مئة اعتداء على كنائس فلسطين منذ النكبة

A nun stands at the scene of a fire in the Church of Loaves and Fishes on the shores of the Sea of Galilee in northern Israel June 18, 2015. An arson attack on Thursday gutted part of the church at the site where Christians believe Jesus performed a miracle by feeding 5,000 people with five loaves of bread and two fish on the shore of the Sea of Galilee, the Israeli fire brigade said. REUTERS/Baz Ratner
إحدى الكنائس التي أحرقها متطرفون إسرائيليون داخل الخط الأخضر (رويترز)
فاطمة سبيتان-القدس

تستمر المنظمات اليهودية "المتطرفة" في اعتداءاتها على المقدسات الدينية -خاصة المسيحية- في مدينة القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، والتي كان من بينها الاعتداء على شواهد القبور في مقبرة دير جمال، وكتابة شعارات "عنصرية" على جدران كنيسة رقاد السيدة العذراء -غرب القدس- بداية العام الحالي.

وتشكل هذه الاعتداءات استهدافا مباشرا للمسيحيين وأماكن تعبدهم ومقدساتهم، سعيا من تلك المنظمات إلى تهجيرهم من الأراضي المقدسة، فمنذ عام 1948 وحتى نهاية عام 2015 اعتدت قوات الاحتلال والمستوطنون على مئة كنيسة ومقبرة في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى جانب قصف مقبرة وكنيسة بقطاع غزة.

وتعد منظمتا "تدفيع الثمن" أو "تاج محير"، و"لاهافا" من المنظمات التي تستهدف المسيحيين وتدعو إلى حرق كنائسهم في جميع أماكن تواجدهم، وتنتهك حرمات المقدسات الدينية، وفاقم ذلك رفض الحكومة الإسرائيلية والكنيست طلبا كان قد تقدم به النواب العرب عام 2014 باعتبار تلك المنظمات "إرهابية".

يقول الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات حنا عيسى إن الجيش الإسرائيلي -منذ النكبة– وهو يحارب المقدسات الدينية، سواء الإسلامية أو المسيحية، فكان يدخل الكنائس ويدمر الصلبان وينتهك حرمة المكان، فضلا عن الحرق والتبول وشرب الخمر داخلها.

ويضيف أن جيش الاحتلال دمر 531 قرية وخربة وهجر نحو 750 ألف فلسطيني في النكبة، ودمر خلال هذه الفترة وما بعدها العشرات من الكنائس والجوامع أيضا.

ويشير عيسى إلى أن الاحتلال اعتدى على ما نسبته 50% من الأملاك المسيحية في الجزء الغربي من مدينة القدس بعد احتلال نحو 84% من مساحة المدينة، ليقوم بعد ذلك بالاعتداء المباشر على كنيسة القيامة بعد احتلال شرقي القدس عام 1967، وتدمير الصلبان وتكسير الصور، حيث استمرت تلك الاعتداءات حتى يومنا هذا.

وأكد أن ازدياد الاعتداءات على الكنائس المسيحية جاء عقب اعتراف الفاتيكان بدولة فلسطين دولة غير عضوة في الأمم المتحدة من خلال منظمات تتلقى الدعم من الحكومة الإسرائيلية، مثل "لاهافا" و"تدفيع الثمن"، مشيرا إلى أن "لاهافا" طالبت بحرق الكنائس وتهجير المسيحيين، واعتبارهم وثنيين لا وجود لهم في الأراضي المقدسة، وتقوم بزرع تلك الأفكار في أوساط الفتية اليهود.

شعارات عنصرية وتحريضية ضد المسيحيين في فلسطين على جدران إحدى الكنائس (رويترز)
شعارات عنصرية وتحريضية ضد المسيحيين في فلسطين على جدران إحدى الكنائس (رويترز)

ويؤكد عيسى أن الاعتداءات على الكنائس منذ النكبة وحتى العام 2015 بلغت مئة اعتداء على كنيسة ومقبرة، وإسرائيل كانت في سباق مع الزمن في الاعتداء على المقدسات، محاولة طرد المسيحيين من الأراضي المقدسة، والسبب هو جعل الصراع دينيا بين اليهودية والإسلام، وأن تخرج المسيحية من هذا النطاق.

ويعقب عيسى على ذلك بالقول "نحن -المسيحيين- نرفض ذلك جملة وتفصيلا، ونرفض كذلك السياسة الإسرائيلية المتبعة حديثا -والتي أتت على لسان زعيم منظمة لاهافا اليمينية بنتسي غوبشتاين- في طرد المسيحيين من البلاد وحرق الكنائس".

ويقول الأمين العام للتجمع الوطني المسيحي في الأراضي المقدسة ديمتري دلياني إن "الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات الدينية تشمل كل ما هو غير يهودي، وتزايدت تلك الاعتداءات بسبب دعم حكومة الاحتلال اليمينية هذا الفكر المتطرف، وذلك من خلال التصريحات التي يدلي بها أعضاء الحكومة والكنيست، مع توفير غطاء قضائي بعدم اعتبار هذه الهجمات على المقدسات إرهابية، مع أنها إرهابية بكل ما تحمله الكلمة من معنى".

ويضيف دلياني أن الحكومة الإسرائيلية أيضا توفر الغطاء الأمني في عدم ملاحقة هؤلاء المتطرفين، وفي بعض الأحيان تقوم بحمايتهم، ناهيك عن الدعم المادي الذي تقدمه لمجالس المستوطنات التي تقوم بتنظيم وتحشيد ودعم الفعاليات التي يدرس فيها الجانب الإرهابي بشكل كبير، ودعم المدارس المقامة في المستوطنات.

ويلفت إلى أنها -مدارس المستوطنات- "الأرض الخصبة التي تنمو فيها خلايا الإرهاب الإسرائيلي، وتجد التغطية الفكرية والتبرير الديني، وبالتالي فهذه الحكومة هي المسؤولة الأولى والأخيرة عن كل اعتداء على الكنائس أو المقدسات بشكل عام".

 

بؤرة استيطانية بالطور على مشارف كنيسة ماري المجدلية على جبل الزيتون (الجزيرة)
بؤرة استيطانية بالطور على مشارف كنيسة ماري المجدلية على جبل الزيتون (الجزيرة)

ويؤكد أن إسرائيل حاربت الكنائس الفلسطينية وسعت إلى تدميرها خلال النكبة، حيث أقيمت دولة الاحتلال في مناطق أكثر سكانها من الفلسطينيين المسيحيين، مثل مناطق غرب القدس وقرى الشمال.

ويلفت دلياني إلى وجود أهداف أيديولوجية رافضة للدين المسيحي ولا تعترف به نهائيا، وبالتالي "كلما زاد التدين لديهم زادت العدائية للدين المسيحي، وتلك العدائية ما زالت موجودة حتى الآن، وتنمّى بدعم مباشر من الحكومة الإسرائيلية".

وكشفت وثائق إسرائيلية مؤخرا عن أن الجيش الإسرائيلي عمد إلى انتهاج سياسة تقوم على تدمير وتخريب والمس بقدسية الكنائس في فلسطين عشية وخلال وبعد حرب عام 1948، إضافة إلى عمليات سلب وتخريب الكنائس التي كانت موجودة في المدن والبلدات والقرى الفلسطينية.

المصدر : الجزيرة