شعار قسم ميدان

إرلينغ هالاند.. 6 سمات صنعت الروبوت الذي لا يرى نفسه كذلك

MANCHESTER, ENGLAND - OCTOBER 08: Erling Haaland of Manchester City in actio during the Premier League match between Manchester City and Southampton FC at Etihad Stadium on October 08, 2022 in Manchester, England. (Photo by Clive Brunskill/Getty Images)

نعلم ما قد يفكر الجميع به عند رؤية هالاند للوهلة الأولى؛ شاب طويل وضخم البنية، ربما لا يتوقع أحد أنه يفعل شيئا في الملعب سوى انتظار الكرة العرضية في منطقة الجزاء ليلتقطها برأسه ويسجل هدفا، لكن ما نراه منه من سرعة وتحرك وثقة في كلتا قدميه، وليس رأسه فقط، يوحي إلينا بأن هنالك المزيد خلف ذلك المظهر الخارجي.

 

"البحث عن التفاصيل الدقيقة"

لا نعلم إذا كان هذا أفضل وصف لمدى تفرُّد إرلينغ هالاند، لكن هذا كان كافيا على ما يبدو لزميله في نادي ريد بول سالزبورغ، ماكسيميليان فوبر، حينما قال إن صفة هالاند الرئيسية هي "البحث عن التفاصيل الدقيقة"، وذلك في مقابلة لموقع غول عام 2019، قبل المباراة المفصلية أمام ليفربول في آخر جولات دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا نسخة 2019-2020. (1)

 

لوهلة تتصور أن حديث فوبر هنا كان عن مدى تفرُّد إرلينغ في تسجيله لكل تلك الأهداف، فالرجل حتى اللحظة سجَّل 20 هدفا وصنع 3 في 13 مباراة لعبها مع مانشستر سيتي في جميع البطولات، أي إنه يساهم بمعدل هدفين تقريبا في كل مباراة يلعبها مع السيتي، ناهيك بتسجيله لـ155 هدفا وصناعته لـ39 آخرين في 179 مباراة لعبها خلال مسيرته في أندية مولده، وريد بول سالزبورغ، وبوروسيا دورتموند، ومانشستر سيتي. (2)

 

لكن ما تحدَّث عنه فوبر أعلاه كان مستوى احترافية المهاجم النرويجي، فقد أشار إلى ما كان يفعله إرلينغ عندما كانوا يسافرون للعب مباريات خارج الديار، وقال إنهم عندما كانوا يمضون وقتهم في لعب الورق في تلك الرحلات كان يختار هو قضاء الوقت في قراءة مقالات علمية عن تحسين نومه ونظام غذائه.

 

حسنا، النقطة الأبرز ليست في كم الأهداف التي يسجلها، ولا حتى في كيفية تسجيله لها، بقدر ما تتعلق بكيفية تسجيله تلك الأهداف، وتتعلق أكثر بأنها مع فِرَق مختلفة في دوريات مختلفة بأساليب لعب مختلفة، والأمر ليس متعلقا فقط بمدى تأقلمه مع تلك الفِرَق، بل في تعدي التوقعات التي وضعها المشجعون والمحللون والنقاد له قبل أن تطأ أقدامه ملاعب تلك الفِرَق. هذا لا يحتاج فقط إلى قدرات خارقة فنيا وتكتيكيا وبدنيا، بل يحتاج إلى قدرات مماثلة على المستوى الذهني أيضا.

 

الذي لا يحب الخسارة

Soccer Football - Champions League - Group G - Manchester City v FC Copenhagen - Etihad Stadium, Manchester, Britain - October 5, 2022 Manchester City's Erling Braut Haaland reacts Action Images via Reuters/Lee Smith
إرلينغ هالاند (رويترز)

لا نظن أن هالاند كان يوما يستطيع التعايش مع الخسارة، ربما لا أحد يستطيع التعايش مع الخسارة، ولكن هناك مَن يعقد سلاما معها بوصفها خيارا محتملا، لكن هالاند لا يحب التعامل معها دائما وباستمرار، على الأقل كان هذا على حد تعبير مدربه أثناء طفولته، ألف بيرنتسين، عندما كان إرلينغ يلعب تحت إمرته في مدينة برون التي تقع غرب دولة النرويج لمدة 12 عاما، حيث قال:

"منذ اللحظة الأولى التي ركل بها الكرة لم يكن يسعد بالخسارة. علمني إرلينغ أن كل اللاعبين ليسوا سواء. تعلمنا مبكرا أنه لا بأس بالنسبة إليه ألا يشعر بالرضا عند الخسارة. يُلاحَظ أن الناس الذين يفوزون كثيرا يكرهون الخسارة".

كان هذا -في رأي بيرنتسين- سببا مباشرا في تفرُّد عقلية هالاند، وقد كان سعيدا أن الطفل الصغير حينها لا يحب أن يخسر. ولهذا السبب نفسه كان هالاند يرى أن التأقلم على المتغيرات شيء حتمي، وربما هذا ما جعل إرلينغ قادرا على النجاح مع الفِرَق التي لعب لها؛ أنه يستطيع التأقلم على الانتقال من أسلوب لعب إلى آخر، ومواكبة متغيرات كل أسلوب وتفهُّم الفروق بينها. (3)

 

المثير للاهتمام أنه لم يكتسب هذا مع الوقت، بل وُلِد به على الأرجح، فقد كان ذا عقلية فائزة كما تحدثنا، وهذا ما دفعه دوما إلى العمل بكدٍّ ومواصلة عملية التحسن حسب بيرنتسين، فلم يشعر يوما بالخوف، وكان دوما يبتسم ويتمرن باستمرار، وبالتأكيد يسجل باستمرار.

 

لم يكن فوبر هو أول مَن تحدث عن اهتمام هالاند بالعمل على نظام غذائه ونومه، ولكن بيرنتسين ذاته تحدث عما ذكره عنه فوبر بالتحديد، وعن حفاظه على عادات نوم صحية وتغذية مناسبة، مؤكدا أن هالاند محترف من الدرجة الأولى، ومتواضع وجدي، وعلى أهبة الاستعداد دائما. هنا يجب أن نذكركم مرة أخرى أننا نتحدث عن صبي صغير، لم يكن قد بلغ الخامسة عشرة بعد.

 

نحن نتحدث عن لاعب يتبع نظاما صارما ومحترفا في حياته منذ نعومة أظفاره، فلا يتعجب أحد مما نراه من إرلينغ الآن، فعلى حد تعبير بوري ستينسليد، مدرب أحمال نادي مولده النرويجي عندما كان إيرلينغ في النادي، كان الشاب النرويجي "يأكل كالحصان"، وربما يتبادر إلى الذهن الآن أن سبب وجود هذا النظام هو ألفي هالاند، والد إيرلينغ، لكن الحقيقة أن الأمر ليس كما قد يتبادر إلى ذهن البعض. (4)

 

نموذج يُحتذى به

Soccer Football - Champions League - Group G - Manchester City v FC Copenhagen - Etihad Stadium, Manchester, Britain - October 5, 2022 Manchester City's Erling Braut Haaland celebrates scoring their second goal with Bernardo Silva Action Images via Reuters/Jason Cairnduff

سجَّل إرلينغ هالاند هدفين في أول مبارياته مع نادي برون إف كاي النرويجي في عام 2013، مما لفت أنظار بيرنتسين وقتها. لكن اللافت للانتباه حينها عندما سأله الصحفي بعد المباراة عما إذا كان لوالده الفضل في تسجيله للهدفين، فأجاب ببساطة بالنفي، ولكنه أضاف أن والده له الفضل في كل شيء آخر. عندما تحدث بيرنتسين عن ذلك، قال إن ما فعله ألفي هالاند هو أنه لم يتدخل في تدريبات ابنه بتاتا، ولا مرة واحدة، ولم يتدخل في المباريات بالتأكيد، فقط كان يقف مشاهدا في هدوء. (4)

 

ألفي لم يكن لحوحا مثل أغلب الآباء الذين يلعب أبناؤهم العديد من الرياضات الجماعية، وسبب أهمية ذلك، في رأي سام مارتن، الحاصل على درجة الماجستير في علم نفس الأداء، هو ميل هؤلاء الآباء إلى رؤية أطفالهم يحققون ما عجزوا هم عنه عندما كانوا صغارا، وكأنهم يحاولون تحقيق أحلامهم هم من خلال أطفالهم. وفقا لمارتن، هناك نحو 20 مليون طفل في الولايات المتحدة يشاركون في الرياضات الجماعية في سن صغيرة، و70% منهم ينتهي الأمر بهم إلى ترك تلك الرياضات عندما يصل عمرهم إلى سن الـ13، وهذا بسبب أنهم توقفوا عن الاستمتاع بها، بسبب الآباء اللحوحين. (5)

 

لم يكن ألفي هالاند سوى داعم لابنه ومعلم له، وهذا يظهر من كلامه في الفيلم الوثائقي "هالاند: القرار الكبير"، فكان يتحدث عن مدى نجاح ابنه مقارنة به، وأنه وصل في مسيرته إلى حدٍّ لم يصل إليه يوما، وتحدث أيضا عن سعادته بعلاقة إرلينغ مع زملائه، وأنه يتواصل معهم ويعتمد عليهم بقدر اعتمادهم عليه، كإنسان طبيعي وليس كآلة.

 

الأمر لم يكن إذن في مدى الضغط الذي مَثَّله ألفي على إرلينغ، بل على العكس، كان إرث ألفي هالاند هو ترك ابنه يتخذ قراراته وحده وبدون تأثير خارجي، ومنحه حرية الإبداع التي يحتاج إليها جميع الأطفال والمراهقين في سِنّه، وهذا ما جعله يحب أن يأتي إلى تدريبات نادي برون يوميا على حد تعبير بيرنتسين، وأن هذا تحديدا كان ضروريا مع إرلينغ لجعله يستمر فيما يفعله. الأمر كان في توفير المناخ المناسب له ليصل إلى مبلغ إمكانياته، التي نرى الآن مدى خوارقيتها. (3) (4)

 

الموظف المثالي: فخر مدينة برون

Soccer Football - Premier League - Manchester City v AFC Bournemouth - Etihad Stadium, Manchester, Britain - August 13, 2022 A young Manchester City fan with an Erling Braut Haaland banner outside the stadium before the match REUTERS/Craig Brough EDITORIAL USE ONLY. No use with unauthorized audio, video, data, fixture lists, club/league logos or 'live' services. Online in-match use limited to 75 images, no video emulation. No use in betting, games or single club /league/player publications. Please contact your account representative for further details.

ما عليكم إلا أن تتفقدوا متجر نادي المدينة بجانب الملعب، الذي يبدو وكأنه متجر لبيع منتجات إرلينغ هالاند فقط. ربما عليكم أيضا أن تجلسوا لمدة خمس دقائق مع طاهية النادي، توربيورغ هاوغين -أو تانتي كما يدعونها هناك- وتركها تتحدث عنه بضع دقائق. صدقا، سيكون هذا أكثر من كافٍ لجعل دموعها تنهمر على الأرجح. إرلينغ بطل قومي في أرجاء المدينة، لدرجة أن المتجر باع في إحدى الفترات ما يتراوح بين 120-130 زيًّا خاصا به عندما كان في بروسيا دورتموند. هذا عدد كبير.

 

الأمر لم يختلف مع بيرنتسين كذلك، فقد كان فخورا بكل التعليقات الإيجابية التي يسمعها عن هالاند، وتحديدا من مدربه في سالزبورغ، جيسي مارش، الذي -للمفارقة- لم يتحدث عما قد نتوقع أن ننتظره منه بناء على ما نراه للوهلة الأولى، كطوله الفارع أو قوته البدنية، ولم يتحدث مارش حتى عن موهبته أو ما يُظهره على أرضية الملعب من قدرة خارقة على تسجيل الأهداف تقريبا تحت أي ظرف، بل كانت تتعلق أكثر بأخلاقيات العمل التي كان يتحلى بها؛ فقد تحدث عن عقليته والتزامه، وسعيه للتطور، ومرحه عموما. هذا ما جعل بيرنتسين مغتبطا، فالأمر بالنسبة إليه كان يتعلق دوما بأن كرة القدم ليست مهمتها أن تجعل الفرد لاعبا أفضل فقط، بل تجعله إنسانا أفضل. (3)

"كرة القدم تدور حول المهارات الحياتية. بالنسبة للبعض، هي الساحة الوحيدة التي يمكنهم الاستمتاع بها، وأهم شيء في حياتهم. لذلك ندعهم ليكونوا جزءا من الفريق. إنه أمر بالغ الأهمية لحياتهم الاجتماعية. نحن نركز على تنشئة أناس صالحين".

(ألف بيرنتسين)

قرَّر مارش إكمال ما بدأه بيرنستين، فقد كان يغذي هذه النزعة عند هالاند باستمرار، ولم يكن ذلك صعبا في الحقيقة، بما أن اللاعب كان مُعَدًّا لذلك بسبب تنشئته الرياضية الصحية على يد بيرنتسين ووالده ألفي، وكان مارش يخبره دوما بأنه كلما كان عونا للمجموعة، عملت المجموعة على مساعدته باستمرار، وربما انعكس هذا نوعا ما على ازدياد معدل صناعته للفرص من لعب مفتوح في بوروسيا دورتموند كل موسم، ففي أول موسم لدورتموند كان معدل صناعته للفرص من لعب مفتوح هو 1,27 فرصة لكل 90 دقيقة، والموسم الفائت صنع 1,84 فرصة من لعب مفتوح لكل 90 دقيقة. الفارق واضح، ويزداد اتساعا عندما نعلم أنه صنع 10 فرص هذا الموسم، وأن هذا الرقم قابل للزيادة. (3) (6)

 

تفاؤل هالاند ضد تشاؤم فيرنر

Erling Haaland و Timo Werner
إيرلينغ هالاند (يمين) وتيمو فيرنر (يسار)

نحن لسنا بصدد مقارنة بين إرلينغ هالاند وتيمو هنا، ولكن هالاند وفيرنر ليسا ببعيدين عن بعضهما كلاعبين، فكلاهما يمتلك السرعة، والحدة، والحس الجيد للمساحات، والفارق الواضح للعيان بينهما هو القدرة الهائلة التي يمتلكها إرلينغ على إنهاء الفرص مقارنة بفيرنر، ولكننا نود الاعتقاد أن الفارق هنا ليس تقنيا، بل أقرب إلى كونه ذهنيا أو نفسيا. أليس هذا ما نصف به إنهاء الفرص عادة؟ (7)

 

خلال استطراده في الحديث عن سيكولوجية هالاند، تحدَّث سام مارتن عن ردود فعله ولغة جسده بعد تضييعه لفرصة ما، وقارنها بلغة جسد مهاجمين آخرين، مثل تيمو فيرنر تحديدا، ووصف مارتن ردود الفعل تلك بأنها عبارة عن الفارق بين الإحباط واليأس، وكلا الشعورين يأتي من الخيبة الناتجة عن عدم تحقيق الهدف المنشود، لكن الفارق بينهما هو الإحساس الذي يتركانه بداخل كل شخص.

 

الإحباط هو حالة من الغضب، بينما اليأس هو حالة من فقدان الأمل، والأخير هو الأسوأ؛ فهو يمتص الطاقة بداخلك برأي مارتن، ويدع الشك يتسلل إليك، ويجعلك عرضة لاختبار الفشل نفسه مرارا وتكرارا، ويظهر هذا عندما نتحدث عن تيمو فيرنر، فبالنسبة لمارتن، فيرنر يُظهِر ردود الفعل التي تُعبِّر عن اليأس، مما يجعله يضيع الفرص مرة تلو الأخرى.

 

العكس تماما عندما نتحدث عن الغضب الذي تُعبِّر عنه لغة جسد إرلينغ؛ فالسخط الذي يشعر به عندما يهدر فرصة ما يحفزه لكي لا يكرر الخطأ نفسه المرة القادمة، وقد تحدثت مختلف الدراسات عن ظاهرة الغضب، وعن كونه حافزا لا شعوريا سلبيا يجب أن نكبح جماحه، لكنه في الوقت نفسه يمكن أن يزيد من رغبتنا، ويمدنا بالطاقة اللازمة لإصلاح أنفسنا. (5) (8)

 

الأمر يتعلق بقدرة هالاند على التفاؤل بحذر في رأي مارتن. لا يشعر أحد بالسعادة عندما يضيع فرصة تلو الأخرى، لكن هناك مَن يستسلم لذلك الواقع، وهناك مَن يستخدمه -مثل هالاند- حافزا له. يُدعى ذلك في علم النفس بـ"التفاؤل العقلاني"، وهو أن تكون واثقا من قدراتك على تحقيق الأهداف المنشودة، مع عدم فقدان رؤيتك الواقعية للعالم والظروف من حولك. الأمر كأنك تظل إيجابيا في جميع الأحوال مع عدم تجاهل الحقيقة، هكذا تستطيع أن تكون متفائلا وصادقا في الوقت ذاته. (9)

 

ما قد يخبئه المستقبل

Premier League - Manchester City v Southampton

لا يستطيع أحد أن يتيقن بالمستقبل، فلم يتوقع أحد أصلا أن يكون إرلينغ منتجا بهذه السرعة داخل منظومة مانشستر سيتي، وهذا أمر بديهي عندما نفكر في الفوارق بين منظومات لعب الفِرَق المختلفة التي لعب لها، لكنه ينجح في إسكاتنا جميعا في النهاية، أليس كذلك؟ هذا في حد ذاته يطرح سؤالا مهما: هل هذه هي نهاية تطور هالاند؟

 

في إحدى المدونات الرياضية التي تُدعى بـ"فيليتيز"، التي تهتم بنشر تدوينات عن كيفية تحسين أداء الرياضيين، تحدثت بولونا فوندا عن العمل الجماعي، وأنه أحد الأشياء التي لا تجعلك فقط رياضيا أفضل أو شخصا أفضل، بل قد تعمل على تحسين مردودك البدني، واستشهدت في حديثها بفيل جاكسون، وهو مدرب شيكاغو بولز الشهير في نهاية الثمانينيات، الذي حوَّل مايكل جوردان وسكوتي بيبن ودينيس رودمان من مجرد لاعبي كرة سلة موهوبين إلى قوى عظمى في الرياضة، من خلال العمل الجماعي الذي أثَّر بالتبعية على مردودهم البدني. (10)

 

تقول فوندا إنه على الرغم من أن تمارين الأحمال هي تمارين فردية بطبيعتها، فإن من الممكن تحسين أدائنا من خلال الأهداف المشتركة التي يحث عليها العمل الجماعي، فعندما يعمل الأفراد وحدة واحدة وفريقا، يكونون قادرين على تحقيق أكثر مما يحققونه أثناء التدريب منفردين. تُعلِّل فوندا ذلك بالتناغم والترابط الذي يحدث بينهم عندما يعملون معا.

 

تسترسل فوندا في حديثها، وتوضح بعض العوامل التي يمكن أن يتحسن من خلالها مردودك وأداؤك البدني عن طريق العمل الجماعي؛ وأول تلك العوامل هي الصحة الجسدية، حيث أوضحت بعض الأبحاث أن التواصل والعلاقات الجيدة التي تنتج عن العمل الجماعي تعمل على تقوية الجهاز المناعي. العمل الجماعي يعمل أيضا على تنمية مشاعر أخرى كالثقة بالنفس من خلال الترابط مع الزملاء، كما يغذي بعض الصفات كإيثار الآخرين والدعم المتبادل، وهذه من الأشياء التي تحدث عنها جيسي مارش وألف بيرنتسين.

 

هناك أيضا عوامل أخرى كذلك، مثل وجود بيئة تنافسية صحية ترفع من شأن المردود الذهني للرياضيين، وبناء الشخصية التي تتكيف مع مختلف الضغوطات المضنية، وأيضا العلاقة الصحية مع المدرب في إطار الرياضات الجماعية. كل تلك الصفات تقريبا يتحلى بها إرلينغ.

 

عندما يشاهد البعض هالاند فهو ربما لا يحب ما يراه، فالأمر أشبه بمشاهدة إنسان آلي يلعب كرة القدم، وهذا لا يتماشى مع حب المشجعين لتلك الارتجالية التي يُظهرها لاعبون أمثال رونالدو نازاريو دا ليما ورونالدينيو وغيرهم من أساطير اللعبة، لكننا على الأقل نستطيع أن نتفق أن هذا الشاب يثير إعجاب مَن يرون اللعبة كما هي عليه الآن؛ فهي تحتاج إلى مستوى معين من الالتزام وأخلاقيات العمل والسعي للتطور باستمرار، وهذا ما يجعل هالاند الموظف المثالي بالنسبة لهم. وإذا لم تكن ترى أن هذا كافٍ، فقط تذكَّر أن هذا الشاب كان بإمكانه أن يعتمد على السمات التي وُلد بها، وأن يكتفي بالتوقعات التي رسمها الجميع له، ولكنه لم يكتفِ بذلك، وقرَّر أن يتمرد على تلك السمات، وعلى ما يجعله آليا في أعين الجميع؛ لأنه لم يرَ نفسه ذاك الروبوت، ولم يُرد للعالم أن يراه كذلك.

—————————————————————————————————————————-

المصادر:

1- مقابلة مع ماكسيميليان فوبر لاعب ريد بول سالزبورغ النمساوي قبيل مباراتهم مع ليفربول في دوري أبطال أوروبا 2019/2020 – موقع جول

2- أرقام إيرلينغ هالاند – موقع ترانسفيرماركت

3- صناعة إيرلينغ هالاند – سكاي سبورتس

4- كيف أصبحت…إيرلينغ هالاند – قناة DW Kickoff على موقع يوتيوب

5- سيكولوجية إيرلينغ هالاند – قناة سام مارتن على موقع يوتيوب (Peak Performance)

6- إحصائيات إيرلينغ هالاند – موقع FBref

7- مقارنة بين إحصائيات إيرلينغ هالاند وتيمو فيرنر – موقع FBref

8- سبع فوائد للغضب – Spring

9- لماذا عليك أن تصبح متفائلاً عقلانياً – Wealest

10- كيف يستطيع العمل الجماعي تحسين أدائك البدني؟ – Velites sports blog

المصدر : الجزيرة