جهاديو غزة.. المسار والأسباب

صورة لتدريبات جيش الأمة مأخذوة من شبكة أنصار المجاهدين

صورة لتدريبات جيش الأمة نقلا عن شبكة أنصار المجاهدين الإلكترونية
صورة لتدريبات جيش الأمة نقلا عن شبكة أنصار المجاهدين الإلكترونية

يُطلَق تعبير السلفية الجهادية على عدد من الجماعات الإسلامية المتشددة التي ظهرت في قطاع غزة بعد سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على القطاع أواسط يونيو/حزيران 2007، وهي تتفق في النهج مع تنظيم القاعدة الدولي بزعامة أسامة بن لادن.

 
وتنقسم السلفية الجهادية (أو جَلجَلت بالاسم المحلي) إلى عدة مجموعات يقدر عدد أفرادها بالمئات من بينها "التوحيد والجهاد" و"أنصار السنة" و"جيش الأمة" و"جند أنصار الله"، ولا يعرف الكثير عن الهيكل التنظيمي لها أو أية فروق جوهرية بينها.
 
ويتفق محللون على أن اتساع السلفية الجهادية جاء ردا على مشاركة حركة حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006، لأنها ترى أن المشاركة مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية، ولعدم تطبيق حماس لحكم الشرع في القطاع بعد توليها الحكم.
 
التكفير والمقاومة
أبرز ما يتوفر عن أفكار هذه الجماعة ما ورد في حوار صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مع أحد قياداتها وهو محمود طالب "أبو معتصم المقدسي" في سبتمبر/أيلول 2009، وهو إيمانها بأن الجماعات الإسلامية التي تدخل الانتخابات والمجالس التشريعية هي جماعات بدعية، وأن "الحاكم بغير ما أنزل الله، وطائفته المبدّلين للشريعة، هم كفار مرتدون، والخروج عليهم بالسلاح والقوة فرض عين على كل مسلم، والديمقراطية فتنة العصر (…) فهي كفر أكبر".
 
 من عملية القبض على أحد المتهمين بقتل المتضامن الإيطالي بغزة
 من عملية القبض على أحد المتهمين بقتل المتضامن الإيطالي بغزة

وإضافة إلى حادثة اختطاف وقتل المتضامن الإيطالي "فيتوريو أريغوني" يوم الجمعة الماضي، نفذت هذه الجماعة عمليات اختطاف أخرى ضد الأجانب، واستهدفت أعراسا وصالونات للتجميل ومقاهي ودور عبادة مسيحية.

 
كما نفذت عدة عمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي وعمليات إطلاق صواريخ، وشاركت في عملية أسر الجندي الإٍسرائيلي جلعاد شاليط بالاشتراك مع كتائب عز الدين القسام -الذراع العسكري لحركة حماس- أواخر يونيو/حزيران 2006 تحت اسم جيش الإسلام.
 
برامج توعية
ونفذت حركة حماس والحكومة المقالة في غزة عدة برامج تثقيفية وتوعوية لإعادة عناصرها عن أفكارهم، وتعاملت معهم بقسوة أحيانا كما حدث مع الإمارة الإسلامية التي أعلنها عبد اللطيف موسى أحد قادتهم، الذي قُتل برفح خلال أغسطس/آب 2009.
 
وبحسب تقرير لمجموعة الأزمات الدولية  فإن "أهمية السلفيين الجهاديين في غزة لا تتمثل بقدراتهم العسكرية بقدر ما تتمثل في القيود التي يفرضونها على حماس، حيث يمثلون تحديًّا أيديولوجيًّا، ويشكلون مصدر جذب لأعضاء الجناح العسكري فيها".
 
ويستنتج من التقرير الذي نشر في الثامن من أبريل/نيسان الجاري أن سياسة عزل غزة وتجاهل حماس أديا إلى تفاقم هذه المشكلة، ويوضح أن "معظم السلفيين الجهاديين في غزة من الشباب، ومن الأعضاء السابقين أصحاب الرتب الدُنيا في الأجنحة العسكرية للفصائل الأقدم، خصوصا حماس والجهاد الإسلامي وأيضا لجان المقاومة الشعبية وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)".
 
التنظيم والدوافع
من جهته يقول المحلل السياسي مؤمن بسيسو إن حجم هذه الجماعات محدود، ولا تتمتع بأي بنية قوية على الصعيد التنظيمي، ولا تحظى بالقبول سواء على المستوى الديني الأيديولوجي أو على المستوى الشعبي الجماهيري.
 
ويصف في حديثه للجزيرة نت الجماعة بأنها "ظاهرة إعلامية" موضحا أنها تعاني من "خلل كبير في فهمها لنفسها لاعتمادها في تبني أفكارها على الإنترنت، وليس على مرجعيات فكرية ودينية" لكنه لفت إلى خطرها على المجتمع في قطاع غزة إذا لم يتم تداركها ومعالجتها واستئصالها.
 
وحول تقديره لمصادر تمويل الجماعة قال إنها لا تحتاج إلى تمويل كبير نظرا لحجمها المحدود، مرجحا أن يكون من مصادر تمويلها بعض العناصر الذين كانوا ضمن فصائل المقاومة الفلسطينية ويمتلكون الأسلحة والعتاد الشخصي، وأطراف خارجية هدفها إرباك تجربة حماس في غزة.
 
وفي تفسيره لتنامي هذه الظاهرة في غزة وغيابها عن الضفة الغربية، قال بسيسو إن تمسك حماس في غزة بالسلطة وحالة الخلل التي اكتنف هذه التجربة، وعدم قدرة حماس على تطبيق ما وعدت به في برنامجها الانتخابي، أدى إلى انحراف بعض العناصر، وتشكيكهم في دوافع وصدق حماس وبرنامجها، وبالتالي خروجهم عن خطها الوسطي ونزوعهم نحو التشدد الديني والأيديولوجي.
 
وخلص إلى أن الحل يمكن في قيام حركة حماس بمراجعة سياسية جادة تدفع باتجاه إنهاء الانقسام، وبالتالي معالجة كل الآثار التي ترتبت على ذلك ومنها إشكالية نزوع العناصر عن الخط الوسطي الذي تعارف عليه المجتمع الفلسطيني.

المصدر : الجزيرة