رهان أميركي على الدور الأمني للسلطة في غزة بعد الحرب

عباس لدى اجتماعه بجيك سوليفان خلال زيارته إلى رام الله الجمعة (الأناضول)

تدفع ثقة الإدارة الأميركية في قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، وقيامها بأنشطة فعالة لمنع العديد من الهجمات ضد إسرائيل، إلى مناقشة إعادة تفعيل تلك القوات والأجهزة الأمنية التابعة لها للعب دور في قطاع غزة بعد الحرب، وذلك وفق تقارير نشرتها وسائل إعلام غربية وإسرائيلية.

وتعتقد الإدارة الأميركية أن تلك القوات العاملة في الضفة الغربية، التي تتلقى التدريب والتوجيه من الولايات المتحدة، تقوم بأنشطة فعالة لمكافحة الإرهاب ومنع العديد من الهجمات ضد إسرائيل. ويعتقد الأميركيون أن مثل هذا الوضع يمكن التوصل إليه في غزة في المستقبل.

وتصدر هذا الأمر أجندة المسؤولين الأميركيين الكبار خلال زياراتهم المتوالية إلى الضفة الغربية في الآونة الأخيرة للقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (88 عاما) عاما، حيث راجت تكهنات عن إدخال تعديلات على سلطته التي لا تحظى بشعبية بما يجعلها مؤهلة لإدارة غزة بعد انتهاء الحرب.

ويقول مسؤولون بإدارة الرئيس جو بايدن إن قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، "فعالة" وتسهم في منع تنفيذ عمليات ضد إسرائيل باعتراف المسؤولين الإسرائيليين الذين يشيرون في الوقت ذاته إلى فقدان أجهزة أمن السلطة السيطرة على أجزاء من الضفة.

وتوكد التصريحات التي أدلى بها -أمس الأحد- أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ التجاوب مع تلك المساعي، وقال الشيخ إن "السلطة الفلسطينية هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني وستكون مستعدة لتولي إدارة غزة بعد انتهاء الحرب".

وفي إشارة إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، قال الشيخ "لا يجوز لبعضنا أن يعتقد أن طريقته وأسلوبه في إدارة الصراع مع إسرائيل كانت المثلى والفضلى".

واجتمع الشيخ وعباس مع مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، في رام الله يوم الجمعة الماضي. ليصبح أحدث مسؤول أميركي كبير يحثه على تبني تغيير سريع.

وقال الشيخ لـ"رويترز" في مقابلة نشرتها أمس الأحد إن "الفلسطينيين أبلغوا سوليفان بأنّ هناك حاجة إلى جهد دولي جديد لإقناع إسرائيل بحل شامل يتضمن الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية". معتبرا أن وظيفته "هي العمل مع إسرائيل من أجل تخفيف معاناة الفلسطينيين".

عباس (يمين) خلال استقباله سوليفان في رام الله (وكالة الأناضول)

مواصفات أميركية

وقال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت "إن سوليفان وعباس ناقشا الخطوات اللازمة حتى تصبح السلطة الفلسطينية "أكثر مصداقية وأكثر أصالة وأكثر عرضة للمساءلة".

وقالت مصادر فلسطينية ومسؤول كبير من المنطقة على دراية بالمحادثات إن مقترحات واشنطن في الغرف المغلقة تشمل أيضا تنازل عباس ـالذي أمضى 18 عاما في منصبه ـ عن بعض سيطرته على السلطة.

واعتبرت أنه بموجب المقترحات المطروحة يمكن لعباس أن يعين نائبا له ويسلم المزيد من الصلاحيات التنفيذية لرئيس الوزراء ويدخل شخصيات جديدة في القيادة.

واقترح مسؤولون أميركيون كبار على عباس ورجاله إعادة تنشيط الجنود ورجال الشرطة الذين خدموا في قوات الأمن الفلسطينية في غزة قبل سيطرة حماس على غزة عام 2007 وإعادتهم إلى الخدمة الفعلية.

أمن السلطة بغزة

وقبل عام 2007  كان هناك 18 ألف فرد من قوات الأمن الفلسطينية في الخدمة الفعلية في غزة، و استمرت السلطة الفلسطينية في دفع رواتبهم بعد عام 2007 رغم أنهم لم يعملوا.

وقال مصدر مطلع على الأمر إن السلطة الفلسطينية بدأت في الأيام الأخيرة بالاتصال ببعض هؤلاء الأشخاص الذين هم في سن مناسبة للتحقق مما إذا كانوا مهتمين بالعودة للخدمة في قوات الأمن الفلسطينية.

ويعترف المسؤولون الإسرائيليون بأن قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية تسهم في منع الهجمات في الضفة الغربية، لكنهم يؤكدون في الوقت نفسه أنهم فقدوا السيطرة على أجزاء من الضفة الغربية.

ومنذ عودته إلى السلطة في عام 2009، عمل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إضعاف السلطة الفلسطينية وقاد سياسة توسيع الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

وبعد عملية "طوفان الأقصى، أعلن نتنياهو أكثر من مرة عن عدم قبول تل أبيب عودة السلطة للقطاع، معتبرا أن ذلك قد يهدد أمن إسرائيل، بل ذهب إلى أبعد من ذلك عندما قال إن إسرائيل تستعد لاحتمال خوض قتال ضد قوات السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.

وفي مقابلة مع رويترز في مكتبه برام الله قال عباس إنه مستعد لإدخال تعديلات على السلطة الفلسطينية بقيادات جديدة وإجراء الانتخابات التي تم تعليقها وإقصاء السلطة الفلسطينية من إدارة غزة، على أن يكون هناك اتفاق دولي ملزم من شأنه أن يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية. وهذا أمر يرفض الائتلاف اليميني المتطرف تأييده.

وقال عباس في المقابلة -الأسبوع الماضي- عندما سئل عن المقترحات الأميركية إن المشكلة ليست في تغيير السياسيين الفلسطينيين وتشكيل حكومة جديدة، وإنما المشكلة هي في سياسات الحكومة الإسرائيلية.

المصدر : وكالات