كاتب أميركي: هوليود أسهمت خلال أكثر من قرن في ترسيخ العنصرية ضد السود

Said سعيد - تمثل هوليوود، وبالتحديد صناعة السينما، مصدرا رئيسيا للتلوث – بيكسلز – متاح الاستخدام - البصمة الكربونية المرتفعة لهوليود.. هل فعلت ما يكفي حيالها؟
ما زالت الحاجة ملحة إلى مواجهة الصور النمطية العنصرية ضد السود في السينما الأميركية (بيكسلز)

بعد أيام من مقتل المواطن الأميركي الأسود جورج فلويد على يد ضابط شرطة في مينيابوليس، غصّت وسائل التواصل الاجتماعي بحملات التضامن وبيانات المساندة والومضات الدعائية التي عبرت فيها مختلف القطاعات عن تضامنها مع احتجاجات حركة "حياة السود مهمة"، ولم تكن هوليود استثناء.

لكن منتج الأفلام الأميركي فرانكلين ليونارد، يرى -في مقال له بصحيفة "نيويورك تايمز" (NYTimes) الأميركية- أن مساندة هوليود للحراك الاجتماعي والاحتجاجات المنددة بالتمييز ضد السود، كانت مجرد شعارات فارغة، لأن الممارسات على أرض الواقع شيء آخر تماما، مشددا على ضرورة القيام بتغييرات جوهرية في صناعة السينما الأميركية لتعزيز التنوع ومكافحة العنصرية.

ويعتقد الكاتب أن هوليود أسهمت خلال أكثر من قرن في ترسيخ العنصرية ضد السود من خلال تجريدهم من إنسانيتهم في عدد من الأفلام، وأنه حان الوقت لتغيير طريقة التعامل مع السود، خاصة أن دراسة جديدة أظهرت أن تعزيز التنوع يمكن أن يحقق لصناعة السينما الأميركية أرباحا مالية كبيرة.

تقرير ماكنزي

بعد أسبوعين من الحادثة، أعلنت شركة "ماكنزي وشركاؤه" (McKinsey & Company) التزامها "بالعمل عالميا على تعزيز المساواة العرقية والتمكين الاقتصادي لذوي البشرة السوداء".

ويذكر الكاتب أنه اقترح آنذاك على الشركة العملاقة المتخصصة في الاستشارات، أن تجري دراسة عن صورة ذوي البشرة السوداء في أفلام هوليود، وقد صدر التقرير الشهر الماضي وتضمن حقائق مروعة.

خلصت الدراسة إلى أن صناعة السينما الأميركية هي أقل قطاعات الأعمال تنوعا في الولايات المتحدة، وأن تحيزها المنهجي ضد ذوي البشرة السوداء يكلفها ما لا يقل عن 10 مليارات دولار من العائدات السنوية.

ووجدت الدراسة أن المحتوى الذي يقدّمه السود لا يحظى بالتقدير الكافي، وأن ذوي البشرة السمراء مستبعدون بشكل منهجي من المناصب المهمة في الإنتاج والإخراج وكتابة السيناريو.

ويرى الكاتب أن هذه النتائج صادمة، لأن السينما تلعب دورا مهما في تشكيل وعي المجتمع، وافتقار السينما الأميركية للتنوع العرقي يعني بالضرورة تبعات اجتماعية خطيرة.

وقد نبّه فريدريك دوغلاس (1818-1895) -وهو أحد أكبر دعاة التحرر من العبودية والدفاع عن حقوق السود في التاريخ الأميركي- مبكرا إلى أهمية الصور والروايات في تعزيز التعددية داخل المجتمع.

ومن خلال حضوره البارز، كان دوغلاس -الذي ولد عبدا في مقاطعة تالبوت بولاية ميريلاند عام 1818- أكثر شخصية أميركية تمّ تصويرها فوتوغرافيا في القرن التاسع عشر، وكان يؤمن بأن انتشار صورته يمكن أن يساهم في دحض التصوّرات السائدة عن السود في عصره.

صورة نمطية

وفي عام 1916 -بعد عقدين فقط من وفاة دوغلاس- أنتجت هوليود فيلمها الشهير "ولادة أمة"، والذي أدى بحسب الكثير من المؤرخين إلى عودة منظّمة كو كلوكس كلان، فقد عمل الفيلم على ترسيخ فكرة تفوق البيض وصوّر السود على أنهم مجرمون يستحقون القتل.

ويضيف الكاتب أنه بعد مرور أكثر من قرن من الزمان، ما زالت الحاجة ملحة إلى مواجهة الصور النمطية العنصرية ضد السود في السينما الأميركية، كما أن السود بحاجة إلى أن يحظوا بالفرصة كاملة للعمل في مجال الكتابة السينمائية والإنتاج والأداء والتصوير والتصميم وتصفيف الشعر والمكياج، وأن يحصلوا على المقابل بطريقة منصفة.

هل تتجه هوليود نحو التنوع؟

لكن الكاتب لا يتوقع أن تتغير الأمور سريعا في هوليود، أو أن يتخذ كبار المسؤولين التنفيذيين خطوات عملية في اتجاه مكافحة التمييز وتعزيز التنوع العرقي، رغم أن ذلك يمكن أن يساعد صناعة السينما على استعادة ما لا يقل عن 10 مليارات دولار من الإيرادات السنوية، وهي المبالغ التي تخسرها كل عام جراء التمييز على أساس العرق أو الجنس أو الإعاقة.

ووفقا لتقرير ماكنزي، يوصي الخبراء بإنشاء منظمة مستقلة لتعزيز المساواة العرقية في قطاع السينما، ويرون أنه يمكن لـ"مؤسسة مستقلة ممولة تمويلا جيدا أن تعزز الجهود الفردية، من خلال تطوير أفضل الممارسات وتوسيع نطاقها، وجمع البيانات ونشرها، والإبلاغ عن التقدم المحرز في هذه الصناعة".

وبحسب التقرير، فإن هناك تجارب سابقة في هوليود تؤكد أنه يمكن النجاح في تغيير الوضع الراهن، ومنها حملة الحد من القرصنة وسرقة الملكية الفكرية، والتي كانت تكلف صناعة السينما الأميركية 29.2 مليار دولار سنويا.

ويختم الكاتب بأنه خلال عقدين من العمل في هذه الصناعة، كان يسمع باستمرار أن معالجة مشكلة التنوع وعدم المساواة سيكون مكلفا جدا ولن يحقق عوائد معقولة، لكن الآن أصبحت هناك بيانات تثبت العكس تماما، وتظهر أن العنصرية ستكون أكثر كلفة.

المصدر : نيويورك تايمز