فرانسيس فوكوياما.. نهاية التاريخ بداية الشهرة

US political scientist Francis Fukuyama speaks during the International Conference 'New Public Management and leadership for Democratic Governance and Social Inclusion', in Lima, Peru, 03 July 2014. The event was also attended by former presidents Ernesto Samper of Colombia; Carlos Mesa of Bolivia; Nicolas Ardito Barletta, of Panama and Vicente Fox of Mexico.

فرانسيس فوكوياما كاتب ومفكر أميركي الجنسية أصله ياباني؛ يعد من أهم مفكري المحافظين الجدد في أميركا. اشتهر بكتابه "نهاية التاريخ والإنسان الأخير" الذي ألفه بُعيد انهيار الاتحاد السوفياتي، لكنه تراجع لاحقا عن كثير من أفكاره وآرائه ومواقفه السياسية.

المولد والنشأة
ولد يوشيهيرو فرانسيس فوكوياما يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول عام 1952 في حي هايد بارك بمدينة شيكاغو، لأسرة من أصول يابانية ونشأ في بيئة محافظة.

هرب جد فوكوياما من الحرب الروسية اليابانية عام 1905 إلى الولايات المتحدة، وافتتح متجراً في لوس أنجلوس بكاليفورنيا قبل أن يشمله الاعتقال الإداري الذي استهدف الأميركيين اليابانيين خلال الحرب العالمية الثانية اشتباها في ولائهم لليابان التي كانت آنذاك محاربة لأميركا. أما والده فلم يطله الاعتقال لأنه حصل على بعثة دراسية في جامعة نبراسكا.

حصل والده يوشيو فوكوياما على الدكتوراه في علم الاجتماع من جامعة شيكاغو حيث قام بتدريس الدراسات الدينية، أما والدته توشيكو كواتا فولدت في كيوتو باليابان وهي ابنة شيرو كواتا، مؤسس قسم الاقتصاد في جامعة كيوتو وأول رئيس لجامعة مدينة أوساكا.

قدمت أمه إلى الولايات المتحدة وتعرفت على يوشيو فوكوياما خلال الدراسة الجامعية، انتقلت العائلة لاحقا إلى مانهاتن بمدينة نيويورك حيث عاش فرانسيس فوكوياما سنواته الأولى قبل الانتقال إلى بنسلفانيا عام 1967.

الدراسة والتكوين
ساعدت فوكوياما طبيعة عمل والده في التعرف على النخبة الفكرية في عصره وتحديد مساره الأكاديمي، فتخرج من قسم الدراسات الكلاسيكية في جامعة كورنيل، حيث درس الفلسفة السياسية على يد ألن بلووم. وحصل على الدكتوراه من جامعة هارفارد حيث تخصص في العلوم السياسية، وكان موضوع رسالته التي نال بها درجة الدكتوراه عن السياسة الخارجية السوفياتية.

الوظائف والمسؤوليات
يعمل فوكوياما أستاذا للاقتصاد السياسي ومديرا لبرنامج التنمية الدولية بجامعة جونز هوبكنز الأميركية. وقد اشتغل سابقا في كلية السياسة العامة بجامعة جورج ماسون.

نال عضوية جهاز التخطيط السياسي لوزارة الخارجية الأميركية بوصفه عضوا نظاميا متخصصا في شؤون الشرق الأوسط، وعضوية البعثة الأميركية للمحادثات الإسرائيلية المصرية حول الحكم الذاتي الفلسطيني خلال 1981-1982.

وبالإضافة إلى ذلك؛ يشغل فوكوياما عضوية عدة هيئات مثل: جمعية العلوم السياسية الأميركية، ومجلس العلاقات الخارجية، والمجلس الباسيفيكي للسياسة الدولية، وشبكة غلوبال بزنس.

كما يشغل أيضا عضوية مجلس الرئيس الأميركي للأخلاقيات الحيوية (Bioethics)، وعضوية المجالس الاستشارية للمنح الوطنية من أجل الديمقراطية، و"المصلحة الديمقراطية"، و"مجلة الديمقراطية"، و"مؤسسة أميركا الجديدة".

التوجه السياسي
انتمى فوكوياما إلى معسكر المحافظين الجدد في أوج قوتهم فكان أحد موقعي رسالة موجهة للرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش عقب أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، تطالبه بإسقاط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

التجربة الفكرية
جمع فوكوياما في مسيرته العلمية والعملية بين التنظير السياسي والتدريس الأكاديمي والجانب العملي فشغل وظائف عديدة أكسبته الكثير من الخبرة والثقافة، وكان مهتما بالبحث العملي ودراسة التطور الاقتصادي في المجتمعات البشرية، وعمل لمدة طويلة مستشارا للبنك الدولي في نيويورك والعديد من المؤسسات والأجهزة الأخرى.

وفي عام 1989 نشر في دورية "ناشونال إنترست" (National Interest) مقالة حفرت حروفها في تاريخ النظريات السياسية الحديثة، فتحت عنوان "نهاية التاريخ" كتب يقول "إن تاريخ الاضطهاد والنظم الشمولية قد ولى وانتهى بغير رجعة مع انتهاء الحرب الباردة وهدم سور برلين، لتحل محله الليبرالية وقيم الديمقراطية الغربية".

ما أجمله فوكوياما في مقاله فصله في كتاب أصدره عام 1992 بعنوان "نهاية التاريخ والإنسان الأخير"، حيث أضاف وشرح نظريته المثيرة للجدل في كتابه الذي اكتسب شهرة عالمية واسعة وبلغ عدد طبعاته أكثر من عشرين طبعة مختلفة، وكان في قائمة أكثر الكتب مبيعاً.

انطلق فوكوياما في كتابه الذائع الصيت من حيث انتهى كارل ماركس وجورج فريدريش هيغل، اللذين صورا التاريخ على أنه معركة جدلية بين النماذج والأطروحات الأيديولوجية المتناقضة.

وخلص في كتابه إلى أن التاريخ يوشك أن يصل إلى نهايته بانهيار الاتحاد السوفياتي وتفكك المعسكر الشيوعي واندثار حلف وارسو. وراح يبشر بميلاد عصر جديد يحصل فيه توافق عالمي واسع حول المثل الديمقراطية.

منذ عام 2004 انقلب فوكوياما على مواقفه السابقة، وأصبح من منتقدي الغزو الأميركي للعراق، ووجه انتقادات لاذعة للمحافظين الجدد وأعلن تنصله التام منهم. 

وفي عام 2006 أصدر فوكوياما كتابا آخر بعنوان "أميركا على مفترق طرق: الديمقراطية، السلطة، وميراث المحافظين" شدد فيه على أن الديمقراطية هي محصلة مسار طويل في أبعاده التاريخية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، ولا يمكن حسب نظره بالتالي تبسيط مسألة الانتقال الديمقراطي في دول العالم غير الغربي.

وحدد فوكوياما ثلاثة مرتكزات اعتبرها أساسية لأي نظام ديمقراطي، وهي وجود دولة قوية تتمتع بالهيبة اللازمة، وتكريس سلطة وسيادة القانون، إضافة إلى مسؤولية الدولة أمام محكوميها. وقال "إذا أردنا أن نفهم كيفية نشأة هذه المرتكزات الثلاثة فإننا قد نفهم ما يفصل بين الصومال والدانمارك".

توقف فوكوياما عند مسألة الانحدار السياسي عندما تصبح المؤسسات غير قادرة على التكيف مع الأوضاع الجديدة. واعتبر "أن ماكينة الديمقراطية الأميركية قد أصبحت مصابة بنزلة برد شديدة، وأن ازدياد سطوة المال السياسي وتنامي نفوذ اللوبيات والدور المبالغ فيه للدعاية الإعلامية من العوامل التي زادت تشوهات النظام الديمقراطي الأميركي".

انتقد فوكوياما في كتابه بشدة تنامي نفوذ جماعات المصالح (اللوبيات)، الأمر الذي حوّل حسب رأيه الدولة الفدرالية الأميركية إلى دولة بلا عضلات في مواجهة الأمراض التي تتخبط فيها.

المؤلفات
إلى جانب الكتابين المذكورين سابقا؛ أصدر فوكوياما كتبا أخرى أهمها "مستقبلنا بعد البشري: عواقب ثورة التقنية الحيوية"، و"الفضائل الاجتماعية وتحقيق الازدهار"، و"الطبيعة البشرية وإعادة بناء النظام الاجتماعي"، و"أصول النظام السياسي".

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية