الاحتلال يحارب جامعة القدس والدوافع سياسية

جامعة القدس في بلدة أبو ديس شرق القدس (تصوير عوض الرجوب-الجزيرة نت)
صحيفة "يسرائيل هيوم" مارست ضغوطات متهمة جامعة القدس بالتحريض على الإرهاب (الجزيرة)

محمد محسن وتد-القدس المحتلة

بالتزامن مع مرور عام على اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة إسرائيل، أعلنت سلطات الاحتلال رفضها الاعتراف بشهادات خريجي جامعة القدس الفلسطينية الواقعة في بلدة أبو ديس شرق المدينة المحتلة.

ويأتي رفض الاعتراف ضمن سياسة رفض أي إجراء من شأنه أن يسهم بتقويض السيادة الاحتلالية التي تحاول حكومة بنيامين نتنياهو فرضها بالشق الشرقي من المدينة المقدسة.

وتراجع وزير الرفاه الاجتماعي حاييم كاتس عن قرار سابق له بالاعتراف بشهادات مئات العاملين الاجتماعيين من خريجي جامعة القدس، وقرر عدم السماح لخريجي الجامعة بالعمل اجتماعيين في إسرائيل وفي القدس المحتلة.

ووفقا لإحصائيات -أوردتها صحيفة "هآرتس" قبل أيام- يواجه نحو 12 ألفا من خريجي جامعة القدس العديد من الصعوبات والعراقيل في الانخراط بسوق العمل الإسرائيلي وحتى في المدينة المحتلة بسبب عدم الاعتراف بشهاداتهم وألقابهم الجامعية.

نحو 12 ألف خريج من جامعة القدس سيتضررون من عدم الاعتراف بشهاداتهم 
نحو 12 ألف خريج من جامعة القدس سيتضررون من عدم الاعتراف بشهاداتهم 

لا اعتراف
وجامعة القدس ليست جزءا من المجلس الإسرائيلي للتعليم العالي، فمن ناحية لا تعترف بها تل أبيب كجامعة أجنبية أسوة بالجامعات الفلسطينية الأخرى في الضفة الغربية المحتلة، حيث زعم ممثلو الدولة أن الاعتراف بالجامعة سيضر بالسيادة الإسرائيلية في القدس.

وبرر الوزير الإسرائيلي رفضه الاعتراف بخريجي كليات العلوم الاجتماعية بالقول "لن أعترف بمؤسسة تدعم الإرهاب" إذ تراجع كاتس عن القرار الذي اتخذه مؤخرا وكان يقضي بالاعتراف بشهادات خريجي كليات العلوم الاجتماعية من جامعة القدس، وذلك في أعقاب إثارة الموضوع وانتقاده من قبل صحيفة "يسرائيل هيوم" المقربة من رئيس الوزراء.

وعطلت الحكومة الاعتراف بالمئات من الشهادات الجامعية للخريجين الفلسطينيين والاعتراف بالجامعة أو ضمها إلى المجلس الإسرائيلي للتعليم العالي، على الرغم من الإحصائيات التي تؤكد الحاجة الماسة إلى العاملين الاجتماعيين العرب بالمدينة المحتلة، وأتى هذا التعطيل لكيلا تضطر سلطات الاحتلال للاعتراف بالجامعة الفلسطينية بأبو ديس.

وتعمل سلطات الاحتلال وعلى رأسها مكتب رئيس الوزراء -منذ سنوات – على منع الاعتراف بخريجي جامعة القدس، على الرغم من أن معظم مرافقها ومنشآتها وأقسامها ومدارسها تقع في حي أبو ديس الذي يقع خارج حدود القدس المحتلة، بينما تعترف سلطات الاحتلال بالعاملين الاجتماعيين خريجي الجامعات في بيت لحم ونابلس على أساس أنها جامعات خارجية وأجنبية.

‪جامعة القدس ببلدة أبو ديس كما تظهر من بلدة جبل المكبر‬  جامعة القدس ببلدة أبو ديس كما تظهر من بلدة جبل المكبر (غربا) حيث يفصل بينهما الجدار العازل (الجزيرة)
‪جامعة القدس ببلدة أبو ديس كما تظهر من بلدة جبل المكبر‬  جامعة القدس ببلدة أبو ديس كما تظهر من بلدة جبل المكبر (غربا) حيث يفصل بينهما الجدار العازل (الجزيرة)

سيادة وتقويض
وجاء قرار كاتس السماح لخريجي جامعة القدس بالعمل كاجتماعيين قبل ثلاثة أيام من التراجع عنه بسبب النقص الحاد بعدد العاملين الاجتماعيين في القدس الشرقية المحتلة، وبعد أن وجد أن التدريب المهني لخريجي جامعة القدس كان على مستوى عال.

ومارست صحيفة "يسرائيل هيوم" ضغوطات على وزارة الرفاه الاجتماعي، حيث أثارت القضية وتوجهت للوزير بالسؤال حول سبب اعترافه بجامعة تنشط في "التحريض على الإرهاب" الأمر الذي دفعه للتراجع عن قراره وسحب الاعتراف.

وقال كاتس للصحيفة "سنتناول مسألة نقص العاملين الاجتماعيين الناطقين بالعربية، لكن ليس من خلال مؤسسة تقوض شرعية دولة إسرائيل".

وأضاف "هناك بالفعل نقص في الأخصائيين الاجتماعيين بالقدس، لكن الاعتراف بخريجي جامعة القدس ليس الخيار الوحيد للتعامل مع النقص".

معركة قضائية
وخاض المحامي شلومو ليكر -الذي يمثل مجموعة من الخريجين بمواضيع المهن الطبية وجامعة القدس نفسها- نضالا ضد السلطات الإسرائيلية مما يعد أطول معركة قضائية استمرت 10 سنوات، وهو ما أثمر الاعتراف من قبل وزارة الصحة والتعليم الإسرائيليتين بخريجي المهن الطبية للجامعة، مقابل نقل المباني التابعة لهذه الكليات خارج مدينة القدس.

كما يخوض ليكر نضالا قضائيا من أجل المئات من خريجي كليات العلوم الاجتماعية، ومعظمهم من سكان شرقي القدس، والذين يمنعون من ممارسة مهنتهم في مكاتب الرعاية الاجتماعية التابعة لبلدية الاحتلال أو المؤسسات الإسرائيلية الأخرى حتى يحصلوا على اعتراف رسمي من السلطات الإسرائيلية ووزارة الرفاه الاجتماعي التي ترفض الاعتراف بلقبهم الجامعي.

وتعقيبا على إجراء وموقف كاتس، قال المحامي ليكر في بيان صحفي "لا توجد طعون وشكاوى ضد الأخصائيين الاجتماعيين الذين حصلوا على اعتراف وملاءمة ومدى ملاءمة للعمل، فالاعتبار الوحيد لقرار الوزير هو دوافع سياسية والاحتجاجات المتوقعة بإسرائيل".

المصدر : الجزيرة