هل يتخلى إخوان مصر عن العمل الحزبي؟

المركز العام لجماعة الإخوان المسلمين
المركز العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر قبل حظرها (الجزيرة-أرشيف)
عبد الرحمن محمد-القاهرة

يتصاعد الحديث في الآونة الأخيرة داخل أروقة جماعة الإخوان المسلمين وسياسيين مهتمين بشؤونها؛ عن فصل العمل الدعوي عن الحزبي، وتركيز الجماعة على المسار الدعوي والتربوي وترك الوصاية على حزب الحرية والعدالة الذي أسسته للمنافسة السياسية.

بدأ ذلك بإعلان القيادي في الجماعة جمال حشمت منتصف الشهر الماضي "تأكد عزم كل الأطراف" داخل الجماعة على ضرورة "فصل الجانب الحزبي التنافسي عن الجانب الدعوي والتربوي"، وأنه سيتم الإعلان عن ذلك قريبا.

غير أن قيادات أخرى في الجماعة نفت ذلك وأكدت استمرار تبعية حزب الحرية والعدالة للجماعة، مما دفع مراقبين إلى اعتبار قضية الفصل إحدى مساحات الخلاف الذي ظهر مؤخرا بين اللجنة الإدارية العليا للإخوان -التي كانت تدير شؤون الجماعة في مصر– وجبهة القائم بأعمال مرشد الإخوان محمود عزت.

ومؤخرا، اعتبر رئيس حزب الوسط أبو العلا ماضي في حوار صحفي أن أول مفتاح لحل أزمة الجماعة هو فصل الدعوي عن الحزبي، مؤكدا أنه لا سبيل إلا أن تأخذ الجماعة قراراً تاريخياً بعودتها إلى العمل الدعوي والتربوي فقط. 

‪سودان: الظرف الحالي غير مناسب لإتمام عملية فصل الحزب عن الجماعة‬ (الجزيرة)
‪سودان: الظرف الحالي غير مناسب لإتمام عملية فصل الحزب عن الجماعة‬ (الجزيرة)

لا توافق
حول هذا الموضوع، يقول القيادي في الجماعة وأمين العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة محمد سودان إنه "لا يمكن التوافق على ما يخالف منهجية جماعة الإخوان المسلمين بفصل القسم السياسي عن الجماعة، فهي منذ تأسيسها عام 1928 تعمل في كل مناحي الحياة".

وأشار سودان في حديثه للجزيرة نت إلى أن فكرة فصل الحزب كانت على أجندة الجماعة منذ إنشائه، وكانت الخطة تقضي بأن يتم الفصل تدريجيا حتى تتضح الأوضاع السياسية في البلاد، "إلا أن العسكر لم يمهلوا أحدا وباغتوا النظام الديمقراطي كله بالانقلاب الفاشي".

ورأى أن "الظرف الحالي غير مناسب لإتمام عملية الفصل، خاصة أن الانقلاب حل الحزب بحكم قضائي مسيس، والأولى لأعضاء الحزب والجماعة الذين تمكنوا من الخروج أن تلتئم لُحمتهم ويضعوا الحلول المناسبة للخروج من الأزمة، لا أن يعينوا العسكر على زيادة الفُرقة".

من جهته، يقول جمال حشمت إن الحديث يتم عن الفصل بين "الدعوي التربوي والحزبي التنافسي، وليس فصل الدعوي عن السياسي، فالأخير لا يعرفه منهج الإسلام الذي يشمل الدنيا والدين، والحكم أصل من أصوله".

وأوضح حشمت في حديثه للجزيرة نت أن "المطالبة بفصل الدعوي عن الحزبي أصل قرار إنشاء حزب الحرية والعدالة، وهذا تم في الشكل لكنه لم يحدث في الواقع، وهو المطلوب في إطار المراجعات التي تتم، ومجرد إقراره خطوة في الطريق الصحيح نحو احترام التخصص دون تحميل الجماعة آثار ممارسة حزبية".

خلط متعمد
وبحسب حشمت فإنه لا اختلاف في الأمر، "لكن البعض خلط بين السياسي والحزبي وانتفض لمجرد النكاية وسوء الظن الذي يتملك مواقفه من كل المبادرات"، مؤكدا أنه "لو دار حوار مخلص لانتهى الأمر ببساطة، لكن هناك من يحرص على وجود أي خلاف ليتفرد البعض بالإدارة بعيدا عن الشورى الحقيقية والعمل المؤسسي الفعّال".

وتابع أن "الباب ما زال مفتوحا لحوار بين المؤيدين والمعارضين في مناخ من الثقة والرغبة في الوصول إلى الأفضل، وفي إطار الحفاظ على الجماعة والتنظيم ولعب الدور الأكبر في قلب الثورة المصرية".

‪دراج: الجماعة لن تنافس مرة أخرى‬ (الجزيرة)
‪دراج: الجماعة لن تنافس مرة أخرى‬ (الجزيرة)

في السياق نفسه، يؤكد عمرو دراج القيادي في الجماعة وعضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة أن هناك "تفاعلا كبيرا من قبل قواعد الجماعة مع مطلب الفصل، وأنه تمت دراسة الأمر بعمق من قبل باحثين ومراكز دراسات متخصصة، والجميع دعم الفكرة".

وأشار دراج في حديثه للجزيرة نت إلى أن "منافسة الجماعة لقوى سياسية على مقاعد انتخابية أحدثت فجوة بينها وبين قطاعات من المجتمع، وهو ما أثر على دورها في مقاومة الانقلاب والحكم العسكري، مما استدعى هذه المراجعات والتوجه إلى الفصل".

وعن جدوى إثارة الأمر الآن، أوضح دراج أن الهدف هو إرسال رسالة إلى المجتمع مفادها أن الجماعة لن تتنافس مرة أخرى على مقاعد انتخابية، وأنها جزء من الشعب في حراكه لكسر الانقلاب وإنهاء الحكم العسكري واستعادة المسار الديمقراطي، وفق قوله.

وتوقع ألا يستغرق حسم الأمر فترة طويلة، مشيرا إلى أن "اللجنة الإدارية العليا تدرس الأمر بشكل عميق، وقد يتم الإعلان عن الفصل رسميا خلال أسابيع".

المصدر : الجزيرة