هل يخلِف العبادي وعوده ويتحالف مع المالكي؟

اجتماع لقيادات التحالف الوطني الحاكم في العراق
اجتماع لقيادات التحالف الوطني الحاكم في العراق (الجزيرة)

مروان الجبوري-بغداد

في خضم استعدادات الكتل السياسية العراقية للانتخابات البرلمانية المقبلة، تداولت أوساط إعلامية تسريبات عن اتفاق بين كتلتي رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي والسابق نوري المالكي لتشكيل تحالف مشترك بعد الانتخابات يضمن بقاء منصب رئاسة الوزراء لحزب الدعوة الحاكم حاليا.

وقد أثارت هذه التسريبات قلقا وتساؤلات في أوساط قوى سياسية عن مدى جدية الانتخابات ومصداقيتها، لا سيما بعد تصريح نسب للقيادي في الدعوة علي العلاق بأن العبادي والمالكي وقعا على تشكيل كتلة موحدة بعد إعلان نتائج الانتخابات.

لكن النائب عن دولة القانون محمد الصيهود نفى للجزيرة نت وجود مثل هذا الاتفاق، مؤكدا أن نتائج الانتخابات هي التي ستحدد التحالفات القادمة وشكلها.

أسباب ونفي
وأضاف الصيهود أن السبب وراء هذه "الشائعات" دعوة كتلته لتشكيل حكومة أغلبية سياسية تشترك فيها كل المكونات "لكسر المحاصصة الطائفية والقومية" ولا بد أن تفرز الانتخابات تحالفات تنتج هذه الأغلبية، على حد قوله.

ولا يستبعد النائب أن يكون للمالكي حضور قوي في الدورة النيابية القادمة، بسبب ما يعتبره شعبية يتمتع بها في أوساط شرائح واسعة من العراقيين.

كما نفى وجود أي تأثيرات خارجية على تشكيل التحالفات السياسية، مضيفا أن رئاسة الوزراء لا تحددها جهة من خارج العراق وإنما "نتائج صناديق الاقتراع".

تسريبات بتوقيع العبادي على اتفاق مع المالكي للتحالف في الانتخابات
تسريبات بتوقيع العبادي على اتفاق مع المالكي للتحالف في الانتخابات

تأثير خارجي
لكن عصام العبيدي عضو الهيئة السياسية لتحالف القوى العراقية يعتبر أن العراق بات الورقة الإيرانية الأقوى والأهم خارجيا، لذا جاءت زيارة مستشار المرشد الإيراني إلى بغداد للخروج بجبهة شيعية موحدة قريبة من طهران، وتعزيزا لنفوذها في العراق.

ويرى العبيدي أن النائب علي العلاق حاول أن يبعث برسالة طمأنة لجمهوره، تعبر عن محاولات رأب الصدع بين الرجلين وحلفائهما، لكن لن تستطيع علاج مشكلة الصراع على السلطة بين هذه الأطراف، على حد قوله.

وحول تأثير ذلك على مصداقية الانتخابات، يقول العبيدي للجزيرة نت إنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها القفز على نتائج الانتخابات، لكنا مصحوبة هذه المرة بتوجس شديد من تغير مزاج الناخب العراقي، والانشقاقات داخل الكتلة الواحدة.

ويعتقد العبيدي صعوبة توقع تغيير في حصول حزب الدعوة على رئاسة الوزراء، لاسيما بعد رفض العبادي الخروج من خيمته، ورضا الآخرين بالأدوار التي تناسب وجودهم، رغم التغيير الحاصل في مزاج الناخب العراقي تجاه السياسيين.

‪يتوقع أن يكون للمالكي حضور قوي في الدورة النيابية القادمة‬ يتوقع أن يكون للمالكي حضور قوي في الدورة النيابية القادمة (الجزيرة-وكالات)
‪يتوقع أن يكون للمالكي حضور قوي في الدورة النيابية القادمة‬ يتوقع أن يكون للمالكي حضور قوي في الدورة النيابية القادمة (الجزيرة-وكالات)

تراجع شعبية
ورغم أن العبادي تمتع بقبول شعبي نسبي في العامين الآخرين، فإن النقمة باتت تتصاعد ضده في الشارع العراقي منذ إعلان تحالفه السياسي الأخير، بسبب الشعور بخيبة الأمل كما يقول الكثيرون.

ويرى الباحث وأستاذ العلوم السياسية علي بشار أغوان أن تصريحات العلاق بشأن تحالف العبادي والمالكي بعد الانتخابات قد تطيح بتحالف النصر الذي يتزعمه العبادي، إن لم يتم ضبط الأمور والكف عن التسرع في التصريحات بهذا الشكل.

ويعتقد أغوان أن مثل هذه التصريحات قد تفقد العبادي جزءا كبيرا من جمهوره السني الذي ما زال ينظر إليه بثوب "المنقذ المحرر" لأنه سيصبح في نظرهم شخصا "لا يستطيع التحليق في فضاء وطني".

بالإضافة إلى أن تحالف النصر التابع للعبادي أعلن عنه ككتلة مستقلة عابرة للطائفية والمناطقية والقومية، لكن الأمور لا تشير إلى ذلك حتى اللحظة، بسبب هذه التصريحات التي قد تنهي التحالف أو تزرع عدم الثقة بين أعضائه، وفق الباحث أغوان.

أغوان: مثل هذه التصريحات قد تفقد العبادي جزءا كبيرا من جمهوره السني
أغوان: مثل هذه التصريحات قد تفقد العبادي جزءا كبيرا من جمهوره السني

صراع شخصي
من جهته، يعتقد المحلل السياسي أحمد سعيد أن الخلاف بين المالكي والعبادي لا يتعلق بطبيعة المشروع الذي يحملانه بقدر ما هو قضية "شخصية" بعد أن أكره المالكي على ترك منصبه قبل أربع سنوات.

وينقل سعيد عن مصادر سياسية مطلعة أن المالكي اقترح على كتل سنية عدة مرات تغيير العبادي بسبب خلافهم معه حول قانون الانتخابات وتأجيلها، عارضا عليهم أن يكون البديل من حزب الدعوة وليس بالضرورة أن يكون المالكي نفسه، متحدثا معهم بصفته زعيما للحزب، وفقا لهذه المصادر.

ويشير أيضا إلى أن التحالفات الحالية أدارتها طهران حتى داخل القوى السنية التي سعت للحصول على إذن من طهران بالعمل في الساحة العراقية "فهي من تدير المشهد بالكامل" وتتحكم بملفاته الحيوية، كالحرب على "الإرهاب" والتلويح بالحشد.

ويعتقد المحلل السياسي أن المالكي لا تزال لديه الرغبة بالعودة إلى المنصب، إلا أن الأمر متروك للاعبين الإقليميين، وعلى رأسهم إيران "المنتصرة" في العراق، وإذا رغبت بتأزيم المشهد مجددا فيمكنها أن تدفع بالمالكي.

لكن الأمر مرهون بالضغوط عليها فيما يتعلق بملفات سوريا ولبنان واليمن، وفي حال مضت الأمور على وتيرة هادئة فستدفع بشخصية يعتبرها الآخرون مقبولة وبعيدة عن دائرة القرار الإيراني كالعبادي، وفق ما يرى.

المصدر : الجزيرة