عبد الكبير العلوي المدغري.. أشهر وزراء الأوقاف بالمغرب

MARRAKESH, MOROCCO: Morroccan newly-appointed prime minister Driss Jettou (L), minister in charge of the religious affairs Dris Alaoui Mdeghri (C) and former prime minister Abderrahmane Youssoufi attend 09 October 2002 at Marrakech's royal palace a government meeting presided by King Mohammed VI. King Mohammed VI named 09 October former interior minister Driss Jettou as prime minister following last month's legislative election, officials said. Jettou, 57, a 'technocrat' without political affiliation, will replace Abderrahmane Youssoufi, the leader of the Socialist Union of Popular Forces, and prime minister since 1998. AFP PHOTO ABDELHAK SENNA (Photo credit should read ABDELHAK SENNA/AFP/Getty Images)
المدغري (وسط) أدار دفة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لفترة ناهزة 19 سنة (غيتي)

أشهر وزير أوقاف بالمغرب، كان مسؤولا عن المجال الديني وعاصر الملكين الراحل الحسن الثاني والحالي محمد السادس. ترأس وكالة بيت مال القدس الشريف التابعة للجنة القدس المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي. من أشهر مؤلفاته "الحكومة الملتحية".

المولد والنشأة
ولد عبد الكبير العلوي المدغري عام 1942 بمدينة مكناس.

الدراسة والتكوين
بعد حصوله على شهادة البكالوريا من جامعة القرويين، التحق بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس وحصل على شهادة الإجازة، تلتها شهادة الإجازة في العلوم القانونية من كلية الحقوق بالرباط وشهادة دبلوم الدراسات العليا في العلوم الإسلامية من دار الحديث الحسنية بالرباط.

واصل مساره الدراسي حيث حصل على شهادة دكتوراه الدولة في العلوم الإسلامية من دار الحديث الحسنية. وقدم بحثا عن الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم.

الوظائف والمسؤوليات
اشتغل محاميا وأستاذا للتعليم العالي وباحثا بكلية الشريعة جامعة القرويين بفاس وأستاذا محاضرا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس، وأستاذا بالمعهد المولوي بالرباط، وهو معهد تابع للقصر الملكي يدرس به أصحاب السمو الملكي الأمراء والأميرات وأستاذا محاضرا في عدد من الجامعات.

وتولى منصب وزير الأوقاف والشؤن الإسلامية لمدة 19 عاما ثم عين لاحقا المدير العام لوكالة بيت مال القدس الشريف التابعة للجنة القدس التي يترأسها الملك محمد السادس.

شغل عضوية المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة وعضوية أكاديمية آل البيت للفكر الإسلامي بالأردن وعضوية رابطة علماء المغرب. كما كان عضوا بلجنة مراجعة مدونة الأحوال الشخصية بالمغرب عام 1993.

التجربة العلمية والسياسية
اشتهر الدكتور المدغري بتبحره في العلوم الشرعية، ما أهله لإدارة دفة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لفترة ناهزت 19 سنة على عهد حكم الملك الراحل الحسن الثاني وبداية حكم الملك محمد السادس.

في الثمانينيات عندما كان وزيرا للأوقاف أشرف المدغري على "جامعة الصحوة الإسلامية"، بضوء أخضر من الحسن الثاني بهدف إدماج جزء من الإسلاميين في المجال السياسي.

وقال بالخصوص عن هذه المرحلة "فعلا هذه الجامعة كنا نريدها منبرا جامعا لحوار حر نزيه لطيف إيجابي وبناء مع الجماعات الإسلامية كيفما كانت، معتدلة ومتطرفة رسمية أو غير رسمية، بل كان طموحنا أكبر، ففكرنا في دعوة رموز لجماعات إسلامية من الخارج، فجاء ممثلون عن الإخوان المسلمين، وجاء راشد الغنوشي عن تونس، ومحفوظ النحناح عن الجزائر، ونجم الدين أربكان عن تركيا، وعدد من الرموز والشخصيات".

وأضاف في حوار منشور مع الجزيرة نت عام 2006 "كان هناك شباب إسلامي واعد، وكنا نريد أن يكون هناك حوار بينه وبين العلماء، وبينه وبين الحكومة. وكنت قد اقترحت هذه الفكرة على الملك الراحل الحسن الثاني فاستحسنها، وتابع الجامعة وأشغالها".

وتابع "لا أفشي سرا إن قلت الآن إنني كنت أبعث للملك الحسن الثاني كل مساء بشريط مسجل يتضمن وقائع اليوم وجلساته، وكان يشاهد الشريط، وانتهى به الأمر إلى استدعاء المشاركين وتنظيم حفل شاي على شرف المشاركين في قصره بالصخيرات وإلقاء خطاب، فكان هذا نوعا من اللقاء بعد الفراق والغياب، وكان لهذا اللقاء دور كبير في تبديد السحب بين الإسلاميين والحكم، وهذا في حد ذاته كان مكسبا مهما. ثم توالت الدورات بعد ذلك، وناقشت قضايا مهمة، وحرصنا على طبع جميع أعمال هذه الجامعة".

بعد وفاة الحسن الثاني، تلا المدغري خطاب البيعة إثر جلوس الملك محمد السادس عرش المغرب.

وخلال سنواته بالوزارة، عمل على تقريب بعض المفكرين الإسلاميين من مربع السلطة، حيث كان صاحب فكرة دعوة أحمد الريسوني لإلقاء درس حسني أمام الملك محمد السادس. وكان من أوائل من تنبؤوا بوصول الإسلاميين إلى السلطة، من خلال كتابه "الحكومة الملتحية: دراسة نقدية مستقبلية".

في كتابة "الحكومة الملتحية"، دعا المدغري الإسلاميين إلى التريث في الوصول للحكم، وقال في الحوار المنشور بالجزيرة نت "ننصح بالتريث والحكمة وعدم التسرع في أي شيء".

وفصل في رؤيته بالقول "التيار الإسلامي يجب أن ينظر إليه كجميع التيارات الموجودة في البلد، وأن نطبق عليه الوصفة الديمقراطية التي نطبقها ونطالب بها الجميع. فهم مكون من مكونات المجتمع، ويجب أن تكون لهم الفرصة كاملة لمخاطبة الشعب، فإذا نالوا رضى الشعب وصوت عليهم في أي انتخابات، فإن ذلك ينبغي أن يؤهلهم لاحتلال مكانتهم في البرلمان كجميع التيارات، ولهم أن يشكلوا الحكومة إذا نالوا رضى جلالة الملك, وهذا من حيث المبدأ".

وأوضح الجانب السلبي من هذه المشاركة بالقول "من الناحية العملية نرى أن تجربة التيار الإسلامي فيما يتعلق بالسياسة والحكم تجربة متواضعة في الزمن وفي العمق، ونخشى إذا ما تطلعوا إلى الحكم وتشكيل الحكومة دون مؤهلات كافية، وكان الفشل لا قدر الله، أن يرجع ذلك على المد الإسلامي بصفة عامة".

اعتبره اليساريون المغاربة عدوهم الأول وحليف الإسلاميين المعتدلين والمسؤول عن فتح الطريق لمشاركتهم في اللعبة السياسية، في حين اعتبره بعض الإسلاميين مكلفا باحتوائهم.

ملاحظات رد عليها المدغري بالقول في الحوار مع الجزيرة نت "لست حليفا لأحد ولست عدوا لأحد، ولا مروضا لأحد، كل ما في الأمر أنني كنت أشعر بأن علي أمانة ومسؤولية، وكما قلت وكنت أقول دائما للعلماء يجب أن تستحضروا دائما وجه الله تعالى لأننا سنقف أمامه في يوم من الأيام ونسأل".

وبعد أن أعفي من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية توارى قليلا عن الأضواء، لكنه ما لبث أن عاد بقوة بعد أن عينه الملك مديرا عاما لوكالة بيت القدس في أبريل/نيسان 2006. ثم عزز عودته بإصدار كتاب مثير سماه "الحكومة الملتحية" الصادر في نفس العام والذي تنبأ فيه بوصول الإسلاميين لحكم.

رأى ضرورة استمرار الصحوة الإسلامية "مؤطرة بأهل العلم وأنه لا يكفي تأطيرها بالشباب المتحمس، لا بد من أهل العلم، وهذا الدين علم ومرتبط بالعلم، والشريعة لها قواعد وأصول العلم لتفسيرها، وإلا وقعنا فيما وقعنا فيه الآن من إرهاب وأعمال بشعة وشنيعة باسم الإسلام".

وأضاف "التطرف أحببنا أم كرهنا يمشي جنبا إلى جنب مع الصحوة الإسلامية مع الأسف، وهذا التطرف سببه هو الجهل، لا أقل ولا أكثر".

كان إلى حين وفاته رئيس وكالة بيت مال القدس، وهي مؤسسة عربية إسلامية غير ربحية هدفها حماية الحقوق العربية والإسلامية في مدينة القدس الشريف وتعزيز صمود أهلها في مواجهة الاحتلال، وتعد الذراع الميدانية للجنة القدس.

عمل على تطوير الوكالة التي نفذت عدة مشاريع في مدينة القدس الشريف رغم محدودية التمويل المالي الذي يساهم المغرب فيه بـ 80%.

المؤلفات
أثناء مسيرته العلمية والوظيفية، ألف الدكتور المدغري عدة مؤلفات وأنجز عددا من الأبحاث؛ أبرزها كتاب " الفقيه أبو علي اليوسي نموذج من الفكر المغربي في فجر الدولة العلوية"، كتاب " الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم لأبي بكر بن العربي المعافري – دراسة وتحقيق"، كتاب " المرأة بين أحكام الفقه والدعوة إلى التغيير". وكتاب "ظل الله".

على أن أشهر مؤلفاته هو  كتاب "الحكومة الملتحية دراسة نقدية مستقبلية". وفي مجال الأدب  كتب روايتين هما "ثورة زنو" و"في مرآتنا علم آخر".

وله 25 محاضرة مطبوعة هي دروس افتتحت بها الدروس الحسنية الرمضانية، وبعضها مترجم للفرنسية والإنجليزية، وقد جمعت في كتاب تحت عنوان "إمتاع النفوس بفواتح الدروس".

الأوسمة والجوائز
حصل الدكتور العلوي المدغري على عدد من الأوسمة؛ منها وسام العرش من درجة ضابط كيبر (المملكة المغربية)، ووسام نجمة القدس (دولة فلسطين)، ووسام العرش من درجة قائد (المملكة المغربية) وسام العلوم و الفنون (جمهورية مصر العربية)، وسام الحسين للعطاء المميز(المملكة الأردنية الهاشمية).

الوفاة
فارق المدغري الحياة في 19 أغسطس/آب 2017 بالرباط بعد معاناة طويلة مع المرض.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية