شعار قسم ميدان

من مورينيو إلى سولشار.. هل حقا الأمور وردية كما تبدو؟

ميدان - مورينيو إلى سولشار

لا، الإجابة ليست مخبأة في النهاية فأنت تعرفها بالفعل، وهي لا. مانشستر يونايتد يعيش انتفاضة ضخمة على كافة الأصعدة، اللاعبون باتوا سعداء، الفريق يسجل ويخلق الفرص بوفرة، يستحوذ أمام الصغار ويقدم العرض اللائق في مواجهتهم، يحقق 7 انتصارات متتالية في جميع المسابقات، بينها 6 في البريميرليغ.

 

لا يوجد مدرب قد حقق مثل تلك البداية في تاريخ مانشستر يونايتد، وهذا ليس لأنه "أولي غونار سولشار"، بل لأنه أتى مباشرة بعد جوزيه مورينيو. ما يحدث لا يترك الكثير من الأسئلة بشأن النرويجي، بقدر ما يجيب عن كل أسئلة سابقه، الذي يروج بعض من أنصاره لتعرضه للخيانة للمرة الثالثة على التوالي، وهذا طبعا من قبيل المصادفة أو المؤامرة.

 

ما تغيّر في 7 مباريات

undefined

لا وجه للمقارنة عموما، أحدهما قد حقق دوري الأبطال مرتين وفاز بـ3 من الدوريات الكبرى، والآخر فاز بالدوري النرويجي، في الوقت الحالي لا توجد مقارنة أيضا ولكن بشكل معكوس، فأحدهما قد حقق 7 انتصارات في 17 مباراة بـ26 نقطة من أصل 51 متاحين، والآخر حقق 6 انتصارات من أصل 6 مباريات ليجمع جميع النقاط الـ18 المتاحة أمامه، ولكن ليس لأنه مدرب أفضل من الأول، أبدا.

 

الأمر لم يعد متعلقا بالمدرب الأفضل "تكتيكيا" فقط، أو الأكثر خبرة، لو كان الأمر كذلك لما حقق زين الدين زيدان 3 ألقاب متتالية لدوري الأبطال أبدا، بل بات التعامل النفسي مع غرفة الملابس أمرا لا غنى عنه تلك الأيام، والشواهد تؤكد أن مورينيو التكتيكي الكبير قد أخفق تماما على كافة الأصعدة، نجاحه الحقيقي مع مانشستر يونايتد كان تحسينا ضخما في جودة اللاعبين، أفسدته كثرة الشكوى من قلة جودتهم!

 

كذلك النتائج لم تشهد تلك الطفرة الجنونية فقط لأنها أمام فِرق سهلة، لأنها الفِرق نفسها التي كان يخسر مورينيو أمامها ويتعادل، أيضا لم يحدث ذلك فقط لأن سولشار رجل بشوش وأكثر هدوءا وودا في التعامل مع اللاعبين، فالمربيات لا يفزن بالمباريات، ولكن الزخم المعنوي الضخم للفريق وللاعبين الراغبين في إثبات "جودتهم" قد غطَّى كثيرا على التحسن الفني الواضح ذي الأسباب البسيطة على روعتها.

   

بات بوغبا حرا فصنع حصيلة هائلة من الأهداف والتمريرات الحاسمة، بات أقرب للمرمى فصارت تسديداته أكثر وأخطر
بات بوغبا حرا فصنع حصيلة هائلة من الأهداف والتمريرات الحاسمة، بات أقرب للمرمى فصارت تسديداته أكثر وأخطر
 

سولشار لم يأتِ بسر القنبلة، لم يصنع منظومة معقدة مثل غوارديولا أو ساري لأسباب متعددة، إنها ليست مجال اختصاصه، إنه لا يملك الوقت، وإن الأمور في يونايتد ليست بحاجة إلى شيء كهذا في مرحلة لا هدف لها سوى إنقاذ موسم كارثي. كل ما فعله الرجل هو أنه سمح لتلك المجموعة بإطلاق إمكاناتها، وأعاد ترتيب بديهية الفِرق الكبيرة ضد الصغيرة التي ضرب بها مورينيو عرض الحائط طوال فترته مع الشياطين الحمر.

 

بات بوغبا حرا فصنع حصيلة هائلة من الأهداف والتمريرات الحاسمة، بات أقرب للمرمى فصارت تسديداته أكثر وأخطر، انطلق راشفورد في غياب لوكاكو ليكشف عن ترسانة مكبلة من الإمكانات بحاجة إلى من يصقلها، باتت كل جوانب الفريق أقوى بما فيها الصدع الدفاعي الأكبر، هل يصدق أحد أن هذا هو نفسه لينديلوف الذي كان يلعب قبل وصول سولشار؟

 

مانشستر يونايتد يهاجم بشكل أسرع على الأرض وفي الهواء، مانشستر الذي يستحوذ أمام بورنموث هو نفسه الذي يدافع ويضرب توتنهام بمتقنة فائقة السرعة، نسق لا مكان فيه للاعب لمجرد أنه يُقارب المترين طولا. باختصار، عادت الحياة إلى جسد الشياطين فنيا ومعنويا، وبات أمامنا فريق يستحق المشاهدة عوضا عن تلك الجثة الهامدة المملة الباعثة دائما أبدا على النعاس.

undefined

 

على ناصية المعجزة

الأهداف واضحة: الفريق بحاجة إلى حجز مقعد مؤهل لدوري الأبطال بين الأربعة الكبار، وكل ما سيأتي فوق ذلك هو مكافأة إضافية، سواء كان كأس الاتحاد الإنجليزي أو المُضي قُدما في دوري الأبطال، لكن تبقى حقيقة أن يونايتد لم يواجه خصما صعبا سوى توتنهام المنقوص من أغلبية خط الوسط بفعل الإصابات، ولم ينجُ أمامه سوى بفضل ليلة أسطورية جديدة من دي خيا.

 

تبقى أيضا حقيقة أن المعنويات هي بمنزلة الوقود الرئيسي للمحرك الحالي، والخسارة الأولى ستأتي حتما، لذلك التعامل مع تلك الوضعية سيكون عاملا حاسما لفريق لم يختبر شعور التأخر بالنتيجة منذ وصول سولشار، إلا أنه في الوقت ذاته كان ليونايتد مورينيو العديد من سوابق العودة من نتائج سيئة، أبرزها تلك الليلة في ملعب الاتحاد. صحيح أيضا أن الدفاع قد تحسن، ولكن هذا لا يخفي الحاجة الواضحة إلى مدافع أفضل، وربما ظهير على الأقل، إلا إن كنت تنتظر من فالنسيا ويونغ عاما إضافيا.

 

على الورق لا يمكن أبدا تصنيف احتلال مانشستر يونايتد للمركز الرابع تحت بند "معجزة"، إلا أنه وفقا للظروف الأخيرة، فقد كان هذا هو التعبير الذي استخدمه مورينيو مطلع ديسمبر/كانون الأول، عقب التعادل مع ساوثامبتون وقبل مهزلة ليفربول الشهيرة. قالها والفارق 8 نقاط، اتسع الفارق إلى 11 نقطة، ولكن ها هو وفي بحر 6 جولات فقط لا غير يتحول إلى مجرد 3 نقاط، حتى وإن كان أغلب الشكر يعود لتفنن تشيلسي في إهدار النقاط، إلا إنه هكذا تسير الأمور، فُز قدر ما استطعت وانتظر هدايا الآخرين.(1)

 

كل الشواهد تؤكد أن الشياطين الحمر باتوا قادرين على فعلها، ولكن لا يوجد ما يكفي للجزم بأنهم سيفعلونها، توتنهام كان الاختبار الأول، ولكن التحدي الحقيقي يبدأ الآن: أولا لديك مواجهة كبيرة مبكرة ضد آرسنال في كأس الاتحاد، ثم تجد 3 فرص لمواصلة اكتساب ذاك الزخم ضد بيرنلي وليستر وفولهام على الترتيب، أصعبهم ستكون مواجهة ليستر بطبيعة الحال.

 

ما سيحدث أمام قطاري ليفربول وباريس سيخبرنا بما لم تستطع مباريات سهلة استأسد بها رجال سولشار مؤخرا أن تخبرنا إياه
ما سيحدث أمام قطاري ليفربول وباريس سيخبرنا بما لم تستطع مباريات سهلة استأسد بها رجال سولشار مؤخرا أن تخبرنا إياه
 

هذا هو الطريق إلى المرحلة المصيرية الحقيقية، أولا حرب استعادة الكرامة ضد ليفربول المتجه لتحقيق اللقب الغائب منذ 29 عاما، وهو فريق أفضل بمسافة في الوقت الحالي إن أمعنت النظر، إلا أنه في الوقت ذاته ولاعتبارات تاريخية، يجب على يونايتد أن يضع يدا له في مسألة إسقاط الريدز، ناهيك بكونها 3 نقاط في غاية الأهمية لمواصلة صراع الأبطال.

 

على ذكر الأبطال، باقتراب فبراير/شباط من نهايته يحين موعد اصطدام يونايتد بباريس سان جيرمان، نعم هذا الذي فاز بتسعة أهداف نظيفة في الجولة الماضية من الدوري الفرنسي، وحقيقة أن دفاع يونايتد الذي عانى بهذا القدر أمام كين وسون وألي ينتظره نيمار ومبابي وكافاني أمر يبعث على الذعر حقا. مجرد المرور من باريس بأي نتيجة سيكون إنجازا حقيقيا، بينما أي إخفاق سيكون متوقعا دون أدنى شك، هذا ما علمنا إياه المدرب السابق لأحمر مانشستر.

 

علامات أخرى ستواصل إزعاج جدول سولشار الحافل بالمواجهات الحاسمة، ففي مارس/آذار يُلاقي آرسنال ومانشستر سيتي تباعا، ثم ينهي مسائله مع الكبار بملاقاة تشيلسي في أبريل/نيسان، وما زلنا في مرحلة جمع الشواهد لتلك التجربة، فما سيحدث أمام آرسنال المنتشي بنصره التكتيكي الرائع على تشيلسي، وما سيحدث أمام قطاري ليفربول وباريس سيخبرنا بما لم تستطع مباريات سهلة استأسد بها رجال سولشار مؤخرا أن تخبرنا إياه.

المصدر : الجزيرة