العدالة في أوسكار 2021.. أفلام تستحق الجوائز وأخرى فازت بأسماء مخرجيها

اليوم يمكننا إسدال الستار نهائيًا على العام السينمائي 2020، حيث أعلنت أسماء الفائزين بجوائز أكاديمية فنون وعلوم الصورة المتحركة التي تعرف باسم "أوسكار"، أهم جائزة في عالم الأفلام على الإطلاق، والتي تأجلت إلى اليوم بعيدًا عن موعدها المعتاد في فبراير/شباط ومارس/آذار، بسبب انتشار جائحة كورونا.

وعلى الرغم من قلة الأفلام المعروضة خلال العام الماضي، وضآلة الجيد منها، فإن هذا التأجيل أتى بثماره، حيث جمعت الترشيحات بالفعل مجموعة من أفضل الأفلام التي استحقت أن يكتب اسمها في التاريخ تحت عنوان "أعمال نجت السينما بفضلها في 2020".

أرض الرحّل

الفائز الأكبر، وواحد من أهم أفلام 2020 بالتأكيد هو فيلم "أرض الرحل" (Nomadland)، الذي استطاع نيل 3 جوائز أوسكار اليوم هي الأهم، أفضل فيلم وأفضل مخرجة لكلوي تشاو، وأفضل ممثلة في دور رئيسي.

كان هذا الفوز مستحقا ومتوقعا للغاية، فبعيدًا عن أي حسابات أخرى متعلقة بجودة وعدد الأفلام المعروضة في العام، فإن هذا الفيلم كان بالفعل تجربة سينمائية مميزة للغاية.

تدور أحداث الفيلم كما هو واضح من عنوانه في أرض الرحّل، عن البداوة الحديثة في الصحراء الأميركية، ومجموعة من الجائلين الذين تركوا منازلهم المريحة وعائلاتهم حتى يعيشوا أحرارًا على الكفاف وسعداء، ومع البطلة فيرن نتعرف على جماليات الفراغ التي تم التعبير عنها بصورة سينمائية مميزة للغاية.

فاز فيلم المخرجة الشابة كلوي تشاو، قبل الأوسكار، بعدة جوائز كبيرة مثل الأسد الذهبي من مهرجان فينيسيا السينمائي، وجائزة اختيار الجمهور في مهرجان تورنتو السينمائي، وهو بالتأكيد عمل لن ينسى في السنوات المقبلة.

الأب

فيلم "الأب" (The Father) عمل سينمائي ساحر آخر أهدته لنا 2020، الفيلم من إخراج وتأليف فلوريان زيلر في أول أعماله الإخراجية، والذي قدم فيه قصة بسيطة للغاية عن رجل عجوز يصاب بألزهايمر بأسلوب سرد حداثي للغاية، فبدلًا من مراقبة تطور الحالة الصحية لرجل عجوز من الخارج، أخذنا زيلر إلى داخل عقل المريض، توحدنا معه، وعانينا من الخوف أمام تداعي الذكريات والرهبة من الآخرين الذين يمتلكون كل السلطة.

الفيلم من بطولة السير أنتوني هوبكنز، والذي فاز بجائزة أفضل ممثل في دور رئيسي عن أدائه المعجز لشخصية الأب، إذ نافس عليها بضراوة أمام الراحل شادويك بوسمان الذي توقع الكثيرون أنه سيحظى بالتكريم بعد وفاته.

وحصل الفيلم كذلك على جائزة أفضل سيناريو مقتبس، ونجاح الفيلم واستقباله الممتاز شجع فلوريان زيلر على تقديم فيلم آخر يدور حول العلاقات العائلية المتشابكة بعنوان "الابن" من بطولة هيو جاكمان والذي بدأ إنتاجه بالفعل.

صوت المعدن

فيلم "صوت المعدن" (Sound of Metal) الحصان الأسود في حفل توزيع جوائز الأوسكار لهذا العام، فعلى الرغم من عدم امتلاكه ميزانية ضخمة، أو أبطالا مشاهير فإنه استحوذ على 6 ترشيحات للأوسكار، منها ترشيح لبطله ريز أحمد، وهو أول مسلم ينال هذا الترشيح.

وفاز فيلم "صوت المعدن" (Sound of metal) بجائزتين مستحقتين تمامًا، وهما أفضل صوت وأفضل مونتاج، واللذان يعتبران أهم عوامل نجاحه بالفعل، فأحداثه تدور حول عازف موسيقى شاب، يفقد حاسة السمع بصورة مفاجئة، وفي ظل اضطرابه الشديد لخسارته أهم حواسه، يبدأ في التعرف على عالم الصم، ويتراوح بين التواؤم مع حالته الجديدة أو التمرد عليها.

مثل فيلم الأب استطاع فيلم "صوت المعدن" وضع المشاهدين في المعاناة نفسها التي يشعر بها البطل، وذلك عبر الصوت، فنجده ينقطع في أوقات محددة ليشعرنا بالصمت الخانق، ثم يتبدل ذلك بالصوت المعتاد لنفهم مدى افتقاد الشخصية الرئيسية لألفة الضجة اليومية، وذلك بسلاسة مميزة هي التي جعلته يفوز بالجائزتين.

مانك

يبدو أن عام 2020 كان عام الإحباطات من المخرجين الكبار، فكما أن فيلم "العقيدة" (Tenet) لكريستوفر نولان لم يستطع الفوز سوى بجائزة أوسكار وحيدة وهي المؤثرات البصرية، فإن حصيلة فيلم "مانك" (Mank) لديفيد فينشر كانت جائزتين فقط هما أفضل تصوير وأفضل تصميم إنتاج.

ويمكن أن ينسب الفضل في هاتين الجائزتين إلى اختيار ديفيد فينشر بأن يكون فيلمه باللونين الأبيض والأسود فقط، وهو ما يبدو خيارًا ناجحًا للغاية لاجتذاب لجان الجوائز، خاصة الأوسكار، فعلى الرغم من تواضع الفيلم بشكل عام، فإنه استطاع الحصول على بعض الإعجاب لهذه الجوانب التقنية ما جعله يغتنم جائزتين اليوم.

 

الملاحظة الأهم في حفل توزيع جوائز الأوسكار هذا العام هي عدم استحواذ أي فيلم على عدد كبير من الجوائز، فأعلى فيلم فاز بـ3 جوائز أوسكار فقط على عكس السنوات السابقة، حيث اعتدنا على حصد فيلم أو فيلمين لأغلب الجوائز بينما تتصارع البقية على الفتات.

والملاحظة الثانية، أنه لا توجد أية مفاجآت حقيقية، فالجوائز خاصة الكبيرة منها مثل أفضل فيلم وأفضل مخرج وأفضل ممثلة جاءت متوقعة للغاية، وربما كانت المفاجأة الوحيدة هي فوز السير أنتوني هوبكنز بعدما توقع الكثيرون أن يحظى بها بوسمان.