معلومات جديدة تعزز سيناريو تصفية خاشقجي

Residence of Saudi Arabia's Consul General Mohammad al-Otaibi is pictured in Istanbul, Turkey October 10, 2018. REUTERS/Murad Sezer
بيت القنصل السعودي العام في إسطنبول الذي طلبت السلطات التركية تفتيشه إلى جانب القنصلية (رويترز)

حصلت الجزيرة على معلومات جديدة تعزز رواية تصفية الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول بناء على "أوامر عليا من الرياض"، كما نُقل عن المخابرات البريطانية أنه أعطي جرعة مخدر زائدة ربما أودت بحياته، فيما أكد مسؤول تركي أن السعودية ترفض تفتيش قنصليتها.

والمعلومات التي نقلها مدير مكتب الجزيرة في تركيا عبد العظيم محمد عن مصادر تركية، تفيد بأن جميع موظفي القنصلية تمت دعوتهم لاجتماع قبل ربع ساعة من دخول خاشقجي (59 عاما) القنصلية، ومُنح الموظفون الأتراك إذنا بإنهاء عملهم باكرا.

كما تفيد بأن خاشقجي عندما دخل القنصلية ظهر الثلاثاء قبل الماضي كان في استقباله أحد الموظفين، وجرى إدخاله إلى مكتب القنصل العام محمد العتيبي.

وظل خاشقجي -وفق المعلومات نفسها- ينتظر في المكتب حتى دخل عليه الفريق الأمني السعودي المؤلف من 15 شخصا، وكانت مصادر أمنية تركية أكدت سابقا أن الفريق قدِم خصيصا من السعودية لتصفية الصحفي، الذي تحول منذ غادر المملكة قبل عام إلى منتقد لسياسات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

ووفق المعلومات الجديدة، يُعتَقد أن "فريق الاغتيال" قتل خاشقجي داخل مكتب العتيبي، ثم نقلت جثته إلى غرفة أخرى للتعامل معها بطريقة ما، وبعد ساعتين ونصف الساعة نُقلت خارج القنصلية، وعلى الأرجح تم ذلك بواسطة شاحنة صغيرة سوداء معتمة من طراز مرسيدس.

ولا تزال هذه السيارة محل بحث، بالإضافة إلى حقائب اشتراها الفريق من السوق المصري بمنطقة "أمينونو" بإسطنبول، ولم يحملوها معهم حين غادروا تركيا.

ويدعم هذه الرواية ما نقلته صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول تركي كبير أن كبار المسؤولين الأمنيين في تركيا توصلوا إلى أن خاشقجي قتل في القنصلية، وتم تقطيعه بمنشار كبير جلبه الفريق السعودي الذي غادر في اليوم نفسه على متن طائرتين خاصتين إلى القاهرة ودبي، ومنهما إلى السعودية.

ووفق المسؤول التركي نفسه، فإن الاغتيال تم بناء على أوامر من أعلى المستويات في الديوان الملكي السعودي. وكانت مصادر تركية أكدت -في وقت سابق- أن المحققين الأتراك يملكون أدلة ملموسة على تصفية خاشقجي.

وعلى هذا الأساس، يعتزم الادعاء العام في إسطنبول اعتبار ما جرى في قضية الصحفي السعودي جريمة قتل، وفق مدير مكتب الجزيرة في تركيا.

كما تتعزز فرضية تصفية خاشقجي بتصريحات لمسؤولين أميركيين على غرار السناتور بوب كوركر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، الذي أكد اطلاعه على معلومات استخبارية سرية تؤكد القتل، في حين أكد مصدر أميركي مطلع أن الاستخبارات الأميركية رصدت اتصالات بين مسؤولين سعوديين ناقشوا فيها اعتقال خاشقجي أو قتله.

جرعة مخدر
من جهة أخرى، نقلت وكالة رويترز عن مصدر سعودي -لم تحدده- أن المخابرات البريطانية تعتقد أنه كانت هناك محاولة لتخدير خاشقجي داخل القنصلية، انتهت بإعطائه جرعة زائدة.

وأضاف المصدر أن المعلومات جاءت من مصدر في المخابرات البريطانية، لكن عندما اتصلت رويترز بالمخابرات البريطانية رفضت التعقيب.

في المقابل، نقلت رويترز عن مصدر سعودي أن رواية مقتل خاشقجي غير صحيحة، وأفادت بأن المسؤولين الأتراك يعتقدون أن الصحفي المفقود كان يرتدي ساعة آبل عند دخوله القنصلية، ويمكنها تحديد موقعه.

‪السعودية وافقت في وقت سابق على السماح لمحققين أتراك بتفتيش القنصلية‬  (رويترز)
‪السعودية وافقت في وقت سابق على السماح لمحققين أتراك بتفتيش القنصلية‬ (رويترز)

رفض التفتيش
في الأثناء، نقلت صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن مسؤول تركي أن السعودية لا ترغب في دخول فريق التحقيق التركي للقنصلية، رغم أنها أبدت في وقت سابق موافقتها على تفتيش المبنى. ووفق الصحيفة، فإن مسؤولين أتراكا يتهمون السعودية بعدم التعاون في التحقيقات الجارية.

وكان مراسل الجزيرة قال إن اتصالات تركية رسمية جارية مع الجانب السعودي للسماح بتفتيش بيت القنصل والقنصلية في آن واحد، وإن طلب التفتيش جاء بناء على معلومات بأن السيارة المشتبه فيها توجهت إلى بيت القنصل بعد خروجها من القنصلية.

كما قال المراسل إن السفارة السعودية في أنقرة طلبت تأخير دخول فريق التحقيق التركي القنصلية حتى يحضر السفير وليد الخريجي، ولم تردَّ السلطات السعودية بعد على طلب تفتيش بيت القنصل الذي يبعد ثلاثمئة متر فقط عن القنصلية، وبات بدوره موضع شبهة قوية بالنسبة للمحققين الأتراك.

في الإطار نفسه، نقل مدير مكتب الجزيرة بتركيا عن مصدر أمني تركي أن مشاركة مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي (إف بي آي) في التحقيقات التركية ليس واردا أبدا.

وكانت مصادر تركية قالت أمس إنه يمكن الحفر داخل القنصلية بحثا عن الجثة المحتمل وجودها في المبنى، فيما ذكرت تقارير صحفية أن الأمن التركي فتش جيدا الطائرتين المغادرتين إلى القاهرة ودبي، وأن أجهزة المسح بالأشعة لم تكشف وجود أشلاء آدمية في الحقائب.

تسجيلات مصورة
وكانت وسائل إعلام تركية نشرت لأول مرة مساء الثلاثاء تسجيلات من كاميرات المراقبة التابعة للأمن التركي في محيط القنصلية السعودية في إسطنبول.

وتُظهر التسجيلات دخول خاشقجي القنصلية السعودية. وفي حين تؤكد أنقرة أن الصور لم تظهر خروج خاشقجي مشيا على قدميه، يقول المسؤولون السعوديون إنه غادر القنصلية.

كما نشرت وسائل الإعلام التركية تسجيلات لوصول الفريق الأمني السعودي، أظهرت لحظة هبوط طائرتين خاصتين في مطار أتاتورك الدولي يوم اختفاء خاشقجي في توقيتين مختلفين، وكانتا تقلان 15 شخصا خضعوا للتفتيش في المطار.

ونشرت صور أعضاء الفريق الأمني وأسماؤهم، وأحدهم يُعتقد بأنه حارس لولي العهد السعودي، وخبير في الطب الشرعي والتشريح.

وبحسب الصور، فقد شوهدت ست سيارات تخرج من مبنى القنصلية بعد ساعتين ونصف الساعة من دخول خاشقجي المبنى، وتوجهت إحدى هذه السيارات إلى منزل القنصل السعودي.

المصدر : الجزيرة + وكالات