صحيفة: فقدان السعودية تأثيرها بأوبك يفاقم أزمتها

Russian Energy Minister Alexander Novak, Saudi Arabia's Oil Minister Khalid al-Falih and OPEC Secretary General Mohammad Barkindo address a news conference after an OPEC meeting in Vienna, Austria, November 30, 2017. REUTERS/Heinz-Peter Bader
"دي فيلت" الألمانية توقعت أن تفقد السعودية تأثيرها النفطي لصالح روسيا (رويترز-أرشيف)

توقعت صحيفة "دي فيلت" الألمانية أن تفقد السعودية بالمنظور القريب تأثيرها الكبير داخل منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) لصالح روسيا، مما يسبب بتفاقم الأزمة المالية للمملكة بوقت شديد الحرج تواجه فيه تناقصا غير مسبوق في احتياطياتها من العملات الصعبة، وتراجع تصنيفها الائتماني.

وحالت موافقة أوبك -بالتعاون مع روسيا، قبل أيام على مقترح السعودية إبقاء الخفض الحالي بالإنتاج
حتى نهاية 2018- دون حدوث تراجع جديد بأسعار الخام الأسود بالأسواق العالمية، لكن "دي فيلت" رأت بهذه الموافقة "نجاحا صغيرا يدرك السعوديون جيدا أنه ربما كان آخر مرة يستمع لهم فيها أعضاء المنظمة، قبل تحولهم مستقبلا لقبول رغبات دولة أخرى لم تعد صابرة على ممارسة تأثيرها بتحديد أسعار النفط".

ووفق الصحيفة الألمانية بات واضحا صعوبة تكرار هذا الاتفاق داخل منظمة المنتجين العالميين للنفط، بسبب رغبة الكثير من أعضائها في رفع إنتاجهم لزيادة مواردهم المالية، في نفس الوقت الذي تريد فيه الرياض أسعارا مرتفعة للخام لا يمكن تحقيقها إلا عبر خفض الإنتاج.

عام حرج
ويواجه شيوخ الرياض -تقول الصحيفة- مشكلة ضخمة داخل أوبك هي تنامي وزن وتأثير روسيا، وتنسيقها مع المنظمة منذ فترة بتحديد اتجاه الأسعار المطلوبة للنفط.

وأضافت "دي فيلت" أن الكرملين -الذي قدم باجتماع فيينا الأخير تنازلا رئيسيا بموافقته على استمرار الخفض الحالي بالإنتاج متراجعا بذلك عن مطالبه السابقة بزيادة الإنتاج- أعلن بوضوح أنه سيضع رغباته بصدارة أجندة اجتماع أوبك المقبل في يونيو/حزيران القادم.

واعتبرت أن هذا التطور الروسي يعني أن السعوديين سيكونون مرغمين على القبول برغبات موسكو المتعلقة بالإنتاج.

وأشارت الصحيفة إلى أن الأسواق العالمية التي تعرف هذا الواقع شهدت تراجعا بطيئا لسعر النفط، لإدراكها أن اجتماع أوبك القادم لن يشهد تقليصا جديدا بإنتاج الخام.

وقالت إن تراجع سعر النفط وفقدان السيطرة داخل منظمة الدول المصدرة للخام هو آخر ما تحتاجه الرياض مع اقتراب 2018 الذي يمثل لها عاما شديد الحرج لاستعدادها خلاله لطرح شركتها النفطية العملاقة (أرامكو) في البورصة، للحصول على أموال لتمويل تحولات كبيرة خططت لتنفيذها.

‪تحذير من خطورة قيام واشنطن بملء فجوة الإنتاج بأسواق النفط العالمية‬  تحذير من خطورة قيام واشنطن بملء فجوة الإنتاج بأسواق النفط العالمية (رويترز-أرشيف)
‪تحذير من خطورة قيام واشنطن بملء فجوة الإنتاج بأسواق النفط العالمية‬  تحذير من خطورة قيام واشنطن بملء فجوة الإنتاج بأسواق النفط العالمية (رويترز-أرشيف)

ورأت الصحيفة الألمانية أن الدلائل العديدة على عدم دوام الرخاء النفطي طويلا، يقابلها خطر كبير ستواجهه السعودية هو فقدان مخزوناتها النفطية لقيمتها إن تم التحول عن الخام كطاقة تقليدية.

وأوضحت أن خسارة الاحتياطيات المالية السعودية خلال السنوات الثلاث الأخيرة ثلاثمئة مليار دولار وبقاءها حاليا عند 492 مليارا، قابله خفض وكالات التصنيف العالمية الرئيسية القدرة الائتمانية للمملكة الثرية خلال نفس الفترة.

وأشارت "دي فيلت" إلى أن مشكلات الرياض مع أسعار النفط المنخفضة أضيف إليها تصرف لاعبين كبار ومحايدين بسوق البترول العالمي -مثل النرويج– بشكل يهدد تحقيق السعودية ما تنتظره من عائدات بيع أرامكو.

وأعلنت النرويج أن صندوقها السيادي البالغ تريليون دولار لن يستثمر في أي مشروعات للنفط أو الغاز، ووجه هذا إشارة للمستثمرين العالميين أنه لا يوجد مستقبل وردي ينتظر مصادر الطاقة التقليدية، ورأت "دي فيلت" بهذا الإعلان ضربة قوية لخطط السعودية بشأن أرامكو.

استفادة الأميركيين
وقالت الصحيفة الألمانية إن اتفاق منظمة الأقطار المصدرة للنفط على إبقاء سقف الخفض الحالي بإنتاجها يخفي خطر قيام الولايات المتحدة بسد الفجوة الموجودة بالأسواق العالمية بإنتاج المزيد من السائل الأسود.

وأشارت إلى أن توقع الأسواق العالمية عدم ارتفاع سعر برميل النفط عن ستين دولارا أصبح مرتبطا بشكل كبير بتوجهات الولايات المتحدة وخطط شركاتها لإنتاج النفط الصخري.

وخلصت "دي فيلت" إلى أن استياء روسيا من تزايد دور الأميركيين بالأسواق وتحديدهم لحصتهم فيها، في وقت تبقي فيه أوبك الإنتاج عند وضعه الراهن، يفرض على الرياض إدراك أن الكرملين لم يعد قابلا بسيطرتها على مجريات الأمور داخل منظمة مصدري النفط.

المصدر : الصحافة الألمانية