خطة طريق مغربية لتحقيق التراث الصحراوي

غلاف كتاب ( جولات في المخطوطات وتحقيق التراث)

عبد الحكيم أحمين

وضع باحثون مغاربة معالم مسار علمي جديد للتنقيب في التراث المغربي المخطوط عامة، والمخطوط الصحراوي خاصة، ونفض غبار النسيان عنه، لما للكتاب المخطوط من أهمية في إعادة رسم صورة البحث العلمي بالجامعة المغربية.

وجاء هذا المسار العلمي الصارم الذي خطه "فريق البحث العلمي في التراث المغربي" في كتاب جماعي بعنوان "جولات في المخطوطات وتحقيق التراث" صدر مؤخرا عن كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير بهدف نفض الغبار عن خفايا الكتب المخطوطة ونوادرها الدفينة في الخزائن العامة والخاصة.

وتسلط المادة العلمية للكتاب الضوء على المخطوطات بوصفها مادة أثرية ورافدا رئيسيا للتاريخ المغربي، وما يرتبط بهذه المادة من اختصاصات معرفية؛ مثل علم المخطوطات، ونقد النصوص، وعلم الخطوط القديمة، والكاليغرافيا، وتاريخ النصوص، وتحقيق التراث، وفهرسة المخطوطات وغيرها من العلوم.

وتنقسم مادة الكتاب على محورين كبيرين متكاملين، يتناول الأول في ثلاث مشاركات الكتاب المخطوط في ذاته بوصفه مصدرَ المعرفة، وأدبيات تحقيقه وإخراجه إلى النور، ويتعلق الثاني بإشكالية تحقيق التراث التي ترتبط بنوعه وتاريخ نسخه المخطوطة.

كتاب "دلائل الخيرات" لسيدي امحمد بن سليمان الجزولي انتشر في كل بقاع العالم كأفريقيا جنوب الصحراء والسعودية ومصر وتركيا واليابان والهند وماليزيا وغيرها

مصدر المخطوطات
ففي المحور الأول تعقبت خديجة الراجي النسخ المخطوطة في العالم من كتاب "دلائل الخيرات" لسيدي امحمد بن سليمان الجزولي، موضحة أن هذا الكتاب انتشر في مختلف أنحاء العالم كأفريقيا جنوب الصحراء والسعودية ومصر وتركيا واليابان والهند وغيرها، ووقفت وقفة طويلة مع النسخ المخطوطة لهذا الكتاب في المتحف الإسلامي بماليزيا.

في حين تناول المهدي الغالي قضية مهمة تتعلق بمصدر المخطوطات التي ساهمت في رفد المكتبة المغربية بمئات من ذات الأصول المشرقية منها، مثلما فعل العلامة سيدي محمد بن عبد السلام الناصري في "الرحلة الناصرية الكبرى".

وفي المشاركة الثالثة من هذا المحور، ينفض محمد بوزنكاض الغبار عن مخطوط نادر يوجد بخزانة المأمون البخاري بمدينة بوجدور (جنوب المغرب)، وهو نسخة من كتاب "الحياة العمرانية لأهل بارك الله" لصاحبه محمد بن عبد الله البخاري، ويتناول هذا البحث "مجتمع البيضان من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر" عبر الحديث عن مآثر قبيلة "بارك الله" ومنطقة تيرس وبلاد القبلة، كما يوضح هذا البحث أهمية المخطوط في تبيان كثير من الحقائق الفكرية والاجتماعية والسياسية.

أما المحور الثاني من الكتاب الذي ألفه "فريق البحث في التراث المغربي" المكوّن من ستة من خيرة الأكاديميين المغاربة في هذا التخصص، فيغوص في إشكالية تحقيق التراث التي ترتبط علميا بنوعه وتاريخ نسخه المخطوطة.

قواعد التحقيق
وقد تناولت لطيفة شراس في هذا المحور قواعد تحقيق نصوص التراث والشروط العلمية المطلوبة في الباحث المحقق، وشرحت منهج التحقيق باعتباره "موضوع الساعة بناءً على كمِّ التحقيقات التي تقذفها المطبعات يوميا وتفتقد إلى أبسط شروط التحقيق".

في السياق يعرض ماء العينين علي في بحث حول "منهجية تحقيق المخطوط الصحراوي بين التنظير والتطبيق"، مجموعة من العناصر الهامة في تحقيق التراث الصحراوي الشعري، كجمع النصوص الشعرية وكتابتها وقراءتها وترتيبها وترقيمها وذكر مناسباتها وتاريخها وغيرها.

أما منسق الكتاب مصطفى الطوبي فقد وضع تحقيق التراث في ميزان نقد النصوص وعلم المخطوط، في محاولة لإظهار السند المادي لعلم المخطوطات ومدى أهميته في رفد تحقيق التراث من خلال تقويم حوامل المعرفة.

كما استهدف الطوبي الوصل بين مادية المخطوط أو حفرياته والتحقيق العلمي، على اعتبار أن هناك عناصر متعددة قد تخطئها الدارسة الحفرية النسقية من مثل القيود المزورة، والتواريخ المزيفة المثبتة على ظهور الكتب، وأنواع مواد الكتابة غير المنسجمة مع الصناعة، وأنواع الخطوط المقلدة.

المصدر : الجزيرة