بمخيمات الروهينغا ببنغلاديش معركة ضد "الدفتيريا"

قصص مأساة لاجئي الروهينغا الفارين من بطش الجيش البورمي
الروهينغا فروا من بطش جيش ميانمار (الجزيرة)

وقال الرجل الذي وضع قناعا طبيا واقيا على وجهه في وحدة العزل في إحدى عيادات منظمة "أطباء بلا حدود"، لوكالة فرانس برس "كنت أعتقد أنه مصاب في لوزتيه، لكن الأطباء قالوا لي إن الأمر أخطر بكثير".

فابن محمد حسين مصاب بـالخناق (الدفتيريا)، وهو ضحية جديدة لهذا المرض الذي أُعلن اختفاؤه من بنغلاديش، لكنه بات اليوم منتشرا لدى آلاف من اللاجئين في المخيمات الممتدة على مساحات شاسعة في جنوب البلاد. وقد أدى إلى وفاة ثلاثين شخصا على الأقل معظمهم من الأطفال.

ويأتي هذا الوباء ليضاف إلى لائحة من الأمراض التي تصيب اللاجئين الروهينغا الذين يعيشون في ظروف بائسة في مدن شاسعة من الخيام.

ويعيش في هذه المخيمات نحو مليون من هؤلاء المسلمين الذين قدموا من ميانمار (بورما) المجاورة. وقد لجأ حوالي 655 ألفا من أفراد هذه المجموعة المضطهدة إلى هذه المخيمات منذ نهاية أغسطس/آب الماضي هربا مما تعتبره الأمم المتحدة تطهيرا عرقيا يقوم به جيش ميانمار.

وكانت بنغلاديش -التي تعد واحدة من أفقر دول العالم- استعدت لموجهة انتشار للكوليرا والحصبة، وأطلقت حملات تلقيح واسعة في هذا الإطار. لكن الخناق باغتت الجميع من السلطات إلى المنظمات غير الحكومية.

وقال عبد السلام -المسؤول الصحي في منطقة كوكس بازار حيث تقع المخيمات- "صعقنا عندما أكدت التحاليل وجود الخناق، إنه مرض اختفى منذ مدة طويلة من بلدنا". وأضاف "قمنا على الفور بشراء اللقاحات من الخارج".

وقالت منظمة الصحة العالمية إنها أحصت حتى اليوم أكثر من 3600 إصابة بين اللاجئين ونحو عشرين إصابة أخرى لدى بنغاليين مقيمين قرب المخيمات.

سبع عيادات
والخناق مرض معد جدا، ويمكن أن يؤدي إلى الموت إذا لم تتم معالجته، وقد يؤدي إلى شلل في الجهاز العصبي المركزي أو المجاري التنفسية، ويسبب بالتالي الوفاة اختناقا.

أنشئت سبع عيادات خاصة لاستقبال مرضى الخناق الذين يزداد عددهم منذ ظهور المرض في نهاية 2017، كما يقول روديريكو أوفران من منظمة الصحة العالمية.

وتتسع هذه العيادات حاليا لنحو 400 سرير. أما نقص الأطباء فقد تطلب استقدام بعضهم من دول بعيدة مثل بريطانيا.

وتجري حملة واسعة لتلقيح الأطفال. وتم تلقيح حوالي 320 ألف طفل تقل أعمارهم عن 15 عاما ويفترض أن يتم تلقيح 160 ألفا آخرين خلال شهر.

وفي عيادة تابعة لمنظمة أطباء بلا حدود حيث يتعافى ابن محمد حسين تدريجيا، يعمل الطاقم الطبي مزودا بمعدات واقية تستخدم لمرة واحدة. وأي شخص يدخل هذه الخيام يجب أن يضع قناعا واقيا ويغسل يديه بالمياه المعقمة بالكلور.

وقالت كبيرة الممرضين كارلا بالا إن المعالجين يواجهون تحديا مع هذا المرض "الذي لم يعرفوه إلا في الكتب كل هذه السنوات". وبعضهم لم يسبق أن واجه هذا المرض من قبل في كل حياته المهنية.

ومنذ أن فتحت في ديسمبر/كانون الأول الماضي، استقبلت عيادة "أطباء بلا حدود" 600 مريض. لكن في مستشفى آخر للمنظمة وصل 180 مريضا في يوم واحد.

وإلى جانب معالجة المرضى، تبقى الأولوية لوقف انتشار الدفتيريا عبر منع المصابين من الاتصال مع الأشخاص الذين لم يتم تلقيحهم، وهي مهمة صعبة في هذا الوسط المكتظ بالناس.

وقالت كارلا بالا "نواصل متابعة المرضى للتأكد من أن المرض لا ينتشر".

المصدر : الفرنسية