شعار قسم ميدان

لماذا تصنع هوليوود ثلاثة أفلام مختلفة للجوكر؟

ميدان - الجوكر
مقدمة الترجمة
تخطط وارنر بروس لصناعة ثلاثة أفلام للجوكر على التوازي، ومن الواضح أن الاستوديو لا يعبأ بابتذال الشخصية، وهي عملية مستمرة لعقود على أي حال وقد يعتبرها النقاد نوعا من أنواع المخاطرات. لكن هذه المخاطرة يبدو أن استوديوهات هوليوود ترغب بخوضها بغية تحقيق المزيد من الأرباح. هذا التقرير المترجم عن "ذا أتلانتيك" يفسر صناعة هوليوود لثلاثة أفلام متتالية بطلها هو "الجوكر".

  

نص التقرير

لا توجد فئة من فئات الأفلام رفعت من مكانة هوليوود أكثر من الأفلام الهزلية. كان من المفاجئ سابقا أن يتولى مخرجون شباب ذوو سمعة نقدية جيدة مثل بريان سينغر مشاريع مثل "الرجال إكس" (X-Men)، وهو الحال الآن، إذ يسعى الفنانون الشباب لنيل فرص كهذه، بينما يقوم الممثلون من ذوي الأوسكار بحرق مسيرتهم بأدوار الأبطال الخارقين (مثل بينديكت كامبرباتش في دور الدكتور سترينج، وكيت بلانشيت في دور ثور في الفيلم القادم "راغناروك")، لكن في النهاية لدينا مثال على تحول هذه النزعة إلى الاتجاه المعاكس، وهو شخصية القصص المصورة الخارقة التي فقدت كثيرا من بريقها: الجوكر.

عندما صنع تيم بورتون فيلمه الأول "باتمان" سنة 1989 اختار واحدا من أكبر نجوم هوليوود وأكثرهم ثقة ليلعب دور عدو باتمان الأكبر. كان جاك نيكولسون الفائز بجائزة الأوسكار مرتين (والذي حصل على جائزة أخرى في التسعينيات)، وحصل على مبلغ مالي كبير جراء لعبه هذا الدور (وصل نصيبه من أرباح الفيلم إلى ما يقدر بـ 50 مليون دولار)، وحصل على مستحقات أعلى من نجم الفيلم المفترض مايكل أو ميشيل كيتون، ومنذ ذلك الحين ظل دور الجوكر أرقى دور في الأفلام الهزلية، والذي حصل على إثره هيث ليدجر على جائزة الأوسكار بعد وفاته عن فيلم "فارس الظلام" 2008. جاريد ليتو اختير لأداء الدور في فرقة الانتحار بعد فترة قصيرة من فوزه بالأوسكار عن فيلم "نادي دالاس للمشترين" (Dallas Buyers Club).

الآن، يبدو أن وارنر بروس (منتجة كل أفلام الجوكر) يائسة لإعادة اكتشاف السحر الذي اختفى من الدور. على مدى الأسابيع القليلة الماضية أشارت التقارير بشكل واسع إلى أن الاستوديوهات تستعد لثلاثة مشاريع جوكر: تتمة فرقة الانتحار، فيلم مستقل يركز على علاقة الشرير مع شريكته في جريمة هارلي كوين (مارغوت روبي)، والأكثر غرابة، الجوكر "الفيلم الأصلي" الذي سيخرجه تود فيليبس (ذي هانغوفر) وسينتجه مارتن سكورسيزي. من الواضح أن ليتو سيكون نجما في العملين الأولين، ولكن بالنسبة للثالث يقال إن وارنرز لديها هدف أكبر: ليوناردو دي كابريو الذي فاز مؤخرا بالأوسكار الأول له.

 

ليوناردو دي كابريو وسكورسيزي (رويترز)
ليوناردو دي كابريو وسكورسيزي (رويترز)

يعد ليوناردو بالطبع متعاونا طويل الأمد مع سكورسيزي (صنعا خمسة أفلام معا)، وهو كذلك ممثل برع في أدوار الشر والأدوار الصعبة مثل فيلم "جانغو" لتارنتينو، لكن وفقا لمراسل هوليوود فإن فرص استيلائه على الدور ضئيلة جدا وتقترب من الصفر برغم مشاركة سكورسيزي. فكرة مشاركته وحدها قوبلت بالسخرية على مواقع الإنترنت من عدة مواقع مختصة بالنشر عن صناعة السينما، هذا إضافة إلى التقارير التي تشير إلى أن ليتو حرص على إيصال عدم رضاه عن الأمر إلى الاستوديو. في 1989 كانت فكرة فيلم عن باتمان فكرة محفوفة بالمخاطر، ومع ذلك تمكن بورتون من جلب نيكلسون إلى طاقم العمل. ما الذي تغير من حينها؟ ببساطة إنه هوس الاستوديوهات بصناعة سلاسل الأفلام واستياء الجمهور المتزايد من هذا التشبع الزائد.

 

لم يحسّن النقد السلبي لأداء ليتو في فيلم "فرقة الانتحار" الأمر بالتأكيد، لكن الفيلم رغم تعرضه لسهام النقد اللاذعة حقق أموالا طائلة بلغت 745 مليون دولار حول العالم، وهو مبلغ كاف لتشجيع وانر بروس. لتمهيد الطريق لصناعة السلسلة ومشتقاتها من أفلام الجوكر/هارلي كوين المشتركة استثمر الاستوديو كثيرا في سلسلة أفلام قصص الرسوم المصورة من دي سي، وحققت نجاحا نقديا وتجاريا هائلا هذا العام مع فيلم "امرأة العجائب" (Wonder Woman). لدى الاستوديو فيلم "فرقة العدالة" الذي سيعرض في (نوفمبر/تشرين الثاني) القادم، وكذلك أفلام "رجل الماء"، و"فلاش بوينت"، و"المصباح الأخضر"، وسلسلة "امرأة العجائب"، وفيلم "باتمان" المنفرد، والمزيد من هذه الأفلام مطروحة على الطاولة، ناهيك عن فيلم الجوكر المذكور آنفا.

رغم نجاح "امرأة العجائب" فإن مقاربة الاستوديو تبدو كمن يلقي بالأفلام على الحائط وانتظار أن يلتصق أحدها به، كما يفعل الآن بمشاريع الجوكر. الفكرة وفقا لمراسل هوليوود هي أن يطلقوا سلسلة من داخل السلسلة. أفلام ليتو ستكون جزءا من عالم رئيس متصل، لكن فيلم سكورسيزي "الأصل" قد يكون منفصلا، وقد يحظى بعلامة تجارية مختلفة لتمييزه ولتهدئة غضب ليتو. مع ذلك "يدرك مديرو وارنر مخاطر تعرض الجمهور للارتباك بسبب هذا الأمر" كما يلاحظ التقرير.

 

فكرة صدور عدة أفلام للجوكر في سنوات قليلة مزعجة من الناحية الإبداعية والاقتصادية، لكن هذه المخاطرة تحديدا هي من النوع الذي تخوضه الاستوديوهات لاستخلاص سيل جديد من الأرباح من نفس المصدر الذي تحظى بملكيته الفكرية. شهد صيف هذا العام أكثر معدلات النمو في هوليوود انخفاضا منذ عشر سنوات (3.8 مليار)، وأسوأ مبيعات للتذاكر في 25 عاما (428 مليون دولار)، هذا لأن أفضل عطلات الأسبوع في 2017 خصصت لسلاسل الأفلام التي لم يعد الجمهور يحبها قطعا (مثل الجزء الخامس من فيلم "المتحولون" والجزء الخامس من فيلم "قراصنة الكاريبي")، وكذلك المحاولات اليائسة لإطلاق سلسلة كاملة عبر فيلم واحد ("المومياء" التابع لاستوديوهات يونفرسال، وكذلك محاولة استخلاص الأموال من نوستالغيا التسعينيات في أفلام مثل "دورية الشاطئ" (Baywatch)، و"شبح في وعاء" (Ghost in the Shell) و"فرسان الطاقة" (Power Rangers).

 

سيكون من الصعب على الاستوديوهات أن تتراجع الآن، فالسلاسل القديمة مثل "المتحولون" وأفلام الوحوش المتحولة مثل "كينغ كونغ" و"جودزيلا" و"العالم المظلم" (الذي يتمحور حول وحوش يونفرسال مثل "دراكولا" و"المومياء") لديها بالفعل مجموعة من الكتاب المحترفين باهظي الثمن لإبقائها موجودة في الساحة. تقوم الاستوديوهات بتأجير كتاب سيناريو حاصلين على جوائز للعمل مع منتجين لإخراج نصوص لهذه السلاسل والأفلام المشتقة. لهذا نجد فيلما يدور حول شخصية المتحول بامبل بي في مرحلة الإنتاج الآن، ولهذا أعلن عن العمل على عدة سلاسل من "المومياء" قبل أن يصل الفيلم إلى دور العرض.

 

على أية حال، تخطط وارنر بروس لصناعة ثلاثة أفلام للجوكر على التوازي، ومن الواضح أن الاستوديو لا يعبأ بابتذال الشخصية، وهي عملية مستمرة لعقود على أي حال. ضاقت الفترة الزمنية بين الأفلام التي تصور الجوكر بشكل درامي، أولا كانت هناك 23 سنة فاصلة بين أداء سيزر روميرو للدور في فيلم "باتمان" 1966 وأداء نيكلسون، ثم 19 عاما بين نيكلسون وليدجر، ثم 8 أعوام بين ليدجر وليتو، والآن قد تكون ثلاث سنوات. هذا اليأس المصاحب لتغيير طاقم العمل كل مرة أصبح أمرا ظاهرا، لا عجب أن ليو غير مهتم.
  

 ____________________________________________

مترجمٌ عن: (ذا أتلانتيك)

المصدر : الجزيرة