شعار قسم ميدان

الأوسكار 2018: العرب يخسرون الذهب والأوسكار يتخذ "شكل الماء"

midan - الأوسكار

خسر الفيلم السوري "آخر الرجال في حلب" جائزة أفضل فيلم وثائقي في الحفل التسعون لتوزيع جوائز الأوسكار المُنعقد في لوس أنجلوس الليلة الماضية. يتابع العمل مجموعة من المنقذين والمسعفين ضمن طواقم الدفاع المدني في مدينة حلب أو ما يُعرفون بالخوذ البيضاء لكن من دون أي تعمّق حقيقي بما يجري معهم. لم يستطع المخرج فراس فياض إلا عرض بعض مشاهد استخراج الأشلاء والتي بدت منزوعة من سياقها عند النظر إلى تركيزه على عمليات الإسعاف فحسب ولكن هذا لم يمنع طاقم الفيلم من حمل لافتات "أنقذوا الغوطة" عندما خطت أقدامهم السجادة الحمراء.

 

ذهبت الجائزة لحساب الفيلم الأميركي إيكاروس Icarus والذي يُعتبر وثيقة استطاعت استكشاف عالم المُنشطات الطبية المُستخدمة في سباقات الدراجات الهوائية وفيه يلتقي مخرج العمل، بريان فوجيل، مع رئيس برنامج مكافحة المنشطات الروسي، غريغوري رودتشنكوف، والذي يُهديه الفوز لكشفه عن مخطط واسع لتداول المنشطات وإدراكه أهميّة قول الحقيقة "الآن أكثر من أي وقت مضى" كما جاء في كلمته بعد استلام التكريم. يُذكر أن شبكة نتفلكس الترفيهية استطاعت الحصول على حقوق بث وتوزيع الفيلم.

 

لم يكن السوريون الخاسرون الوحيدون من العرب في هذا الحفل فقد لحق بهم الفيلم اللبناني المُثير للجدل "قضية رقم 23" لمخرجه زياد دويري عندما فوّت فرصة التكريم الأوّل لبلاده لحساب الفيلم التشيلي "امرأة رائعة" A Fantastic Woman في فئة أفضل فيلم أجنبي. واجه فيلم دويري مناهضة شعبية واسعة المستوى ودعوات لمقاطعته نظرًا للتاريخ التطبيعي للمخرج الذي قضى أحد عشر شهرًا في "تل أبيب" بحجة تصوير فيلمه السابق "الصدمة"، علاوة على تعرض فيلمه الأخير للنقد كونه يُشكل تحاملًا على الفلسطينيين وعنصرية ضدهم.(1)

   undefined

   

عانى الفيلم من مشاكل عدة على المستوى الفني حالت ربما دون حصوله على الجائزة، واكتفى بشرف الترشح كأول فيلم لبناني يصل للأوسكار. امتلأ الفيلم بفجوات على مستوى الكتابة حاول كُتّابه تغطيتها بالكثير من المُرافعات في قاعة المحكمة والتي تحولت لخطب وعظية وأخلاقية وتربوية لا قيمة لها.

 

يحكي الفيلم قصة القضية رقم 23 التي جمعت بين مسيحي لبناني ولاجئ فلسطيني في بيروت بعد اعتداء الأخير بالضرب على هذا المسيحي وسرعان ما تحوّلت إلى قضيّة رأي عام يتجيّش حولها المناصرون والمتعصبون لينتهي بهم المطاف بنهاية ساذجة وبابتسامة متبادلة بين الطرفين المتنازعين وكأن شيئًا لم يحدث.

 

يُسجَّل أن هذا الحفل هو الثاني في تاريخ الأوسكار الذي يترشّح فيه فيلمين عربيين معًا بعد عام 2014 الذي شهد ترشيح "الميدان" من مصر و"ليس للكرامة جدران" من اليمن. يشترك "آخر الرجال في حلب" مع "قضية رقم 23" بأنهما أوّل الأفلام التي مثّلت بلديهما، سوريا ولبنان على التوالي، في الأوسكار.(2)

  undefined

    

الأوسكار يعبر الحدود

لم يُخيّب غييرمو دل تورو الظنون ونال جائزة الأوسكار كأفضل مخرج عن فيلم "شكل الماء" The Shape of Water، متفوقًا على كريستوفر نولان وجريتا جيروج ودانيال داي لويس وجوردان بيلي لتصبح هذه الجائزة من نصيب مخرج مكسيكي الأصل للمرة الرابعة في السنوات الخمس الأخيرة.

 

استلم دل تورو جائزته وقال "أنا مُهاجر.. إن أفضل ما في صنعتنا هو قدرتها على محو الخطوط المرسومة على الرمال في الوقت الذي يحاول فيه العالم تعميقها أكثر"، وبعد أقل من عشرين دقيقة كان دل تورو على المسرح مجددًا عندما أُعلن عن فوز "شكل الماء" بجائزة أفضل فيلم ليكون أوّل فيلم خيالٍ علمي يحصل على تكريم بالجائزة الرئيسية وهي المفاجأة الوحيدة في الحفل حيث كانت غالبية المواقع السينمائية  مثل Variety و Goldderby قد توقعت فوز فيلم "ثلاث لوحات إعلانية خارج إيبينغ، ميسوري"

 

بذلك سجّل الفيلم أربعة جوائز باسمه بعد أن حمل نصيب الأسد من الترشيحات بعدد 13 ترشيحًا، كانت الجوائز الأخرى هي أفضل موسيقى تصويرية أصلية التي ذهبت لمؤلفها الفرنسي ألكسندر ديسبلا، وجائزة التمثيل المُساعد لسام روكويل.

   

  

صدقت جميع التوقعات وحصل الإنجليزي غاري أولدمان على جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم "أحلك ساعة" Darkest Hour والأداء القوي لشخصيّة الزعيم البريطاني ونستون تشرشل وقيادته الحكيمة لبلاده في الأسابيع الأولى من الحرب العالمية الثانية. في خطابه حيّا أولدمان والدته البالغة من العمر 98 عامًا وقال لها "أشكرك على حبّك ودعمك، حضّري غلاية القهوة فأنا آت للمنزل ومعي الأوسكار".

 

بعدها اشتعلت القاعة بعد صعود الأمريكية المحبوبة فرانسيس مكدورماند لتسلّم جائزة أفضل ممثلة عن فيلم "ثلاث لوحات إعلانية خارج إيبينغ، ميسوري" أمام ما يقارب الثلاثة آلاف وثلاثمائة ضيف حضروا إلى القاعة، خصوصًا عندما طلبت من جميع المرشحات النساء للوقوف والتضامن مع بعضهم البعض. يأتي الحفل بعد سنة كبيسة مرّت بها هوليوود منذ بدأت بعض أعمدتها الانتاجية والفنية بالسقوط واحدًا تلو الآخر بسبب فضائح التحرش الجنسي، كلهم كانوا غائبين عن هذا الحفل من بينهم الحاصل على جائزة أفضل ممثل العام الماضي كايسي آفلك.

 

كان أيضًا لكبار السن نصيب في هذه الليلة. إذ استطاع المخرج والكاتب جيمس أيفوري أن يحصل أخيرًا على جائزة الأوسكار في الترشيح الرابع له في تاريخه حين فشل في هذا الأمر ثلاث مرات مسبقًا. الكاتب الذي يبلغ من العمر عتيًا حصل على جائزة أفضل سيناريو مقتبس عن دوره في فيلم "نادني باسمك" Call Me By Your Name والذي يحكي قصّة علاقة حب مثلية في شمال إيطاليا فترة الثمانينيات والمقتبس عن رواية تحمل نفس الاسم.

    undefined

   

أسعد خبر فوز المصور السينمائي روجر ديكنز بأول أوسكار في تاريخه، بعد ثلاثة عشر ترشيحًا نالها، جميع محبيه ومتابعي السينما. الانجليزي البالغ من العمر 68 عامًا كان قد استعرض كل مهاراته في فيلم الخيال العلمي "بلايد رانر" Blade Runner 2049 الذي أخرجه دينيس فيلينوف وحصل في الوقت ذاته على جائزة أخرى هي أفضل مؤثرات بصرية مُغيرًا في مُعادلة التوقعات التي رمت بثقة إلى فوز فيلم "حرب من أجل كوكب القردة" War for the Planet of the Apes بها.

 

أخيرًا، استطاع فيلم التحريك "كوكو" Coco أن يُثبت قدم المكسيك كفيلم أنميشن يستقي مادته من الثقافة المكسيكية العريقة، حيث نال الفيلم جوائز أفضل فيلم تحريك طويل وأفضل أغنية بعنوان "تذكّرني" Remember Me، ويحكي الفيلم قصّة الفتى "ميغيل" الذي يحاول البحث عن إرث عائلته المُوسيقي ويؤمن بأنّ الخلاص يكمُن بحمله لإرث عائلته لا بالتخلص منه. فيلم يحمل في طياته الكثير من الرسائل السياسية في الوقت الذي يريد فيه الرئيس الأمريكي ترامب أن يبني جدارًا فاصلًا مع المكسيك.

   

undefined