اللغة والتأقلم تحديان يواجهان السوريين بألمانيا

الأم السورية اللاجئة سكرة الشديدي وأبتيها الصغيرة والكبيرة بشرق العاصمة الألمانية برلين. الجزيرة نت
الأم السورية اللاجئة سكرة الشديدي وابنتاها في شرق برلين (الجزيرة)

خالد شمت-برلين

تعبّر اللاجئة السورية سكرة الشديدي عن سعادتها بحياتها الجديدة بألمانيا، وبترحيب معظم مواطني البلاد بها وأمثالها القادمين من دول مختلفة، لكنها تقول إنها وبناتها الثلاث حصلن على تأشيرة إقامة تحمل اسم "إقامة اندماج" مدتها ثلاث سنوات، وتشكو من ضغوط برامج المساعدات الحكومية الهادفة لإلحاقها بسوق العمل بأسرع وقت دون مراعاة لظروفها كأم.

وأوضحت للجزيرة نت أن انشغالها بتعلم الألمانية وحفظ مفردات جديدة منها، ومشاركتها بدورة للاندماج وشراء الاحتياجات الحياتية الضرورية، يستغرق معظم يومها، ولا يترك لها وقتا لرعاية بناتها القصر اللائي لا عائل لهن سواها.

ووصلت سكرة في ديسمبر/كانون الأول 2015 إلى ألمانيا بعد رحلة طويلة عبرت فيها مع ابنتها الصغرى البالغة سبع سنوات البحر الأبيض المتوسط بقارب للاجئين إلى إيطاليا، ثم أحضرت ابنتيها الأخريين البالغتين 14 و16 عاما بموجب الإجراءات الألمانية للم شمل طالبي اللجوء المعترف بهم.

اللغة مفتاح
ورأت الأم الأربعينية أن التأقلم مع الواقع الجديد وتعلم اللغة يمثلان أصعب تحد يواجهه معظم اللاجئين السوريين بحياتهم في مراحلها الأولى بألمانيا.

وأكملت سكرة المستوى الأول بتعلم الألمانية وبدورة للاندماج ودورة أخرى للتأهيل المهني، لكنها فضلت مواصلة دراستها الألمانية لإدراكها أن "اللغة مفتاح لدخول المجتمع الألماني ولكي تتبوأ مكانا لائقا فيه، وبدونها سيصعب الحصول على وظيفة جيدة" أو ممارسة عملها السابق كسكرتيرة.

‪علي‬ علي (يمين) ومحمد لاجئان سوريان يرويان تجربتهما في برلين (الجزيرة)
‪علي‬ علي (يمين) ومحمد لاجئان سوريان يرويان تجربتهما في برلين (الجزيرة)

وأشارت إلى أن صعوبة الألمانية أضيفت إليها صعوبات أخرى واجهتها بتعلمها، منها سرعة التدريس لفصل من 25 طالبا ليس لديهم خلفية سابقة، وعدم وجود إمكانية بوقت الحصص لطرح الأسئلة، وذكرت أنها سعت للتغلب على هذه العوائق بممارسة ما تتعلمه بالحديث مع جاراتها المسنات، وتوسيع حصيلتها اللغوية بمتابعة الأخبار والبرامج بالقنوات الألمانية.

وتدرس ابنتا سكرة، لمى وشقيقتها، لمدة عام بأحد فصول "الترحيب" التي أضافتها مدارس برلين لإلحاق أطفال اللاجئين بها، بينما التحقت الابنة الصغرى بروضة للأطفال بحيهم بشرقي العاصمة الألمانية.

وتباهت لمى ضاحكة في حديثها للجزيرة نت بتعلمها الألمانية بشكل أفضل من أمها، لكنها قالت إنها وأختها تواجهان بفصل "الترحيب" منغصات منها مضايقات تلاميذ رومانيين لاجئين لهما، وأشارت إلى أن عدم إلحاقهما بفصل التلاميذ الألمان إلا ساعة واحدة أسبوعيا يقلل من ممارسة اللغة بشكل أفضل.

وتنظر سكرة بتفاؤل لمستقبلها وأسرتها الصغيرة بألمانيا، ولفتت إلى أن اندماج بناتها بالمجتمع المدرسي الصغير، واختيار لمى متحدثة باسم فصلها، يخفف عنها ضغوط مفارقتها لبناتها من الصباح للمساء.

ولا تختلف تجربة اللاجئين الشابين علي ومحمد دانيال عن مواطنتهما سكرة وبناتها.

وتبدو أوضاع كل من الشابين السوريين اللذين وصلا ألمانيا قبل نحو عامين مختلفة، فعلي لم يحصل على مؤهل دراسي ومارس حرفة يدوية في سوريا، بينما درس محمد المعلوماتية.

‪ديانا عبد الكريم: التأقلم مع مجتمع مختلف تماما تحد صعب‬ ديانا عبد الكريم: التأقلم مع مجتمع مختلف تماما تحد صعب (الجزيرة)
‪ديانا عبد الكريم: التأقلم مع مجتمع مختلف تماما تحد صعب‬ ديانا عبد الكريم: التأقلم مع مجتمع مختلف تماما تحد صعب (الجزيرة)

آليات التأقلم
ويتفق الشابان السوريان على اعتبار أن تطور حياتهما بمجتمعهما الجديد متوقف على اجتياز عقبة مهمة هي تعلم الألمانية، وذكر علي أنه يبذل كل جهده بدراسة المستوى الأول لتعلم اللغة ليتمكن من الالتحاق بتدريب مهني عثر عليه بصعوبة بمجال عمله السابق السيراميك والموزاييك.

وأشار زميله محمد لتطلعه للحصول بعد الانتهاء من دورة اللغة على أي فرصة عمل تناسب تخصصه.

وبخلاف علي ومحمد، تبدو الشابة ديانا عبد الكريم سعيدة بما حققته في ألمانيا عندما تقارن نفسها بأوضاع مواطنيها اللاجئين، وقالت الطالبة بقسم السينما والأفلام الوثائقية بجامعة بوتسدام للجزيرة نت إن إتقان لغة البلاد الجديدة رغم صعوبته ضروري لحصول أي لاجئ سوري على وضع أفضل بألمانيا، لكنها رأت أن التحدي الأصعب أمام مواطنيها هو التأقلم مع مجتمع مختلف تماما عما عاشوه بسوريا.

واعتبرت ديانا أن تحقيق الطموح اعتمادا على القدرات الذاتية وحدها وآليات معاقبة المخطئ وتزايد تفهم الألمان للقادمين الجدد تمثل عوامل تساعد اللاجئين السوريين على التأقلم بسرعة مع المجتمع الألماني.

وأشارت إلى أن توقعها مبني على خبرة ذاتية من عملها مساعدة بملجأ للاجئين قصّر بغير مرافق من جنسيات مختلفة في بوتسدام، وأوضحت أن آليات النظام بالملجأ فرضت على الأطفال والناشئة التحول خلال ستة شهور من العشوائية والتشاحن للنظام وتقبل وتفهم الآخر.

المصدر : الجزيرة