قضية خاشقجي.. هل ينفض ترامب يديه من بن سلمان؟

U.S. President Trump meets Crown Prince of Saudi Arabia Al Saud- - WASHINGTON, USA - MARCH 20: (----EDITORIAL USE ONLY – MANDATORY CREDIT -
الرئيس الأميركي دونالد ترامب يستقبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان (الأناضول)

شغلت قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي الرأي العام العالمي، وأثار الغموض الذي انتاب مصيره عقب دخوله القنصلية السعودية بإسطنبول كثيرا من الاستهجان، المشفوع بدعوات عالمية للكشف عن كل الحقائق المتعلقة به، ومحاسبة المتورطين في اختفائه.

وفي الضفة الأخرى من المحيط الأطلسي، تتجه الأنظار صوب واشنطن، الحليف الرئيسي للمملكة العربية السعودية، إذ يتساءل متابعون عما إذا كان لهذا الحدث أن يعكّر صفو العلاقات بين الإدارة الأميركية -وعلى رأسها الرئيس دونالد ترمب وصهره جاريد كوشنر– وولي العهد محمد بن سلمان، أم أن الروابط والمصالح بين الطرفين لن تتأثر مهما أحرج ترامب السعودية، ومهما أحرجت أساليب ابن سلمان واشنطن؟

خرج ترامب عن صمته لأول مرة، وعبّر في تصريح بالبيت الأبيض أثناء إجابته على سؤال صحفي عن قلقه من اختفاء خاشقجي، وقال "آمل أن تحل القضية سريعا".

كما قال مايك بنس نائب الرئيس الأميركي في تغريدة له على تويتر؛ إنه "مستاء جدا" من التقارير المتداولة بخصوص مصير خاشقجي"، وأضاف "إذا صح (ما يتردد) فهذا يوم مأساوي". وذكر أن العالم يطالب بإجابات عن قضية الصحفي السعودي، معتبرا أن العنف ضد الصحفيين في العالم خطر على حرية التعبير.

تدمير العلاقة
أما السيناتور الجمهوري لندسي غراهام، فقد قال إن ثبوت اغتيال خاشقجي سيدمر العلاقة مع الرياض. وفي الاتجاه نفسه، سار السيناتور ماركو روبيو الذي قال إنه لو ثبتت صحة التقارير بشأن مقتل جمال خاشقجي، فإن على الولايات المتحدة والعالم المتحضر الرد بقوة.

قضية خاشقجي جعلت السياسيين الأميركيين يغرّدون على الموجة نفسها مع المنظمات الحقوقية والإعلاميين. وحتى توماس فريدمان -الصحفي الشهير ومادح ابن سلمان في مقالات سابقة- لم يُخف استهجانه، ودعا كلا من ترامب ومستشاره وصهره كوشنر إلى مطالبة السعودية بالكشف عن مصير الصحفي السعودي.

كما كتب فريدمان في حسابه الرسمي على تويتر "ترامب، كوشنر، لا أغرد عادة بآرائي، ولكن ليكن ذلك: عليكما أن تدعوا السعوديين للعثور على جمال خاشقجي وإطلاق سراحه؛ بدون ناقد بناء مثله ستفشل الإصلاحات الاقتصادية السعودية".

وبالنسبة لصحيفة واشنطن بوست التي كان يكتب خاشقجي فيها، فقالت إنه إذا كان الصحفي السعودي قتل داخل القنصلية السعودية، فإن قتلَه سيسلط ضوءا جديدا ومقلقا على النظام السعودي وحاكمه الفعلي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وسيحتاج إلى إعادة تقييم شاملة للعلاقات الأميركية السعودية.

وألمحت الصحيفة إلى أن خاشقجي كان مقيما في أميركا، وهو ما يعطي إدارة ترامب أساسا وواجبا للمطالبة بالإجابات والأدلة ذات الصلة من كل من السعودية وتركيا.

قضية خاشقجي تضاف إلى عدد من القضايا الأخرى التي وضعت فيها الرياض واشنطن في موقف حرج، وأبرزها استهداف المدنيين في اليمن بأسلحة أميركية، وحصار قطر الذي قوّض–حسب الأميركيين- مواجهة إيران بكتلة خليجية موحدة، واحتجاز رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري بطريقة مهينة.

ترامب وابن سلمان
ورغم الملايين التي تنفقها الرياض على مؤسسات الدعاية في أميركا لتحسين صورتها، يرى الصحفي البريطاني ديفيد هيرست أن مقتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية –إن ثبت– سيعصف بالملايين التي دفعها ولي العهد السعودي لتحسين صورته في الغرب وتقديمه على أنه "إصلاحي في عجلة من أمره" (باستخدام تعبير توماس فريدمان في مقال نشره بصحيفة نيويورك تايمز).

وقال هيرست في مقال بعنوان "خاشقجي سعودي لكنه مختلف": إن "هذه الجريمة تكاد تكون مشهدا في فيلم رعب مروع، لكن لعله هو الآخر (محمد بن سلمان) على وشك أن يدفع ثمن ذلك حينما يدرك أبعاد ردود الفعل الإعلامية في واشنطن".

غير أن الصحفية الأميركية ميشال غولدبرغ لا ترفع سقف التفاؤل عاليا، لأنها تعتبر بالأساس، في مقال نشرته في نيويورك تايمز، أن التجاوزات التي تقوم بها السعودية وروسيا والصين وغيرها تتم بسبب ترامب نفسه الذي "منح الدكتاتوريين الضوء الأخضر".

وأضافت غولدبرغ "قالت لي سارة مارغون مديرة هيومن رايتس ووتش في واشنطن؛ إذا كانت تقارير مقتل خاشقجي صحيحة، فهي وقحة وغريبة للغاية".

وتابعت "ليس من المستغرب مع ذلك أن الحكومة السعودية ستعتقد بأنها يمكن أن تفلت من العقاب. لطالما حافظت الولايات المتحدة على علاقة إستراتيجية وثيقة مع المملكة العربية السعودية، على الرغم من سجل المملكة المريع في مجال حقوق الإنسان، وبدأ الدعم الأميركي الضمني لحربها الوحشية في اليمن خلال إدارة باراك أوباما. لكن لم يكن هناك قط رئيس أميركي متحمس للسعودية مثل ترامب".

المصدر : الجزيرة