هامبورغ تساعد اللاجئين المصابين بصدمات نفسية

الجلسات الأسبوعية مع الأطفال التي تعقدها أسماء قويدر (يسار) وروانا فالكنبرغ تكون عبارة عن خليط فريد من اللعب والفن وحكاية القصص.
الجلسات الأسبوعية التي تعقدها أسماء قويدر (يسار) وروانا فالكنبرغ عبارة عن خليط فريد من اللعب والفن وحكاية القصص (دويتشه فيلله)

يوفر مشروع مقام في هامبورغ بألمانيا المساعدة للأطفال اللاجئين المصابين بصدمات نفسية من خلال رواية القصص والعلاج عن طريق الفن، وهؤلاء الأطفال قدموا من سوريا والعراق وإيران وغيرها.

يبدأ الأطفال المنتمون لأسر فرّت من الاضطهاد والصراعات في بلدان مثل أفغانستان والعراق في الوصول إلى غرفة النشاط بمخيم اللاجئين، المخيم الذي يحمل اسم "Jungenparkweg" هو موطن لنحو 130 شخصا ويقع في بلدة لانغنهورن في ولاية هامبورغ.

وعند دخول الغرفة يقوم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 أعوام و12 عاما، والذين أنهوا لتوهم دروس ما قبل المدرسة أو بعض الحصص المدرسية في البلدة المجاورة، بتحية راويتي القصص أسماء قويدر وروانا فالكنبرغ.

"رواة بلا حدود" (TWB) هو مشروع بدأته ميكائيلا ساوبر، وهي راوية قصص، لديها خبرة في العمل في مناطق الحروب، ومعها أصدقاء مبادرة فالدورف التربوية لعلاج الصدمات النفسية. ينظم "مشروع رواة بلا حدود" في هامبورغ ورش عمل تهدف إلى بناء الشعور بالاستقرار للأطفال، الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين، وذلك باستخدام مجموعة أدوات متنوعة من التقنيات بما في ذلك الفن واللعب ورواية القصص، لإعادة تواصل الأطفال مع باطن أنفسهم.

وتقول ساوبر "ما نقوم به هو شيء فريد من نوعه، فهو خليط من الأسلوب التربوي في علاج الصدمات النفسية، وأسلوب العلاج عن طريق الفن، فضلا عن أسلوب رواية القصص العلاجي".

‪روانا فالكنبرغ تجلس مع الأطفال وقت الرسم الذي يعد وسيلة تستخدم لعلاج الصدمات النفسية‬  (دويتشه فيلله)
‪روانا فالكنبرغ تجلس مع الأطفال وقت الرسم الذي يعد وسيلة تستخدم لعلاج الصدمات النفسية‬  (دويتشه فيلله)

قرع بالجسم
تمتد كل جلسة من الجلسات لمدة ساعتين، وتبدأ وتنتهي بالجميع وهم يمسكون بأيدي بعضهم بعضا في شكل دائرة، قبل أن يرددوا معا باللغة الألمانية، مع التمثيل بلغة الجسد، "فوقي السماء، تحتي الأرض وها أنا هنا".

ويكون القرع بالجسم مصحوبا بأغان مؤلفة بلغة خيالية تقوم بتدريسها معالجة الصدمات النفسية بالرقص، وتتبع هذه الأغاني مجموعة من الألعاب ومعها تفاعل اجتماعي يعطي الأطفال فرصة للعب سويا.

ثم تعرض قويدر على الأطفال شكلا ليرسموه. إنه عبارة عن خطوط متموجة بينها دوائر تملأ الصفحة، شكل بسيط يسهل على الأطفال تقليده باستخدام الطباشير الملونة. ثم يحين وقت القصة. وتحمل القصة اسم "الفانوس الصغير"، وهي من تأليف الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني الذي كتبها لابنة أخيه.

تروي فالكنبرغ القصة باللغة الألمانية، ثم تحكي قويدر نفس الجزء باللغة العربية، قبل أن تقوما بالانتقال إلى الجزء التالي من القصة. وفي الختام، يتم تشكيل دائرة مرة أخرى وتكرر المجموعة وراء الجوقة الرئيسية.

خلال وقت الرسم جلست فالكنبرغ مع الأطفال، فالرسم هو إحدى الوسائل الفنية التي تستخدم لعلاج الصدمات النفسية.

العلاج بالفن هو واحد بين عدة أساليب تستخدمها مؤسسة أطفال من أجل الغد (CFT) للمساعدة في زيادة احترام الذات وتعزيز الهوية وتجاوز فترات الماضي المؤلمة. مؤسسة أطفال من أجل الغد هي مؤسسة غير ربحية تجمعها شراكة مع مستشفى جامعة هامبورغ إيبندورف (UKE)، الذي يدير العيادات الخارجية للأطفال والمراهقين اللاجئين، ويساهم في تضميد الجراح النفسية للشباب اللاجئين الذين هربوا من الحروب والخطر.

وتقول قويدر المنسقة في مشروع رواة بلا حدود "مع كل جلسة تنمو علاقتنا مع الأطفال، يتعرفون على الألعاب، ويكون لديهم فرصة للعب والشعور بالأمل. يدرك الأطفال أن بإمكانهم أن يأتوا إلى نفس المكان كل أسبوع وأن يتوقعوا نفس الشيء وهذا يخلق لديهم شعور الاستقرار، وهو أمر مهم".

وتقول فالكنبرغ وهي تفكر في عملها بإمعان، إن أعز اللحظات لديها هي عندما يتمكن الأطفال من قبول السكينة والسلام داخل أنفسهم.

المصدر : دويتشه فيله