النيباد.. الشراكة الجديدة لتنمية القارة السمراء

شعار للنيباد - النيباد الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا - الموسوعة

النيباد هي مختصر ترجمة تعني "الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا"، تتضمن رؤية الاتحاد الأفريقي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للقارة الأفريقية.

صاغها وتبناها رؤساء خمس دول أفريقية، هي مصر والجزائر ونيجيريا وجنوب أفريقيا والسنغال‏, ‏وأقرتها قمة منظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الأفريقي فيما بعد) التي عقدت في لوساكا عاصمة زامبيا في يوليو/تموز 2001.

لمحة تاريخية
حين نشأت منظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الأفريقي حاليا)، بموجب إعلان أديس أبابا في 25 مايو/أيار 1963، كان الهدف الرئيس لها استكمال التحرر من السيطرة الاستعمارية، فقد كانت العديد من دول القارة خاضعا للاستعمار خاصة مناطق النفوذ الإسباني والبرتغالي، كما كان السود في جنوب أفريقيا يعانون من التمييز العنصري الذي أقامه نظام البيض.

وهيمن الهاجس التحرري على عمل المنظمة في العقدين الأولين من حياتها، بيد أن رسوخ الدول الوطنية الناشئة في الزمن بدأ يكشف حدود أهداف المنظمة, برزت أزمات سياسية وعسكرية وأمنية أكثر تهديدا لوجود بعض الدول من الاستعمارِ، مثل الحروب الأهلية في الكونغو، وأنغولا، وتشاد كما أملى العجز الاقتصادي لمعظم دول القارة وتفاقم المديونيات الحكومية على المنظمة إعادة ترتيب أولوياتها بما يمكن من مسايرة الواقع الجديد.

وصار موضوع تغيير التوجه العام لمنظمة الوحدة الأفريقية من التحرر السياسي إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية على مستوى القارة الشغل الشاغل للقمم الأفريقية منذ نهاية سبعينيات  القرن العشرين.

وفي العام 1980، وضع برنامج تنموي عُرف بـ"مخطط لاغوس للعمل"، تبعه في العام 1986 "البرنامج الاستعجالي للإصلاح الاقتصادي في أفريقيا"، ثم "الإطار الأفريقي المرجعي لبرامج التقويم الهيكلي" عام 1989، ثم "ميثاق آروشا للمشاركة الشعبية والتنمية" في 1990، لكن كل هذه المخططات فشلت, وبدأ جهد الوحدة الأفريقية ينصب على بلورة استراتيجية جديدة واعية بعدم قدرةِ أفريقيا ذاتيا على التنمية بشكل ناجع وسريع نسبيا، وتقترح شراكة متعددة للحصول على الدعم الدولي. 

ميلاد النيباد
جاءت "الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا" (النيباد) ثمرة مشاوراتٍ وتعديلاتٍ متعددة لمقارباتٍ تنموية قدَّمها جيلٌ جديد من القادة الأفارقة رأى أنَّ الصبغة السياسية التحررية لمنظمة الوحدة الأفريقية لم تعد كافية في ظل إلحاحِ سؤال التنمية وتأخر القارة الكبير وهامشية دورها على المستوى الدولي.

وأبرز هذه المقاربات شراكة الألفية من أجل إصلاح أفريقيا وعرابها الرئيسي الأسبق لجنوب أفريقيا، تابو مبكي، الذي كشف عنها النقاب خلال أشغال منتدى دافوس الاقتصادي العالمي 2001.

وقبل مخطط أمبيكي، كان الرئيس السنغالي عبد الله واد واد قد قدَّم أمام القمة الفرانكفونية بالكاميرون في يناير/كانون الثاني 2001، "مخطط أوميغا" الذي ضمَّنه رؤيتَه لـ"النهضة الأفريقية" وأُدمجت المقاربتان في مخطط جديد أُطلق عليه (المبادرة الجديدة من أجل أفريقيا) التي أثمرت في النهاية الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا نيباد التي كانت جنوب أفريقيا والسنغال والجزائر ونيجيريا ومصر أهم المدافعين عنها، ويرجع لهم الفضل في تبنيها من قبل القمة الأفريقية في العام 2001.

الأهداف
 تهدف المبادرة إلى التعامل مع مشكلات القارة المختلفة وإيجاد الحلول الملائمة لها للقضاء على الفقر‏,‏ وتحقيق حياة أفضل للمواطن الأفريقي من خلال تأكيد الملكية الأفريقية للنيباد‏,‏ ومسؤولية الحكومات والشعوب الأفريقية -في المقام الأول- عن تحقيق أهدافها‏ من خلال مشاركة جادة وفاعلة بين الدول الأفريقية بعضها وبعض‏,‏ والسعي لإقامة مشاركة بناءة مع الدول المتقدمة والمنظمات والمؤسسات الدولية والإقليمية المعنية‏,‏ تقوم على أساس من المسؤولية المشتركة والمحاسبة المتبادلة‏.

البرامج
تطرح "نيباد" برامج عمل محددة لمجموعة من الأولويات القطاعية‏ التي تشكل في مجموعها مجالات عمل النيباد لتحقيق الأهداف المرجوة منها‏،‏ وتتمثل في‏ دعم الأمن والسلام في القارة‏،‏ وتحقيق الحكم السياسي والاقتصادي الرشيد‏،‏ وتعميق مفاهيم الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان‏، وزيادة الإنتاجية الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي‏, وتعظيم حجم التجارة الأفريقية البينية‏‏ ونفاد الصادرات الأفريقية للأسواق العالمية‏, وتحسين البيئة‏,‏ وتطوير التعليم والبحث العلمي‏.

كما تشمل برامج العمل تعظيم الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات‏, والصحة ومكافحة الأمراض المتوطنة، خاصة الإيدز والملاريا‏‏ والتنمية البشرية وبناء القدرات الأفريقية‏‏ مع العمل في هذا السياق على توفير الموارد اللازمة لتطوير المشروعات والبرامج التنفيذية اللازمة لتحقيق هذه الأهداف‏.‏

الهيكلة
استحدثت النبياد عددا من الأجهزة الرئيسية واللجان المرتبطة بها لتحقيق أهدافها هي:
– لجنة التنفيذ الرئاسية‏:‏ تضم رؤساء الدول الخمس أصحاب المبادرة‏,‏ إلي جانب رؤساء ‏15‏ دولة أخرى تمثل في مجموعها مناطق القارة الجغرافية الخمس‏,‏ بواقع أربع دول عن كل منطقة‏,‏ وتختص اللجنة بالترويج للمبادرة‏,‏ وكسب التأييد الدولي لها‏,‏ وتحديد السياسات والأولويات الخاصة ببرنامج عملها ومتابعة تنفيذها‏,‏ وتقدم تقارير دورية عن أعمالها لقمة الاتحاد الأفريقي‏.‏

– لجنة التسيير‏:‏ وتتشكل من ممثلي رؤساء الدول أعضاء لجنة التنفيذ‏,‏ وتتولى إعداد الخطط التفصيلية لبرنامج العمل والتحرك لتنفيذ المبادرة‏,‏ فضلا عن دورها في إدارة الحوار مع شركاء التنمية -على مستوى الممثلين الشخصيين- لكسب التأييد والدعم من جانب مجموعة الثماني والدول المتقدمة للجهود الأفريقية لتحقيق التنمية في القارة‏.‏

– المحفل الرئاسي للآلية الأفريقية لمراجعة النظراء‏:‏ يتكون من رؤساء الدول والحكومات الأعضاء بالآلية.‏

– السكرتارية‏:‏ مقرها بريتوريا‏,‏ وتعمل جهازا فنيا لمساعدة لجنتي التنفيذ والتسيير في أداء مهامهما‏.‏

المشاركة الدولية
– الحوار مع مجموعة الدول الصناعية الثماني‏..‏ يتم الحوار على مستويين‏:‏
– لقاءات قمة سنوية بين رؤساء الدول الخمس أصحاب المبادرة‏,‏ وزعماء دول المجموعة التي بدأت منذ قمة جنوة في يوليو‏/تموز 2001,‏ بهدف تدارس سبل مساندة الجهود الأفريقية في وضع المبادرة موضع التنفيذ‏,‏ وتعد قمة كاناتاسكيس ‏2002‏ أبرز تلك اللقاءات‏ حيث صدر عنها ما يسمى خطة عمل أفريقيا كبرنامج عمل مشترك لدعم تنفيذ النيباد‏.‏

– اجتماعات دورية تجمع بين ممثلي رؤساء الدول الخمس أعضاء لجنة تسيير النيباد‏,‏ والممثلين الشخصيين لزعماء دول المجموعة‏,‏ لبحث سبل التعاون لدعم تنفيذ برامج عمل المبادرة ومتابعة التوصيات والقرارات الصادرة عن القمة‏.‏

حضور
بعد مرور نحو عام على إطلاقها نظمت الجمعية العامة للأمم المتحدة حوارا رفيع المستوى حول النيباد يوم ‏16‏ سبتمبر/أيلول ‏2002,‏ ثم اعتمدت النيباد في نوفمبر/تشرين الثاني ‏2002‏ كإطار لتنمية أفريقيا‏,‏ ودعت أجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة وغيرها من شركاء التنمية إلى مواءمة برامجها الموجهة لدعم جهود التنمية في أفريقيا مع برامج عمل النيباد‏,‏ ومتابعة لهذا القرار يقوم الأمين العام للأمم المتحدة بإعداد تقرير دوري حول التقدم المحرز في تنفيذ المبادرة‏,‏ مستندا في ذلك إلى ما يتلقاه من ردود من مختلف الأطراف‏.

وبعد عقدٍ من الزمن على إقرارها، حظيت بإجماع شركاء أفريقيا بوصفها الآلية الأنجع لتدبيرِ وتوجيه المساعدة الدولية من أجل التنمية لأفريقيا التي ظلَّت في السباق رهينةَ سياسات حكومية غير منسقة ولا تخضع للرقابة في كثير من الأحيان، كما  وفَّرت آلية قارية تُمكن من مواءمة المشاريع التنموية (البنية التحتية، الطاقة، الفلاحة….) مع الاحتياجات الخاصة لكل بلد مع مراعاةِ البعد التكاملي.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية