أليكسي نافالني.. المعارض الذي "يكرهه" بوتين

Russian opposition leader Alexei Navalny delivers a speech during a meeting to uphold his bid for presidential candidate, in Moscow

أليكسي نافالني سياسي روسي اشتهر بفضحه الفساد وبمعارضته حكم الرئيس فلاديمير بوتين، اتهم بالاختلاس وحكم عليه بالسجن خمس سنوات مع وقف التنفيذ، رُفض ترشحه لرئاسيات 2018، وقاد مظاهرات تطالب بمقاطعة الانتخابات. توفي في السجن يوم 16 فبراير/شباط 2024.

المولد والنشأة

ولد أليكسي نافالني في 4 يونيو/حزيران 1976، ونشأة ببلدة أوبنينسك التي تبعد نحو مئة كيلومتر جنوب موسكو.

الدراسة والتكوين

تخرج نافالني في جامعة الصداقة الشعبية بموسكو عام 1998 في شعبة القانون، وحصل عام 2001 على شهادة الاقتصاد من الجامعة المالية في العاصمة الروسية.

انضم أثناء دراسته إلى "يابلوكو"، وهو حزب سياسي يروج للديمقراطية الليبرالية واقتصاد السوق، وحصل على منصب قيادي محلي فيه، ولكنه طرد منه عام 2007 بتهم إلحاق الضرر بالحزب من خلال "أنشطة قومية"، بما في ذلك حضور مسيرة يمينية متطرفة. وبالمقابل أكد نافالني أنه طُرد بسبب اشتباكات شخصية مع زعيم الحزب غريغوري يافلينسكي.

حصل على منحة مواصلة الدراسة بجامعة ييل الأميركية عام 2010.

عمل نافالني بعد تخرجه في مجال المحاماة.

التجربة السياسية

اشتهر نافالني بمعارضته سياسات بوتين، وأنشأ مدونة وموقعا إلكترونيا لبيان مواقفه وكشف الغش والتلاعبات التي تجري داخل الدولة. وفي 2010 اتهم شركة "ترانسنفت" -التي تحتكر تشغيل خطوط الأنابيب في روسيا– باختلاس أموال قدرت بـ2.9 مليار يورو خلال تشييد منشأة في سيبيريا.

وبسبب نشاطاته ضد الفساد اختارته الجريدة اليومية الاقتصادية الروسية "فيدوموستي" رجل العام في 2009، كما وصفته مجلة التايم الأميركية بأنه "إرين بروكوفيتش" الروسي، في إشارة إلى المحامية الأميركية التي ناضلت ضد شركة باسيفيك للغاز والكهرباء في كاليفورنيا عام 1993، وهي التي اكتشفت سموما في مياه سكان منطقة

إعلان

هينكلي تهدد حياتهم، فانطلقت تحارب الشركة وربحت قضية ضدها، وقد أنتجت هوليود فيلما عن قصتها عام 2000 فاز بجوائز عدة.

اتهم نافالني بالتخطيط لسرقة 16 مليون روبل من شركة أخشاب مملوكة للدولة خلال عمله مستشارا لحاكم منطقة كيروف عام 2009.

وفي 2014 صدر بحقه حكم بالسجن خمس سنوات مع وقف التنفيذ، وغرامة قدرها 76 ألف دولار بتهمة الاختلاس تلك، وهي التهمة التي نفاها ووصفها أنصاره بالملفقة.

لم يخف نافالني معارضته الشديدة لحزب "روسيا الموحدة" الموالي للكرملين، ووصفه بأقذع النعوت، وكثف احتجاجاته وانتقاداته له خلال تشريعيات 2011، مما تسبب في اعتقاله في 5 ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه مدة 15 يوما.

وطالب السياسي المعارض الروس بالتوحد لإفشال ترشح بوتين للرئاسيات، وقاد احتجاجات شارك فيها عشرات الآلاف ضد حكم بوتين، كما أنشأ مؤسسة لمحاربة الغش في 2011.

شارك في الانتخابات عام 2011 وخسر أمام مرشح الحزب الأول، لكنه حصد 30% من الأصوات، مما وضعه على الخريطة السياسية باعتباره معارضا مهما للنظام.

وجهت له اتهامات عديدة بالعمالة للولايات المتحدة، خاصة أنه درس في جامعة ييل بمنحة أميركية، كما اتهم بتلقي تمويلات خارجية من دول أوروبية إلى جانب الولايات المتحدة.

استمرت معارضة نافالني طوال فترة ما بعد رئاسيات 2012 التي فاز بها بوتين، وفي 2016 أعلن عزمه الترشح لرئاسة روسيا، لكن اللجنة الانتخابية قررت في 23 يونيو/حزيران 2017 عدم أحقيته في الترشح بسبب إدانته بالاختلاس في وقت سابق، مما وصف بأنه محاولة لإقصائه عن خوض الانتخابات، وترك الساحة فارغة من منافسين حقيقيين لبوتين.

وسارعت الحملة الانتخابية لنافالني إلى معارضة القرار لكن من دون جدوى، إذ بادرت اللجنة المركزية للانتخابات إلى التصديق عليه يوم 25 ديسمبر/كانون الأول 2017. وعقب رفض ترشيحه شن نافالني حملة للمطالبة بمقاطعة الانتخابات الرئاسية المقررة في مارس/آذار 2018، ونجح في حشد الآلاف بمظاهرات غاضبة من الأوضاع السياسية في روسيا.

إعلان

ورفض الاعتراف بنتائج رئاسيات 2018، في حين رفض المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف التعليق على عدم إدراج نافالني في قائمة المرشحين، مشيرا إلى أن اللجنة تنطلق في قراراتها حصرا من التشريعات الانتخابية بالبلاد. وبعد توالي حشد نافالني المظاهرات الداعية لمقاطعات الرئاسيات صرحت السلطات الروسية بأنها ستدقق في قانونية تحركاته.

التسمم والاعتقال

في عام 2020، وأثناء حملة نافالني الانتخابية في سيبيريا قبل الانتخابات الإقليمية التي كان من المقرر إجراؤها في سبتمبر من ذلك العام، أصيب بمرض خطير أثناء رحلة من تومسك إلى موسكو يوم 20 أغسطس/آب 2020، وأكدت الاختبارات لاحقًا أنه تعرض لغاز نوفيتشوك، وهو غاز أعصاب معقد طوره السوفيات.

نقلته عائلته جوا إلى برلين خوفا على سلامته في مستشفى روسي، وفي الشهر التالي، كان أداء مرشحي المعارضة جيدا بشكل مدهش في الانتخابات المحلية التي أجريت في المنطقة التي كان نافالني يقوم فيها بحملته الانتخابية. نفى الكرملين تورطه في عملية التسميم، ومن جانبه، رفض بوتين ذكر اسم نافالني علنا.

أثناء تعافيه في عيادة ألمانية، عمل نافالني مع كريستو غروزيف ومجموعة الصحافة الاستقصائية للكشف عن تفاصيل تعرضه للغاز السام.

كشف غروزيف وفريقه العديد من عملاء جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (إف إس بي) الذين شاركوا في عملية التسمم، واتصل نافالني بأحد هؤلاء الرجال الذين تعرف عليهم غروزيف، وأجرى معه محادثة مطولة حول تفاصيل محاولة الاغتيال، متنكرا بشخصية مساعد لمسؤول أمني روسي كبير.

ادعى العميل أن "الأمر كان سيسير بشكل مختلف" لولا الهبوط الاضطراري للطائرة في أومسك والتدخل السريع للعاملين الطبيين في حالات الطوارئ. وكان نشر المكالمة بمثابة إحراج لبوتين، وقال جهاز الأمن الفدرالي الروسي إنها مزيفة.

اعتقل نافالني فور عودته إلى روسيا يوم 17 يناير 2021، وحكم عليه بالسجن 3 سنوات ونصف في مستعمرة جزائية، ومن هناك خاض إضرابا عن الطعام يوم 31 مارس/آذار استمر 3 أسابيع.

إعلان

نزل أتباعه إلى الشوارع في موجة من الاحتجاجات، ومن جهته حافظ على ظهوره على وسائل التواصل الاجتماعي من خلف القضبان، واتخذت السلطات الروسية خطوات إضافية لتقييد "نفوذه السياسي"، وذلك مع تحديد موعد الانتخابات التشريعية.

قضت محكمة موسكو في يونيو/حزيران 2021 بتصنيف أي جماعة مرتبطة بنافالني على أنها منظمة متطرفة وسيمنع أعضاؤها من السعي للحصول على مناصب.

الحرب الروسية الأوكرانية

أدين نافالني بتهم متعلقة بالاحتيال في مارس/آذار 2022، بعد شهر من اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، وحكم عليه بالسجن 9 سنوات في مستعمرة جزائية، ولم يسمح له بالتحدث في المحكمة.

الوفاة

في ديسمبر/كانون الأول 2023، فقد محاموه الاتصال به لمدة 3 أسابيع تقريبا قبل أن يعلموا أن السلطات الروسية نقلته إلى مستعمرة جزائية في الدائرة القطبية الشمالية. وبعد أقل من شهرين، توفي أثناء احتجازه هناك.

وأفادت سلطات السجون لمنطقة ياما في القطب الشمالي في بيان أن نافالني شعر في 16 فبراير/شباط 2024 "بوعكة بعد نزهة وغاب عن الوعي بشكل شبه فوري"، وأنه توفي على إثرها.

المصدر : مواقع إلكترونية

إعلان