بروكسل ستجعل خروج بريطانيا عبرة لدول الاتحاد

German Chancellor Angela Merkel (R) and French President Francois Hollande (L) adress the media during a press conference at the end of Bratislava EU summit, an informal meeting of the 27 heads of state or government, in Bratislava, Slovak Republic, 16 September 2016. European Union leaders meet to discuss a new strategy and future of the European Union after the recent Brexit referendum in Britain.
أنجيلا ميركل وفرانسوا هولاند في قمة أوروبية ببراتيسلافا بسلوفاكيا (الأوروبية)
أبدى عدد من قادة الاتحاد الأوروبي رغبتهم في إرسال إشارات تهديد قوية لدول وأحزاب أوروبية تسعى لتفكيك الاتحاد، من خلال سلك أقسى الطرق الممكنة لإجراء انفصال بريطانيا المرتقب.

وأعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي -في وقت سابق- أن قرار خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي سيدخل حيز التنفيذ أواخر مارس/آذار 2017، بحسب تصريحات أدلت بها.

وبالرغم من أن لوائح الاتحاد تمنح الأعضاء مهلة عامين لإتمام إجراءات المغادرة، وفرصة للتفاوض على عدد من الامتيازات وعقد عدد من الاتفاقيات، وبالتالي الخروج بأقل الخسائر لكلا الطرفين؛ فإن مسؤولين في الاتحاد لم يخفوا رغبتهم في "معاقبة" بريطانيا على قرارها.

وأشار الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند -في تصريحات نقلتها عنه صحف أوروبية- إلى ضرورة "معاقبة" بريطانيا على قرار الخروج من الاتحاد، وذلك خلال اجتماع سابق في باريس بحضور رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يانكر والمفوض الأوروبي لإدارة عملية خروج بريطانيا ميشيل بارنيار.

ولم يستخدم المسؤولون الألمان تعبير هولاند، إلا أن حديثهم عن الإجراءات الاقتصادية الصارمة بحق لندن لا تقل قسوة.

‪تيريزا ماي في ندوة صحفية ببراتيسلافا بسلوفاكيا‬ (الأوروبية)
‪تيريزا ماي في ندوة صحفية ببراتيسلافا بسلوفاكيا‬ (الأوروبية)

ردع
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن "الحفاظ على تماسك مبدأ حرية الحركة التجارية بين الدول الأوروبية التي تضمنها العضوية في الاتحاد الأوروبي أولى من الحفاظ على بريطانيا كسوق للمنتجات الألمانية".

وجاء ذلك في خطاب للمستشارة الألمانية في المؤتمر السنوي لاتحادات الصناعة الألمانية، عبّرت فيه بشكل غير مباشر عن رغبة إدارتها في جعل خروج بريطانيا من الاتحاد "عبرة" لباقي الأعضاء، وبالتالي ضمان الحفاظ على الوحدة الأوروبية التي توفر حرية الحركة التجارية، وإن جاء ذلك على حساب تأذي الصادرات الألمانية إلى بريطانيا.

ورأت صحف ومراكز أبحاث أوروبية وعالمية أن أولاند وميركل يسعيان لردع أي مسعى مشابه قد تتخذه دول أو أحزاب أوروبية، من خلال وضع بريطانيا في ذلك المربع، خاصة داخل فرنسا وألمانيا.

فقد خلص تقرير لمركز "ستراتفور" الأميركي للأبحاث الإستراتيجية إلى أن أكبر المرشحين لمغادرة الاتحاد هي الدول الثلاث الكبرى: ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، خاصة مع تنامي التيارات اليمينية فيها وتراجع أدائها الاقتصادي، وما قد يبدو إسهاما لضعف أداء مؤسسات الاتحاد وعملته اليورو في تعزيز ذلك التراجع على المستوى المحلي.

وبحسب التقرير، تأتي الدول التي تمتلك عضوية دون المشاركة في منظومة اليورو في المرتبة الثانية من حيث احتمال السير على خطى لندن.

وتعد كل من بلغاريا وكرواتيا والتشيك والمجر وبولندا ورومانيا والسويد والدانمارك، بالإضافة إلى بريطانيا، أعضاء في الاتحاد الأوروبي، مع احتفاظها بعملاتها المحلية، في حين يستخدم اليورو 19 من الأعضاء الـ28.

بين خيارين
وخلص التقرير إلى أن خروج تلك الدول من الاتحاد تترتب عليه أضرار أقل على بروكسل (مقر الاتحاد) من خروج دول تستخدم اليورو عملة لها، الأمر الذي يظهر الفرق بين تعاطي الأوروبيين مع كل من بريطانيا واليونان، على سبيل المثال.

وظهر أن القادة الأوروبيين لم يريدوا تفويت فرصة استخدام الحالة البريطانية لردع الأصوات المعارضة لحالة الاتحاد، فلندن لا تستخدم اليورو، أي أن خروجها لن يكون بكلفة خروج أثينا، بحسب تقرير "ستراتفور".

ومن جهة أخرى، فإن لندن وقفت عائقا أمام تطبيق عدد من سياسات برلين وباريس على مستوى الاتحاد، خاصة في ملفات كحرية تنقل العمالة، والسياسة الضريبية، والجيش الأوروبي، والحد من استخدام الطاقة النووية، وغيرها؛ وهو ما يجعل كل ذلك من خروج بريطانيا الأقل كلفة، وبالتالي الأمثل لتوظيفه في تجنيب الاتحاد سيناريوهات أسوأ مستقبلا.

كل ما ذكر سابقا يضع لندن أمام خيارين لا ثالث لهما: إما خروج قاس من الاتحاد، دون ميزات خاصة أو جدولة تمنح الاقتصاد البريطاني فرصة لتفادي أكبر قدر ممكن من أضرار عملية الانفصال، أو الالتفاف على قرار المغادرة، من خلال إجراء استفتاء آخر أو استخدام صلاحيات الملكة، وهو ما يواجه عقبات قانونية.

وسيكون الخروج دون التوصل إلى تسوية مع الأوروبيين أو تمكن حكومة تيريزا ماي من الالتفاف عليه أو إلغائه أمرا موجعا للاقتصاد البريطاني في كلتا الحالتين، وقد يتسبب في أزمة حقيقية للندن تستمر تداعياتها سنوات.

ونقلت صحيفة الغارديان عن تقارير حكومية مسربة أن الخروج القاسي لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيكلفها 66 مليار جنيه إسترليني سنويا (80.45 مليار دولار)، بواقع خسارة قد تبلغ 9.5% من الناتج المحلي الإجمالي.

المصدر : وكالة الأناضول