التطعيم بالصومال.. نسبة متدنية وجهود متواضعة
قاسم أحمد سهل-مقديشو
وتشهد مراكز التحصين ومراكز الأمومة والطفولة بالصومال إقبالا ضعيفا، وهو أمر يدعو للقلق.
هداية محمود شري واحدة من أمهات معدودات بالأصابع أحضرن أطفالهن إلى مستشفى بنادر للأمومة والطفولة بمقديشو من أجل تطعيمهم. وتهيئ هداية ابنتها البالغة من العمر ستة شهور لتلقي إحدى جرعات اللقاحات حسب الجدول المخصص لها.
وكانت هداية تنظر إلى التطعيم نظرة استخفاف وتقلل من شأنه قبل أن يصاب أحد أبناء أختها -الذين لم يطعموا- بالشلل الذي تسبب في حدوث إعاقة في أطرافه، وكانت هذه الحادثة، إلى جانب كثرة تعرض الأطفال الذين لا يتلقون التطعيمات للأمراض، بمثابة جرس إنذار وتنبيه لها تزامن مع حمل مولودها الأول، حسب ما قالت للجزيرة نت.
واستقر قرار هداية على عدم تفويت الفرصة على ابنتها، والمبادرة بتطعيمها والتزامها بجداوله وجرعاته حتى لا تكون فريسة سهلة للأمراض الفتاكة.
نظيفة أحمد محمود التي كانت حاضرة في المستشفى نفسه، رزقت بأربعة أولاد، لكنها حرمت اثنين منهم من تلقي التطعيم تحت تأثير الاعتقاد الخاطئ الذي يسوقه كثير من الصوماليين من أن التطعيم يجلب الضرر للأطفال.
غير أن مرض الحصبة الذي صرع قبل ثلاث سنوات تقريبا بعض أطفال الحي الذي تقطنه في مقديشو، إلى جانب آلاف آخرين وحصد أرواح بعضهم، كان كافيا لتغيير رأيها والعدول عن هذا الاعتقاد، موقنة بأن الأسر التي لا تحصن أولادها ضد الأمراض ترتكب خطأ فادحا في حقهم وفق نظيفة، التي كانت تتجنب الكاميرا في حديث للجزيرة نت.
عقبات
العقبات التي تواجه برنامج تحصين الأطفال في الصومال متعددة لخصتها الدكتورة زمزم مصطفى أحمد من قسم الأطفال لمستشفى بنادر في ضعف وعي المجتمع بأهميته، وتأثير الأقارب على قرار الوالدين وإقناعهما بعدم تطعيم أولادهما اقتداء بأجدادهما، وتصويره تارة بأنه يأتي بضرر مستدلين جزافا بالآثار الجانبية التي تعقب عملية التطعيم مثل الحرارة وتورم موضع الحقن وغيرهما.
كما تشمل العقبات قلة مراكز التطعيم ولا سيما في المناطق الريفية، أو عدم أهلية بعض المراكز لاحتضان وتخزين اللقاحات، ونفاد بعض اللقاحات مع تأخر توفيرها بالسرعة المطلوبة لأسباب فنية من الجهات الموفرة التي هي منظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للطفولة.
ومن العقبات أيضا تقصير بعض الأهالي الذين يطعمون أولادهم في الالتزام بالمواعيد، وعدم استكمال جرعات اللقاحات.
وتعاني الحكومة من ضعف التمويل نتيجة إمكانياتها الاقتصادية المتواضعة، وتتكفل منظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للطفولة بتوفير اللقاحات مجانا.
ومع ذلك يرى رئيس دائرة رعاية الأطفال بوزارة الصحة الدكتور يحيى شولي أن الحكومة تبذل مجهودات في رفع مستوى وعي المجتمع الصومالي بأهمية التطعيم باستخدام وسائل الإعلام الرسمية والخاصة.
وساهمت الحكومة ومجهوداتها في تحقيق نجاحات تمثلت في توفير اللقاحات وإنشاء مراكز للتطعيم في مختلف المناطق مع إقبال ملحوظ نسبيا ما عدا تلك الخارجة عن نطاق سيطرة الحكومة والتي يتعذر الوصول إلى المستهدفين فيها.
وتضطر وزارة الصحة إلى إرسال فرق متنقلة إلى المناطق التي لا يوجد فيها مراكز للتطعيم.
واعترف شولي في حديث للجزيرة نت بأن ضعف نسبة تغطية التطعيم من أسباب ظهور مرض الحصبة والشلل في البلاد بشكل متكرر.
الحصبة
وللحد من خطورة الحصبة مثلا التي سجلت أكثر من 20 ألف حالة العام المنصرم، 84% منها لأطفال تحت سن العاشرة، تقود وزارة الصحة الصومالية حاليا حملة لتطعيم 4.4 ملايين طفل في مختلف المناطق بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للطفولة وبالتوازي مع حملة أخرى ضد شلل الأطفال، حسب شولي.
وإذا لم تفلح الجهود المبذولة في زيادة نسبة التطعيم وتحصين الأطفال الصوماليين ضد الأمراض الفتاكة، فإن هذا الأمر يسهم قطعا في زيادة معدل وفياتهم الذي يعد من أعلى المعدلات (134 وفاة لكل ألف مولود حي) ووفاة واحد من كل 11 طفلا قبل بلوغهم عامهم الأول، وفق منظمة الصحة العالمية.