دير أبان… قرية فلسطينية طمست النكبة معالمها

لم يكتف الاحتلال بتهجير أهل قرية دير أبان وهدم بيوتهم، ولكنه قام أيضا بنبش قبورهم بحثا عن الذهب الذي ظن أن أهل القرية كانوا يخفونه في قبور موتاهم.
الاحتلال زرع أشجارا ليخفي جريمة تدمير قرية دير أبان في القدس (الجزيرة)
جمان أبوعرفة-القدس

على بعد 25 كيلومترا غرب القدس، طُمست جميع معالم قرية دير أبان، فلا لافتات تدل عليها ولا بقايا واضحة لركام البيوت التي هدمها الاحتلال بعد تهجير أهلها عام 1948.

ويبحث زائر دير أبان بصعوبة عن معالمها وسط أشجار حرجية زرعها الاحتلال لتبدو كأحراش زراعية لم تُسكن من قبل. لكن نبات الصبار والزعتر البري وأشجار الخروب والزعرور التي زرعها أهل القرية قبل النكبة ما زالت تقاوم محاولات الطمس وتثبت ملامح القرية العربية المنكوبة.

برفقة طاقم صفحة القدس من موقع الجزيرة نت زار ابن القرية يوسف حمّاد عودة (61 عاما) قريته بعد عشر سنوات من الانقطاع، وتحدث خلال بث مباشر في الذكرى السبعين للنكبة عن ذكريات والديه وأهله، التي بلغته في مخيمات اللجوء.

وهجرت عائلة عودة إلى مخيم قلنديا شمال القدس بينما تشتت أهل القرية البلغ عددهم 2400 نسمة إبان النكبة إلى مخيمات بيت لحم جنوب القدس، ويتركز معظمهم اليوم في المملكة الأردنية الهاشمية، حيث يلقبون بالدياربة نسبة إلى قريتهم.

وتعد القرية المهجرة من أكبر قرى القدس المهجرة بمساحة تصل إلى 23 ألف دونم، بنى عليها الاحتلال مستوطنات محسياه وبيت شيمش ويشعي وتسورعاه.

يحمل الستيني يوسف عودة العديد من التفاصيل والذكريات التي رواها والداه وأهله عن قريته دير أبان (الجزيرة)
يحمل الستيني يوسف عودة العديد من التفاصيل والذكريات التي رواها والداه وأهله عن قريته دير أبان (الجزيرة)

يقول يوسف عودة "أبو فراس" إن دير أبان كانت من أواخر القرى التي سقطت إبان النكبة، حيث دخلتها دبابات جيش الاحتلال في أكتوبر/تشرين الأول 1948، بعكس القرى التي احتلت معظمها العصابات الصهيونية في مايو/أيار.

ويعزو عودة التأخر في احتلال البلدة إلى استبسال أهلها في الدفاع عنها، حيث خاضوا وحدهم العديد من المعارك، بعد جمع ثمن السلاح من عائلات القرية وتمركزهم في استحكامات عسكرية تركزت في وادي عليين أحد وديانها، ويذكر عودة أن رصاصة اخترقت وجه والده حمّاد عودة أثناء قتاله في خندق استحكام رقم 4.

لم يكتف الاحتلال بتهجير أهل قرية دير أبان وهدم بيوتهم بل نبش أيضا قبورهم بحثا عن الذهب الذي ظن أن أهل القرية كانوا يخفونه في قبور موتاهم.

كما كانت القرية تحتوي على مسجد عرف باسم "العمري" ومدرسة ابتدائية حتى الصف الرابع، ومقام لولي صالح، لكنها أمست اليوم ركام حجارة لا يهتدي إليها الزائر.

بُنيت دير أبان على تل كبير محاط بوديان واسعة في جنوبها وشمالها أبرزها "وادي فطين" و"عليين" و"الصرار"، واشتهرت بجبل المشار الذي يحمل ذكريات كثيرة لدى أهل القرية الذين كان يعمل معظمهم في الزراعة وقطاع الخدمات والنقل. ينحدر الستيني عودة من حمولة بني هُذيل إحدى أبرز الحمائل الأربعة في القرية، وهي الوعرة والكراملة والدعامسة.


المصدر : الجزيرة