الحرب الروسية الأوكرانية.. مواجهة خمد فتيلها عقدين وأشعلها مجددا التقارب الأوكراني الغربي
اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية يوم 24 فبراير/شباط 2022 إثر حشد عسكري روسي واسع في شمالي أوكرانيا وشرقها وجنوبها، بعد أن أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن إطلاق ما سماها "عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا".
تسببت هذه الحرب في أزمات عالمية اقتصادية وسياسية، وخسائر بشرية بلغت 240 ألفا ما بين مدني وعسكري من كلا الطرفين، بالإضافة إلى خسائر مادية بلغت 70% من مخزون روسيا من الصواريخ الصالحة للأهداف البرية، و60% من دباباتها القتالية، و20% من مدفعيتها.
في حين خسرت أوكرانيا أكثر من 400 دبابة وأكثر من 1500 مركبة قتالية، بحسب تقرير نشره مطلع العام 2023 موقع "أوريكس" المتخصص في شؤون الدفاع.
الأسباب والجذور التاريخية
تعود جذور الأزمة الروسية الأوكرانية إلى الفترة التي أعقبت سقوط الاتحاد السوفياتي ومحاولة كييف الاستقلال عن موسكو بقيادة زعيم الجمهورية السوفياتية الاشتراكية الأوكرانية ليونيد كرافتشوك، الذي انتُخب رئيسا للبلاد عقب انتخابات رئاسية صوّت فيها الأوكرانيون بالموافقة على الاستقلال يوم 24 أغسطس/آب 1991.
بيد أن كرافتشوك خسر الانتخابات الرئاسية بعد 3 سنوات أمام الزعيم الشيوعي السابق ليونيد كوتشما، الذي حكم البلاد حتى نهاية عام 2004.
جرت انتخابات الرئاسة مجددا في نوفمبر/تشرين الثاني 2004، وأُعلن فيها فوز المرشح المؤيد لروسيا فيكتور يانوكوفيتش برئاسة أوكرانيا، لكن مزاعم التلاعب في الأصوات أشعلت احتجاجات عرفت باسم "الثورة البرتقالية"، فأُعيد التصويت، وأجريت جولة الإعادة في فبراير/شباط 2005، وأُعلن فوز المرشح المقرب من الغرب فيكتور يوتشينكو، الذي وعد بإخراج كييف من فلك الكرملين نحو حلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO) والاتحاد الأوروبي.
في 16 يونيو/حزيران 2008 أعرب رؤساء دول وحكومات حلف الناتو عن ترحيبهم بتطلعات أوكرانيا الأوروبية الأطلسية للانضمام إلى الناتو، واتفقوا على أن تصبح أوكرانيا عضوا في الحلف. وفي ديسمبر/كانون الأول 2008 أجرت السلطات الأوكرانية استطلاعا للرأي صوّت فيه 44.7% من السكان الأوكرانيين بتأييدهم الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، في حين عارضه 35.2% ممن شملهم الاستطلاع.
وبقيت نتائج الاستطلاع على الرفوف بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم 25 فبراير/شباط 2010، وفاز بها فيكتور يانوكوفيتش المقرب من روسيا، وفي عهده أبرمت روسيا وأوكرانيا صفقة تسعير الغاز مقابل تمديد عقد إيجار البحرية الروسية في ميناء أوكراني على البحر الأسود.
وفي 13 نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته أعلن يانوكوفيتش وقف محادثات التجارة والتعاون مع الاتحاد الأوروبي، واختار إحياء العلاقات الاقتصادية مع موسكو، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات حركة "يورومايدن" الرافضة لهذا القرار، والتي انطلقت شرارتها في العاصمة الأوكرانية كييف.
تواصلت الاحتجاجات في جميع أنحاء أوكرانيا، وبالتوازي مع ذلك صوّت البرلمان الأوكراني على عزل الرئيس يانوكوفيتش، في وقت أصدرت فيه الحكومة المؤقتة مذكرة توقيف بحق الرئيس المخلوع، لكن يانوكوفيتش هرب إلى روسيا في فبراير/شباط 2014، واصفًا إقالته بـ"الانقلاب".
وجاء الردّ الروسي بالاستيلاء على شبه جزيرة القرم الأوكرانية في مارس/آذار 2014، والسيطرة كذلك على المباني الحكومية والبرلمان الإقليمي، الذي أجرى استفتاء على وضع شبه جزيرة القرم بعد أسبوعين فقط من بدء الاحتلال العسكري الروسي، وصوّت فيه أكثر من 95% لصالح الانضمام إلى الاتحاد الروسي، وتلا ذلك توقيع موسكو معاهدة مع زعماء القرم لضم شبه الجزيرة رسميًا.
في أبريل/نيسان 2014 سيطر انفصاليون موالون لروسيا على منطقة دونباس شرقي أوكرانيا. ووسط هذه الأجواء المتوترة بين الدولتين أجريت في مايو/أيار 2014 انتخابات رئاسية فاز فيها رجل الأعمال الأوكراني بترو بوروشينكو المقرب من الغرب، والذي قال إنه سيسعى إلى توثيق العلاقات مع الاتحاد الأوروبي واستعادة السلام في المناطق الشرقية المضطربة من أوكرانيا.
في 17 يوليو/تموز 2014 أسقطت طائرة ركاب في الرحلة رقم "إم إتش 17" (MH17)، وهي في طريقها من أمستردام إلى كوالالمبور، مما أدى إلى مقتل الركاب جميعهم، وعددهم 298 شخصًا.
وقال المحققون إن السلاح المستخدم في إسقاطها سلاح روسي، وهو ما نفته موسكو وقالت إنه لا علاقة لها بالحادث، على الرغم من إجماع المحققين على أن الصاروخ أُطلق من منطقة خاضعة للمتمردين الموالين لموسكو في شرقي أوكرانيا.
مع تصاعد التوتر بين الجارتين، بدأ الغرب بالتحرك لمساندة أوكرانيا، فأعلن رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر في أكتوبر/تشرين الأول 2014 عن عقوبات ضد الشركات الروسية والأوكرانية والأفراد المتورطين في ضم شبه جزيرة القرم والحركة الانفصالية المسلحة في دونباس، ثم وُقِّعت اتفاقية التجارة الحرة بين كندا وأوكرانيا في يوليو/تموز 2016 ودخلت حيز التنفيذ في أغسطس/آب 2017.
وُقعت اتفاقية شراكة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي في سبتمبر/أيلول 2017، وفتحت أسواق للتجارة الحرة وتبادل السلع والخدمات والسفر، مع إعفاء الأوكرانيين من تأشيرة الدخول إلى دول الاتحاد.
وطال التباعد الأوكراني الروسي الشأن الديني أيضا، ففي يناير/كانون الثاني 2019 أقامت الكنيسة الأوكرانية الجديدة المستقلة عن الوصاية الدينية الروسية، التي وقع الاعتراف بإنشائها رسميا، احتفالها الديني الأول في كييف بحضور الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو، مما أثار حفيظة موسكو.
وفي يوليو/تموز 2019 فاز الممثل الأوكراني فولوديمير زيلينسكي برئاسة البلاد بتصويت ساحق لصالحه، وبعد 6 أشهر من توليه منصبه ناشد الرئيس الأميركي جو بايدن الدعم لانضمام كييف إلى حلف شمال الأطلسي.
مناشدة زيلينسكي أعقبتها تحركات ضد المعارضة المدعومة من روسيا في فبراير/شباط 2021، إذ فرضت حكومته عقوبات على فيكتور ميدفيدشوك، زعيم المعارضة وأبرز حلفاء الكرملين في أوكرانيا. فتحركت موسكو ميدانيا في مارس/آذار 2021، وحشدت بالقرب من حدود أوكرانيا ثم سحبت حشودها وقالت إن ما قامت به كان مجرد تدريب.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021 استخدمت كييف طائرةً تركية من دون طيار من طراز "بيرقدار بي 2" لأول مرة في شرق أوكرانيا، الأمر الذي أثار غضب روسيا.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 أظهرت صور التقطتها الأقمار الصناعية حشدا للقوات الروسية على الحدود مع أوكرانيا، مما أثار المخاوف من غزو محتمل، وأعلن زيلينسكي أن روسيا حشدت 100 ألف جندي في المنطقة الحدودية مع بلاده وحركت أعدادا هامة من الدبابات والمعدات الثقيلة.
هذه التحركات الجدية من الجانب الروسي على الحدود الأوكرانية عجّلت بلقاء الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين عبر مكالمة فيديو جمعتهما في ديسمبر/كانون الأول 2021، ودعا من خلالها بوتين حلف الناتو إلى إنهاء التوسع باتجاه الشرق، في حين هدد بايدن بفرض عقوبات اقتصادية قاسية إذا غزت روسيا أوكرانيا.
وفي مكالمة مع زيلينسكي في يناير/كانون الثاني 2022، وعد بايدن بأن الولايات المتحدة وحلفاءها سيعملون بشكل حاسم إذا غامرت روسيا بغزو أوكرانيا. وفي المقابل حركت موسكو يوم 17 يناير/كانون الثاني 2022 قواتها نحو شمال أوكرانيا تحت ذريعة القيام بمناورات مشتركة مع بيلاروسيا.
فبراير الساخن
في فبراير/شباط 2022 أعلنت الولايات المتحدة نشر ألفي جندي في بولندا وألمانيا وألف جندي إضافي في رومانيا، كما وضع حلف شمال الأطلسي قواته في حالة تأهب، وعزز وجوده العسكري في أوروبا الشرقية عن طريق الدفع بمزيد من السفن والطائرات المقاتلة، في وقت دعت فيه عدة دول مواطنيها إلى مغادرة الأراضي الأوكرانية، كما أن عددا من هذه الدول سحبت فرقها الدبلوماسية من كييف بعد ورود تقارير تفيد باقتراب الغزو الروسي.
في العاشر من فبراير/شباط 2022 رفضت موسكو التصريحات الأميركية التي تتحدّث عن غزو روسي لأوكرانيا متهمة الغرب بالتضليل، ولكن الولايات المتحدة الأميركية قررت في اليوم التالي إرسال 3 آلاف جندي إضافي إلى بولندا للانضمام إلى 1700 جندي هناك، في حين صادق مجلس بلدية كييف على خطّة لإجلاء السكان إذا وقع هجوم.
وواصل بايدن تحذيراته لبوتين من الخسائر الباهظة والفورية التي ستتكبدها روسيا في حالة إقدامها على غزو أوكرانيا.
لكن بوتين اتخذ قراره التصعيدي تجاه التحركات والتصريحات الأميركية والغربية يوم 21 فبراير/شباط 2022 بالاعتراف بـ"جمهوريتي" دونيتسك ولوغانسك، مما دفع بايدن وبعض الدول الغربية إلى تسليط جملة من العقوبات على روسيا.
الحرب الروسية على أوكرانيا
في 24 فبراير/شباط 2022 أعطى بوتين إشارة بدء عملية عسكرية في أوكرانيا، ودعا الجنود الأوكرانيين إلى إلقاء أسلحتهم على الفور والذهاب إلى ديارهم.
منذ بداية الاجتياح سيطرت القوات الروسية على مناطق شاسعة من مقاطعة خيرسون الجنوبية ثم بدأت يوم 26 فبراير/شباط 2022 توسيع نطاق هجماتها لتشمل المناطق كافة.
في بداية مارس/آذار 2022، وعلى الرغم من الضغوط الأميركية الغربية، واصلت موسكو توغلها داخل الأراضي الأوكرانية، إذ اقتربت من السيطرة على خاركيف، إحدى كبرى المدن شمالي شرقي أوكرانيا.
كما شهد شهر أبريل/نسيان 2022 تصاعدا في المواجهات العسكرية بين الروس والأوكرانيين، الذين أعلنوا استعادة سيطرتهم على مدينة كييف بعد أن انسحبت القوات الروسية منها أواخر مارس/آذار 2022.
ثم أعلنت القيادة الأوكرانية إغراق السفينة الحربية الروسية "موسكوفا" بعد أن وجّهت لها ضربة صاروخية أثناء تمركزها في البحر الأسود في الثامن من أبريل/نيسان 2022، بعد ذلك أعلن بوتين السيطرة النسبية على مدينة ماريوبول جنوبي شرقي أوكرانيا في 21 من الشهر نفسه.
ومن ثم تسارعت التطورات الميدانية، مما جعل كييف تعترف بتقدّم القوات الروسية شرقا وسيطرتها على مدن عديدة من إقليم دونباس يوم 27 أبريل/نيسان 2022.
وفي مايو/أيار 2022 أعلنت موسكو سيطرتها الكاملة على مدينة ماريوبول التي تتمتع بأهمية اقتصادية وعسكرية، وفي الشهر ذاته تمكنت القوات الموالية لموسكو من السيطرة على مدينة ليمان، التي تعد مركزا لنشاط السكك الحديدية في منطقة دونيتسك.
مطلع يونيو/حزيران 2022 أعلن الرئيس الأوكراني زيلينسكي أن القوات الروسية سيطرت على 20% من الأراضي الأوكرانية.
كثفت القوات الروسية القصف المدفعي على منطقة دونباس ثم على سيفرودونيتسك الإستراتيجية، التي سقطت في أيدي الروس يوم 21 يونيو/حزيران 2022، تلاها إحكام قبضتهم على منطقة لوغانسك في الشهر التالي.
أمام هذا التقدم الروسي المتسارع، أعلن وزير الدفاع الأوكراني يوم 11 يوليو/تموز 2022 عن سعي بلاده لتشكيل جيش مليوني لاسترداد جنوبي البلاد من القوات الروسية، وفي 24 من الشهر نفسه أعلن زيلينسكي توجه قواته نحو خيرسون الواقعة تحت السيطرة الروسية.
وقد أطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش واحدا من أشهر تحذيراته خلال العام، عندما قال إن "العالم على بعد خطوة واحدة غير محسوبة من الإبادة النووية"، مع احتدام المعارك في أوكرانيا. جاء ذلك في وقت تبادلت فيه موسكو وكييف الاتهامات بخصوص قصف استهدف محطة زاباروجيا النووية جنوبي أوكرانيا في الخامس من أغسطس/آب 2022، وسط تحذيرات من "كارثة نووية محتملة".
وقد هزت سلسلة من الانفجارات قاعدة ساكي الواقعة في غرب شبه جزيرة القرم يوم 11 أغسطس/آب 2022، تلاها هجوم بطائرة مسيرة استهدف أسطول البحر الأسود الروسي في شبه الجزيرة يوم 20 أغسطس/آب 2022. واستطاعت أوكرانيا بعد ذلك إحراز تقدم في بعض المناطق التي تسيطر عليها روسيا، مما دفع موسكو لتقوية موقفها ميدانيا من خلال أوامر أصدرها الرئيس الروسي بزيادة أعداد القوات الروسية بنسبة 10%.
أبرز تطورات الأحداث الميدانية شهدها شهر سبتمبر/أيلول 2022، إذ تمكنت القوات الأوكرانية من تحقيق تقدم على أكثر من جبهة، ففي 11 سبتمبر/أيلول 2022 أعلنت كييف عن مكاسب عسكرية كبيرة بعد هجوم سريع على القوات الروسية شرقي البلاد، أدى إلى انسحاب روسي من بلدات رئيسية.
كما أعلن الجيش الأوكراني أنه اكتشف "مئات الجثث في مقبرة جماعية" في مدينة إيزيوم التي سيطرت عليها من قبل القوات الروسية. ومع التقدم الأوكراني أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم 21 سبتمبر/أيلول 2022 التعبئة العسكرية الجزئية وسط استنكار غربي للقرار.
تقدّمت القوات الأوكرانية جنوبا في أكتوبر/تشرين الأول 2022 إثر انسحاب القوات الروسية من مدينة ليمان، فبدأت موسكو يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول 2022 بإجلاء المدنيين من خيرسون، وهي العملية التي أتمتها روسيا يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول 2022 استعدادا لمعركة خيرسون.
ثم أعلنت روسيا في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني 2022 استدعاء جنود الاحتياط والمدانين بجرائم خطيرة الذين غادروا السجون بهدف التعبئة وزيادة القدرات العسكرية.
وفي السابع من ديسمبر/كانون الأول 2022 قال بوتين إن خطر الحرب النووية يتصاعد، لكنه أشار إلى أن بلاده لن تكون المبادرة في استخدام أسلحتها النووية. واتهم الجيش الأوكراني في مطلع الشهر نفسه روسيا باستخدام صواريخ ذات قدرة نووية برؤوس حربية غير متفجرة من أجل استنزاف قدرات الدفاعات الجوية الأوكرانية.
وعلى الرغم من التفاؤل الذي دب في صفوف القوات الأوكرانية، فإن الحكومة في كييف حذرت يوم 16 ديسمبر/كانون الأول 2022 من هجوم بري واسع النطاق محتمل من قبل القوات الروسية مطلع العام 2023.
مع حلول العام 2023 وعد الرئيس الأوكراني شعبه بتحقيق النصر، في وقت أصبح فيه الكرملين يتحدث عن "الحرب" بدل "العملية العسكرية الخاصة" في أوكرانيا، حيث واصلت رحاها الدوران وسط تكثيف للهجمات الروسية، بينما أعلنت هيئة الأركان الأوكرانية التصدي لعشرات الطائرات المسيرة التي أطلقها الجيش الروسي.
بعد نحو 11 شهرا من المعارك بين روسيا وأوكرانيا، تراجع عدد الدبابات التي يستخدمها الجيش الأوكراني في معاركه بسبب خسارة عدد منها، وخروج قسم منها من الخدمة بسبب انعدام قطع الغيار الضرورية، كون كل أسلحة أوكرانيا هي من مخلفات المرحلة السوفياتية، وروسيا هي المصدر الوحيد لقطع الغيار.
في فبراير/شباط 2023 بدأت روسيا، وفقا لحلف الناتو، هجومها الكبير. فقد استولت مجموعة فاغنر الروسية الخاصة على ضواحي مدينة باخموت، وبدأ الناتو يتعرض أيضا لضغوط متزايدة في ظل تباطؤ تسليم الأسلحة لأوكرانيا، التي بدأت مخزوناتها من الذخيرة في النفاد.
معركة القرارات
تزامنت الحرب الأوكرانية الروسية مع سلسلة من القرارات على الصعيد السياسي:
- يوم 26 فبراير/شباط 2022 أعلن الاتحاد الأوروبي عن فرض حزمة عقوبات متصاعدة الحدّة تجاه موسكو، إضافة إلى تمويل شراء أسلحة للجيش الأوكراني.
- يوم 28 فبراير/شباط 2022 أُعلِنت أوّل جولة من المفاوضات الروسية الأوكرانية، لكنها لم تفرز حقائق تترجم على ميدان المعركة نظرا للاختلافات الجوهرية في شروط وأولويات الطرفين.
- في الثامن من مارس/آذار 2022 بدأ التطبيق الأميركي لجدول العقوبات على موسكو، فأعلنت فرض حظر على الغاز والنفط الروسي.
- في العاشر من مارس/آذار 2022 رفضت الدول الأعضاء طلب أوكرانيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لكنها أقرت مواصلة تقديم الدعم لكييف، كما أقرّ أيضا حلف شمال الأطلسي في الـ24 من الشهر نفسه تسليح القوات الأوكرانية لتطوير قدراتها على التصدي للهجمات الكيميائية والنووية.
- شهد شهر مايو/أيار 2022 مواصلة لجهود الدعم الغربي لأوكرانيا، إذ تعهدت مجموعة السبع بتقديم 19.8 مليار دولار.
- وافق الكونغرس الأميركي يوم 19 مايو/أيار 2022 على تقديم 40 مليار دولار لدعم جهود الحرب في أوكرانيا.
- يوم 30 مايو/أيار 2022 أعلن الاتحاد الأوروبي خفض وارداته من النفط الروسي بنسبة 90% بحلول نهاية العام.
- في أغسطس/آب 2022 أقرت الولايات المتحدة حزمة مساعدات جديدة لكييف بقيمة 775 مليون دولار، وتعهد بايدن بمساعدات عسكرية لكييف بنحو 3 مليارات دولار.
- نهاية أغسطس/آب 2022 أعلن بوتين عن توقف إمدادات الغاز إلى أوروبا عبر خط أنابيب "غازبروم 1" بعلة الصيانة، مما أدى لتسجيل ارتفاع قياسي في أسعار الغاز في أوروبا.
- يوم 29 سبتمبر/أيلول 2022 نجحت روسيا في استفتاء شعبي في ضم 4 مناطق أوكرانية إليها.
- أواخر يناير/كانون الأول 2023 دخلت الحرب منعطفا جديدا بإعلان دول غربية إرسال دبابات إلى أوكرانيا، وفي مقدمة هذه الدول الولايات المتحدة التي أعلنت نيتها إرسال العشرات من دبابات "أبرامز" الشهيرة، إضافة لموافقة ألمانيا على إرسال دبابات "ليوبارد"، وصولا لبريطانيا التي كانت السباقة في إعلان إرسال دباباتها الحديثة من طراز "تشالنجر". وقد نددت الخارجية الروسية بقرار برلين والولايات المتحدة تسليم دبابات إلى كييف، معتبرة "أنه قرار خطير للغاية من شأنه أن يرفع النزاع إلى مستوى جديد من المواجهة"، متهمة الغربيين باتباع منطق "التصعيد الدائم".
- بعد قرار الغرب تزويد أوكرانيا بدبابات قتالية ثقيلة، بدأت كييف تطالب بأسلحة هجومية مثل طائرات مقاتلة وغواصات.
الخسائر
دخلت روسيا الحرب بنحو 3 آلاف دبابة حديثة الطراز، وخسرت المئات منها في بداية الحرب بفضل الأسلحة المضادة للدبابات التي قدمتها الدول الغربية لأوكرانيا، فتكبدت القوات الروسية خسائر مادية فادحة تبلغ 70% من مخزونها من الصواريخ الصالحة للأهداف البرية، و60% من دباباتها القتالية، و20% من مدفعيتها.
في المقابل خسرت أوكرانيا أكثر من 400 دبابة وأكثر من 1500 مركبة قتالية، بحسب تقرير نشره مطلع العام 2023 موقع "أوريكس" المتخصص في شؤون الدفاع.
أما الخسائر البشرية، فقد كشفت آخر حصيلة لهيئة الأركان الأميركية المشتركة أن عدد ضحايا حرب روسيا وأوكرانيا منذ اندلاع الحرب في فبراير/شباط 2022 وإلى ديسمبر/كانون الأول 2022 تجاوز 240 ألف، وزعت على النحو التالي:
- 100 ألف جندي روسي بين قتيل وجريح.
- 100 ألف قتيل من القوات العسكرية الأوكرانية.
- 40 ألف قتيل بين المدنيين الأوكرانيين.
بالإضافة إلى نزوح ملايين الأوكرانيين إلى الدول المجاورة.
الأرقام الرسمية الروسية والأوكرانية تتباين مع ما أعلنه الجيش الأميركي، إذ أعلنت القوات الروسية من جانبها عن مقتل 5937 من جنودها منذ بدء حربها على أوكرانيا، في حين قال الأوكرانيون إن خسائرهم وصلت إلى 9 آلاف جندي سقطوا قتلى في الحرب، ولم يتم الإفصاح عن عدد المصابين.