الوقود الليبي.. مصدر دخل للدول المجاورة

مركبات تحمل على متنها وقود مهرب على الحدود الليبية مع تونس - صور خاصة للجزيرة
مركبات تحمل وقودا مهربا على الحدود الليبية مع تونس (الجزيرة)

فؤاد دياب-الجزيرة نت

‏لم تقتصر عمليات التهريب عبر الحدود الليبية على تهريب السلاح والمهاجرين غير النظاميين، بل اتسعت رقعتها خلال السنوات الخمس الأخيرة لتشمل تهريب الوقود الذي يعتبر من أهم السلع المدعومة، ليصبح تهريبه بذلك تجارة سائدة ومنظمة في وضح النهار وسوقا سوداء تسافر من خلالها يوميا الملايين من العملة الليبية دون رقيب أو حسيب، وبحماية من المجموعات المسلحة.
 
وازدادت وتيرة تهريب الوقود عبر السواحل الغربية والحدود الجنوبية والغربية في ظل غياب وفراغ أمني تعيشه المناطق الحدودية، مما أثقل كاهل الاقتصاد الوطني وضاعف أزمة نقص الوقود في أغلب المدن الحدودية والساحلية.‏

وكشف رئيس لجنة أزمة الوقود والغاز التابعة لشركة البريقة لتسويق النفط بطرابلس ميلاد الهجرسي، أن ما يقرب من 25 مليون لتر من الوقود تهرّب يوميا خارج الحدود الليبية، مشيرا إلى أن أربعة ملايين لتر تهرب يوميا إلى تونس فقط.

وكانت لجنة أزمة الوقود والغاز قد أطلقت في الأسبوع الأول من أبريل/نيسان الجاري، عملية عسكرية أسمتها "عاصفة المتوسط"، بتعليمات من المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق ومشاركة سلاح الجو وحرس السواحل وبعض الكتائب الأمنية، لمكافحة تهريب الوقود عبر السواحل والحدود البرية.

وأشار الهجرسي في حديثه للجزيرة نت إلى أن 95% من عمليات التهريب توقفت منذ انطلاق عملية "عاصفة المتوسط"، مؤكدا استمرارها حتى القضاء على ظاهرة التهريب الذي استمر نحو ست سنوات.

وأدت عملية "المتوسط" إلى حدوث نقص في الوقود الليبي المهرب إلى دول تشاد والنيجر، ونفاده من محلات البيع في مناطق الجنوب التونسي، مما أحدث احتقانا وأطلق احتجاج سكانها باعتباره مصدر رزقهم الوحيد.

أفراد من عملية
أفراد من عملية "عاصفة المتوسط" (مواقع التواصل)

وأرجع وزير الحكم المحلي بحكومة الوفاق بداد قنصو ازدياد عمليات التهريب إلى ضعف الإمكانيات لدى جهازي الجيش والشرطة في المناطق والمدن الحدودية.

وأشار قنصو -في تصريح للجزيرة نت- إلى أن اتفاقا جرى خلال اليومين الماضيين مع عمداء بلديات المناطق الحدودية على تقديم دعم مادي للأجهزة الأمنية، عقب اتصالات أجرتها وزارة الحكم المحلي مع وزارتي الدفاع والداخلية.

بدوره قال عبد السلام عاشور وكيل وزارة الداخلية إن مسؤولية حماية الحدود تقع على كاهل وزارة الدفاع، وأكد أن "عمليات التهريب تقف خلفها عصابات مسلحة، وهي تحتاج إلى مواجهة بقوة السلاح لردعها".

ويرى وزير النفط الأسبق بحكومة الإنقاذ الوطني ما شاء الله الزوي -في حديثه للجزيرة نت- أن أنجع طريقة لوقف تهريب الوقود هو رفع الدعم عن المحروقات، واستبداله بدعم نقدي يصرف للمواطنين شهريا.

مركبات تحمل وقودا مهربا (الجزيرة نت)
مركبات تحمل وقودا مهربا (الجزيرة نت)

ويتفق الخبير الاقتصادي محمد الورفلي مع ما ذهب إليه الزوي، إذ قال إن الحل الوحيد هو رفع الدعم عن المحروقات بشكل جزئي وتدريجي، وصرف مبلغ مالي للمواطن في حسابه الخاص، مما سيخفف العبء على الميزانية العامة ويوقف تهريبه للخارج.

وأبدى الورفلي استغرابه من استمرار دعم المحروقات، إذ قال إن "سعر لتر البنزين في ليبيا أرخص من سعر لتر الماء"، مطالبا المسؤولين بالعمل على توحيد مؤسسة النفط وإنهاء الانقسام السياسي لمواجهة التحديات والأزمات التي عصفت بالاقتصاد الوطني.

كما تحدثت الجزيرة نت إلى الصديق الصور القائم بمهام النائب العام بطرابلس لمعرفة دوره تجاه عمليات تهريب الوقود، فقال إن قسم التحقيقات لديه ملفات مفتوحة بهذا الشأن، واصفا إياها بـ"الضخمة" وسيعلن عن نتائجها خلال الأيام القادمة، رافضا الإدلاء بأي تفصيلات أخرى.

وكان المؤتمر الوطني العام قد أوصى في مايو/أيار 2015 استبدال دعم السلع والمحروقات بدعم نقدي قدره خمسون دينارا شهريا (نحو 35 دولارا أميركيا) لكل مواطن، لتوفير ما قيمته عشرة مليارات دينار من أصل 14 مليار دينار تعتمد سنويا في الموازنة العامة للدولة.

المصدر : الجزيرة