المحيط الأطلسي.. ثاني محيطات العالم
يمتد المحيط الأطلسي من تخوم القطب الجنوبي جنوبا إلى الشمالي شمالا على مسافة تناهز 14 ألف كيلومتر، أما عرضه فيبلغ في المتوسط خمسة آلاف كيلومتر، ويضيق عنها إلى ثلاثة آلاف كيلومتر عند خط الاستواء (المسافة الفاصلة بين سيراليون والبرازيل). ويُقدر متوسط عمقه بأربعة آلاف متر، أما حجم المياه الإجمالي فيه فيبلغ 323 مليون متر مكعب.
البنية الجيولوجية
تُقدر الدراسات الجيولوجية أن المحيط الأطلسي نشأ قبل مئتي مليون سنة من عصرنا الحالي نتيجة نشاطات تكتونية أبعدت قارة (أوروآسيا) عن أميركا الشمالية، وفصلت أميركا الجنوبية عن أفريقيا. وأدت هذه النشاطات إلى اتساع محيطٍ قديم كان يجري بين هذه الوحدات الجغرافية الأربع، ليتحول إلى المحيط الأطلسي.
يتميز الأطلسي بوجود سلسلة جبلية هائلة في وسطه تنتصب على أعلى هذه السلسلة جزر منها الرأس الأخضر وبرمودا، فضلا عن جزر أخرى تُدعى "سلسلة ريو الكبيرة" في الجزء الجنوبي.
الحياة البحرية
يتميز المحيط الأطلسي بتنوع بيئته البحرية، ومرد ذلك إلى تنوع النطاقات المناخية التي يمتد عليها (من القطب إلى القطب)، وتأثير المسطحات المائية المجاورة له والتي تزوده باستمرار بكميات هائلة من الرسوبيات المفيدة للحياة البحرية، كما تؤدي المسطحات المجاورة دورا مهما في خفض ملوحة المحيط الذي تصنف مياهه ضمن أقل مياه المحيطات ملوحة في العالم.
وتسهم التيارات البحرية في تلطيف حرارة المحيط خاصة على مستوى خليج غينيا والمناطق القريبة منه نسبيا. ويُسهم تيار غينيا، بتأثيره الواسع نسبيا، في ازدهار البيئة البحرية بما يوفره من شروط النمو والخصب للغطاء النباتي البحري، وهو ما يعين على فهم غنى شواطئ أفريقيا الشمالية الغربية بالأسماك، ولا سيما أن هذه المنطقة تخضع لتيار آخر بارد مصدره جزر كناريا الإسبانية.
التاريخ
ذكر المحيط الأطلسي في الحضارات القديمة، ولكن من منطلقات خرافية عجائبية. وخلال القرون الوسطى ازدهرت الاكتشافات الجغرافية عبر الأطلسي ومعها ازدهرت التجارة من أوروبا إلى آسيا عبر رأس الرجاء الصالح، وزادت أهمية الأطلسي مع اكتشاف القارة الأميركية عام 1492.
وقد عرف المسلمون الأطلسي خلال فتوحات المغرب الأقصى والأندلس، وكانوا يُسمونه بحر الظلمات، وكان يعني بالنسبة لهم حدود العالم.
وفي الفترة الحديثة، اكتسب الأطلسي أهمية كبيرة لتوسطه أربعة من أهم قارات العالم، ولانفتاحه على البحر المتوسط. وخلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، دارت معارك عنيفة للسيطرة على طرق التجارة عبر الأطلسي، وقد أغرقت غواصات ألمانيا النازية عددا من السفن الأميركية والبريطانية والكندية خلال حصار بريطانيا عام 1941.
وبعد نهاية الحرب، نشأ حلف عسكري غربي سُمي حلف شمال الأطلسي، مما أكسب المحيط صفة إستراتيجية جديدة كفضاء حيوي للحضارة الغربية في أوروبا وأميركا الشمالية.
حوادث واكتشافات
في واحدة من أغرب الحوادث النادرة التي شهدها الأطلسي غرب إسكتلندا، وبينما كان علماء المركز الوطني لعلم المحيطات يجرون تجاربهم حول ظاهرة الاحتباس الحراري، واجه الفريق في 8 فبراير/شباط 2000، أمواجا عاتية هي الأعلى منذ بدء التسجيل العلمي، واقترب ارتفاعها بين القمة والقاع من ثلاثين مترا.
وفي عام 2006، عثر فريق من العلماء على ما بين عشرة وعشرين نوعا جديدا من الكائنات الدقيقة في أعماق المحيط الأطلسي، في مسح لاختبار ما إن كان ارتفاع درجة حرارة الأرض ربما يضر بالحياة في المحيطات.