الموصل.. معاناة النازحين وتوجس العائدين

شح المياه في مخيم الخازر شرق الموصل.jpg
مخيم الخازر شرق الموصل (الجزيرة)

ريحان الموصلي-أربيل

تفرق أهالي الموصل شمالي العراق بين نازح يكابد معاناة المخيمات، ورازح تحت وطأة انعدام الخدمات وتحت قنابل الطائرات المسيرة في الجانب الشرقي المستعاد حديثا على يد القوات العراقية المشتركة.

ولا يختلف الأمران كثيرا، فالمخيمات المنتشرة في شرق الموصل على أطراف مدينة أربيل تحوي أكثر من 14 ألف عائلة -حسب مصدر رسمي- يعانون نقصا في الخدمات الأساسية ومنعا من الخروج إلا للضرورة.

ويحرص ساكنو المخيمات على تسجيل أسمائهم لدى إدارة المخيم طلبا للعودة إلى شرق الموصل رغم الخروقات الأمنية والخدمات الهزيلة فيها، إذ يتوجب على النازح أن يسجل اسمه وينتظر عشرة أيام على الأقل حتى يسمح له بالعودة، حسب مقيم بمخيم الخازر (40 كلم شرق الموصل) يدعى سالم.

يقول سالم -وهو أحد أفراد عائلة من ثمانية أشخاص- إنهم أعدوا عدتهم وسجلوا في طابور العودة وأخبرتهم إدارة المخيم أن أسماءهم ستخضع للتدقيق الأمني خوفا من وجود ارتباط بينهم وبين مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية.

ويضيف سالم، وهو على باب خيمته واضعا يديه في جيبيه ومرتديا قبعة صوفية بسبب موجة برد اجتاحت شمالي العراق منذ يومين، أن جيرانه في حي البكر شرقي الموصل أخبروه أن الخدمات غير متوفرة تماما، لكنه يريد العودة للعمل وإعالة عائلته وتسجيل أطفاله في المدارس.

‪مشهد من الدمار في دورة العبادي بحي المصارف شرق الموصل‬ (الجزيرة)
‪مشهد من الدمار في دورة العبادي بحي المصارف شرق الموصل‬ (الجزيرة)

من جهة أخرى، اختار العديد من النازحين التريث في العودة إما لفقدان منازلهم جراء الحرب وإما لحاجتهم لخدمات طبية لا تتوفر شرقي المدينة.

يقول أبو صقر، وهو نازح من حي سومر، إنه لن يعود الآن بسبب حاجته لعلاج ابنه الجريح، مضيفا أن المدينة تفتقر لمؤسسات صحية جيدة يمكن أن تقدم العلاج الدائم لابنه بينما يجد ذلك في مراكز طبية تعود لمنظمات إغاثية في مخيم الخازر.

أنقاض حرب
وربط رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إعلان استعادة الجانب الشرقي من الموصل في الـ24 من الشهر الماضي بإعلان توقيع 27 مذكرة لإعادة بناء مشاريع مختلفة في المناطق المستعادة.

بيد أن ذلك لم يتحقق على أرض الواقع، إذ لا تزال أنقاض الحرب وآثاره ترسم لوحة بؤس على وجه المدينة التي يحاول أهلها نفض الغبار عنهم بحملات شبابية تطوعية من جهة، وبإعادة فتح المحال التجارية والمطاعم والأسواق من جهة أخرى.

يقول منذر الطائي، أحد سكان حي المصارف، إن الوضع الآن أفضل مما كان عليه خلال سيطرة تنظيم الدولة من حيث تقييد الحريات وقلة الدواء والغذاء وحملات الاعتقالات والإعدامات، لكن ذلك لا يعني أن كل شيء متوفر الآن.

ويضيف الطائي "نحن بحاجة للكهرباء والماء وصيانة شبكات المجاري وتعبيد الطرق المدمرة جراء الحرب وإعادة تأهيل المستشفيات وإعمار ما تهدم منها حتى نقول إن الحياة عادت لطبيعتها".

أمن متدهور
من جانبه، يرى الصحفي أحمد الدباغ المقيم في الموصل أن الوضع الأمني هو العائق الأكبر أمام استقرار الوضع في المدينة.

ويوضح الدباغ أن المدنيين قلقون جدا من الطائرات المسيرة التابعة لتنظيم الدولة والتي تصل إلى عمق خمسة كيلومترات داخل الجانب الشرقي وتلقي قنابل صغيرة توقع ضحايا من المدنيين بشكل شبه يومي، فضلا عن قنابل الهاون التي يطلقها التنظيم من الجانب الغربي وهجمات انتحارية تحصل بين الحين والآخر.

‪جانب من معاناة الأهالي بسبب تعطل جسر بين حي السكر والمصارف‬ (الجزيرة)
‪جانب من معاناة الأهالي بسبب تعطل جسر بين حي السكر والمصارف‬ (الجزيرة)

ويرصد ناشطون مدنيون ضعف الجهود الخدمية والأمنية المقدمة من قبل الحكومة المحلية والمركزية تجاه المناطق المستعادة، ووصفوها بالترقيعية، مشيرين إلى قصور واضح للدوائر الخدمية في مقابل الوضع الذي يطغى عليه الدمار.

وكان الجانب الشرقي من الموصل شهد إعادة افتتاح المدارس و الأسواق والمطاعم والمقاهي بعد أيام من استعادتها، إلا أن انتشار عمليات السرقة ووجود خلايا مسلحة هاجمت مطاعم ومناطق تجمع لعناصر أمن أربك الوضع ووضع المواطن في خانة الخوف من المستقبل.

المصدر : الجزيرة