولقاء أهله وذويه، يعيش الشاب خالد عزيز صلاح (38 عاما) ساعاته الأخيرة، بعد أن أمضى عشر سنوات في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

يقول صلاح إن مصافحته الأخيرة للأسرى كبار السن ووداعهم له وأيديهم ترتجف في يده، لا يمكن وصفها. ويتساءل: "كيف أنسى ألم المرضى من الأسرى وحنينهم إلى أهاليهم، والمماطلة في علاجهم، وتفاقم حالاتهم الصحية؟".

ويصف صلاح للجزيرة نت معاناة المريض الأسير، ويقول إنه يمضي ثلاثة أشهر إلى خمسة من الانتظار حتى يتم فحصه في عيادة طبية ملاصقة للسجن، وبعدها يسلم ورقة ليتنظر من 20 إلى 24 شهرا حتى ينتقل إلى المستشفى، "ولكن أي مستشفى؟!".

إنه مستشفى الرملة الذي "يسميه الأسرى مستشفى التشريح، حيث لا أطباء ولا متخصصون ولا دواء ولا يرقى حتى ليكون عيادة".

ويقول صلاح إنه بعد أشهر من المماطلة والحجوزات يتم تشخيص الحالة الطبية، ليعاد الأسير إلى السجن لتلقي العلاج الذي يكون في الغالب "حبة دواء تستخدم لأوجاع الرأس، مهما كان مرضك فإن هذا هو علاجك!".

ولا تنتهي القصة هنا -بحسب صلاح- فالفراغ الذي يعيشه الأسير وبقاؤه يفكر في حالته الصحية يزيد من أوجاعه، وهذا يغير من حالته النفسية إلى الأسوأ، ويؤثر أيضا على الأسرى في غرفته وقسمه الذي يتسع لـ120 أسيرا.

أم أسير وهي بانتظاره (الجزيرة)
أم أسير وهي بانتظاره (الجزيرة)

أمراض خطيرة
وفي إمعان للعقاب، يزج مسؤولو السجن بعض من يعانون من أمراض نفسية سيئة إلى القسم "مما يثير البلبلة داخل السجون، ويبقى الأسير بذلك في حالة شد عصبي كبيرة".

يقول حسن عبد ربه الناطق باسم هيئة شؤون الأسرى والمحررين، إن سبعمئة أسير مريض من أصل أكثر من ستة آلاف أسير فلسطيني يقبعون حاليا في السجون، ومنهم 250 أسيرا أوضاعهم صعبة وهم بحاجة لتدخلات علاجية سريعة، ومنهم من يعاني من أمراض القلب والفشل الكلوي وضيق التنفس.

وبحسب عبد ربه، فإن هناك نحو ثلاثين أسيرا يعانون من أورام سرطانية وإصابات بالإعاقة والشلل الكامل، ومنهم من لا يتحرك إلا على كرسي، ومنهم من هو بحاجة لإجراء عملية في القلب ووضع أجهزة تنظيم دقات قلبه، وفي الحالات الطارئة فقط ينقل هؤلاء للمستشفيات المدنية كمشفى "سوروكا" و"تل هشومير".

وفضلا عن المماطلة في تقديم العلاج، فإن جيش الاحتلال يعتقل الفلسطينيين المصابين بعد إطلاق النار عليهم، وينقلون إلى السجون بحالاتهم الصحية السيئة تلك مما يفاقمها ويزيد من احتمال استشهادهم، كما أن هناك أسرى يعانون من أمراض نفسية، وهؤلاء يتعمد جيش الاحتلال عزلهم مما يفاقم من حالهم الصحية، لأنهم بحاجة ماسة لعلاج دائم ومراكز تأهيل.

وتقول أمّ الأسير ياسر محمد ربايعة من بلدة العيزرية شرق القدس المحتلة، وهو مصاب بورم سرطاني بالأمعاء، إنها لا تملك إلا "الدعاء ومناشدة الأحرار حول العالم أن يخرجوا ابني من هذه المقبرة، وأملي أن أراه أمام عيني وأحتضنه قبل أن أموت".

المصدر : الجزيرة