كم قضم الاستيطان من أرض فلسطين؟

تحصين المشروع الاستيطاني من التحديات الداخلية بفلسطين التاريخية، مستوطنة حلاميش بالضفة الغربية، تشرين الثاني نوفمبر 2014.
تشكل المستوطنات 42% من مساحة الضفة الغربية (الجزيرة)

تسبب الاستيطان المتواصل في تقليص مساحة فلسطين التاريخية، فلم يبق للفلسطينيين سوى حوالي 15% فقط من مساحة فلسطين التاريخية المقدرة بنحو 27 ألف كيلومتر مربع، حيث تستغل إسرائيل أكثر من 85% من المساحة الفعلية.

والاستيطان عملية إسكان واسعة في أرض محتلة، وذلك بذريعة الإعمار وإرساء سيطرة الدولة المهيمنة على الأرض التي ضمتها وباتت تعتبرها جزءا منها. وقد تكون دوافعه أيديولوجية دينية وعنصرية كما هو شأن الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.

وتعود بداية الاستيطان اليهودي في فلسطين إلى عام 1859 عندما اشترى اللورد موزس مونتفيوري مساحة من الأرض خارج أسوار القدس، وبدأ البناء فيها لتكون حيا لليهود سمي باسمه، ثم تمكن من بناء سبعة أحياء أخرى حتى سنة 1892، ثم تواصلت سياسة توسيع الاستيطان التي التهمت أراضي الفلسطينيين. 

وتظهر الأرقام تطور عدد المستوطنين في الضفة الغربية من 240 ألفا عام 1990 إلى نحو ثمانمئة ألف مستوطن عام 2016.

وبلغ عدد المستوطنين 324432 عام 1997 ثم ارتفع الرقم إلى 377903 عام 2000، ثم إلى 450162 عام 2004، وقفز إلى 714281 عام 2014، وبلغ الرقم 796164 عام 2016.

ويتوزع المستوطنون على نحو 196 مستوطنة و232 بؤرة استيطانية موزعة في جميع أنحاء الضفة الغربية بما فيها شرقي القدس.

وتشكل المستوطنات الإسرائيلية ما نسبته 42% من مساحة الضفة الغربية، وبشكل أوضح فإن 68% من مساحة المنطقة "ج" في الضفة تمت السيطرة عليها لمصلحة المستوطنات، وهي المنطقة التي تضم 87% من موارد الضفة الطبيعية و90% من غاباتها و49% من طرقها.

ويُسمح للفلسطينيين باستخدام أقل من 1% من تلك المنطقة بحجة أن أراضيها "مناطق عسكرية" أو "مناطق خضراء" أو "أراضي دولة" أو "أراضي مستوطنات".

نهب الأراضي
بعد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، قامت سلطات الاحتلال بنقل ملكية الأراضي التي كانت تديرها السلطات الأردنية والأراضي المسجلة بأنها أراضي دولة منذ العهد العثماني، ونقلت لها سلطة التصرف بهذه الأراضي.

وكانت مساحة هذه الأراضي في ذاك الوقت ما يقارب 527 ألف دونم أي نحو 9% من إجمالي مساحة الضفة، ثم ارتفعت إلى نحو سبعمئة ألف دونم، أي 12% من المساحة مع نهاية عام 1973 حيث أضافت سلطات الاحتلال أكثر من 160 ألف دونم كأراضي دولة.

واستمرت سياسة نهب الأراضي، ففي عام 1968 جمدت إسرائيل عمليات تسجيل الأراضي للفلسطينيين وأصدرت أوامر عسكرية فرضتها على المواطنين الفلسطينيين ما أدى بين الأعوام 1979-2002 إلى الإعلان عن أكثر من تسعمئة ألف دونم جديد (16%) من أراضي الضفة كأراضي دولة.

ومن خلال دراسة تحليلية قام بها معهد الأبحاث التطبيقية لواقع المستوطنات الـ 196، تبين أن 51% منها تم بناؤها على أراض صنفتها إسرائيل بأراضي دولة و49% منها بنيت على أراض فلسطينية ذات ملكية خاصة.

وتبلغ مساحة المستعمرات الإسرائيلية في محافظة القدس كمثال 40868 دونما، 73% منها مقام على أراض ذات ملكية خاصة بما فيها الأراضي التي ضمنتها إسرائيل بشكل غير شرعي وأحادي الجانب لما يسمى بحدود بلدية القدس.

ومن أدوات الاستيلاء على الأرض قانون أملاك الغائبين، هو قانون صهيوني أقره الكنيست عام 1950، وهو يشرعن بموجبه ‏الاستيلاء على الأراضي والممتلكات التي تعود للفلسطينيين الذين هجروا منها ونزحوا عنها إلى مناطق ‏أخرى نتيجة الاحتلال.

مراحل الاستيطان
المرحلة الأولى (1967-1977): إبان حكم حزب العمل الإسرائيلي، حيث بدأ الاستيطان أولا في القدس، فجُرف حي المغاربة وطُرد سكانه، وأعيد بناء الحي اليهودي في البلدة القديمة.

المرحلة الثانية (1977-1990): إبان حكم حزب الليكود، وفي هذه المرحلة صارت المستعمرات مدنا كبيرة، ووصل عددها إلى نحو 150 مستعمرة، وعدد سكانها إلى تسعين ألف مستوطن.

المرحلة الثالثة (1990-2000): شهدت تدفق اليهود الروس على إسرائيل، ولم يتمكن مؤتمر مدريد عام 1991 ولا المفاوضات التي أعقبته، ولا حتى اتفاق أوسلو الموّقع يوم 13 سبتمبر/أيلول 1993، دون استشراء الاستيطان، فوصل عدد المستوطنين بالضفة إلى مئتي ألف مستوطن، وعدد المستوطنين بالقدس إلى 172 ألفا.

المرحلة الرابعة (2000 وما بعده): شهدت بناء الجدار العازل بذريعة حماية المستعمرات. وفي هذه الفترة انسحبت إسرائيل من قطاع غزة سنة 2005، ودمرت 21 مستعمرة وأجلت منها 8500 مستوطن، لكن عدد مستوطني الضفة بلغ نهاية سنة 2015 نحو أربعمئة ألف، وفي القدس نحو 240 ألفا.

واحتلت المستوطنات 42% من مساحة الضفة التي خرّقتها الكتل الاستيطانية الكبرى، مثل كريات أربع في الخليل التي بدأ البناء فيها سنة 1968، ومثل غوش عتصيون جنوبي بيت لحم التي بدأ البناء فيها يوم 27 سبتمبر/أيلول 1967.

وفي 11 يناير/كانون الثاني 2018، أعلنت السلطات الإسرائيلية موافقتها على بناء أكثر من 1100 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية.

آثار اقتصادية
يتكبد الاقتصاد الفلسطيني خسائر سنوية فادحة بسبب الاستيطان الإسرائيلي، حيث يُمنع الفلسطينيون من الوصول إلى أراضيهم، ومصادر رزقهم، وأماكن عملهم.

وبلغت الخسائر المباشرة وغير المباشرة نتيجة الاحتلال والاستيطان سبعة مليارات دولار أميركي و3.4 مليارات بسبب قيود الاحتلال المفروضة على الفلسطينيين للوصول إلى أراضيهم وأعمالهم بالمنطقة (ج). وتقدَّر خسارة الاقتصاد الفلسطيني السنوية الإجمالية بقطاع المحاجر والتعدين بنحو 575 مليون دولار.

ويستهلك المستوطنون بالضفة من المياه ستة أضعاف ما يستهلكه سكان الضفة الفلسطينيون البالغ عددهم نحو 2.86 مليون نسمة.

undefined

المصدر : الجزيرة